الوضع المظلم
الثلاثاء ٢١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
سد النهضة.. الوصول للتفاهمات رغم صعوبة المفاوضات

خلال ثلاثة أشهر من المفاوضات المستمرة بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا حول سدّ النهضة، حققت إنجازات ضخمة بالتزامن مع صعوبة شديدة في التفاهم على تشغيل السدّ في إثيوبيا من دون إلحاق الضرر بدول المصبّ خصوصاً مصر.


وفشل أطراف "القضية" حتى الصيف الماضي في حل الأزمة، قبل أن تنضم واشنطن للمفاوضات كوسيط لحل الأزمة، حيث جعلت الأطراف يعملون تحت رعاية الولايات المتحدة وبمشاركة البنك الدولي، والإنجاز الثاني وضع الأميركيين مع الأطراف المعنية جدول للتوصل إلى اتفاق نهائي.


في حين تخطى الأطراف بمساعدة الأميركيين والبنك الدولي الحاجز الأهم، عندما أقرّوا "ملء سدّ النضة إلى ارتفاع 595 متراً عن سطح البحر في الدفعة الأولى، كما أقرّوا أن ملء السدّ لن يتسبب بضرر لدول المصبّ."


هذا ويعمل الأميركيون الآن مع الأطراف على إنهاء "الاتفاقيات التقنية". وبحسب أكثر من مصدر دبلوماسي في واشنطن، ربما يتمّ توقيع الاتفاق مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنهاية شهر فبراير الحالي، وبحضور رئيس مصر عبدالفتاح السيسي، ورئيس رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، ورئيس وزراء إثيوبيا أبيي أحمد.


وكان قد عقد المفاوضون اجتماعاتهم في مبنى وزارة الخزانة الأميركية وكانت الجولة الأخيرة هي الأطول حتى الآن، فهي لم تكن على الجدول أصلاً، لكن التأخير في التوصل إلى الاتفاقيات التقنية أجبر المفاوضين على العودة إلى واشنطن، وبدأوا جولة إضافية يوم 28 يناير، وكان من المقرر أن ينهوا اجتماعاتهم في اليوم التالي أي 29 يناير، لكنهم استمروا حتى يوم 30 يناير، وذكرت مصادر المفاوضين للعربية.نت أن الأطراف جلسوا حتى الساعة الأولى من فجر يوم 31 يناير.


فيما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي اتصل برئيس وزراء إثيوبيا أبيي أحمد، وقال إنه متفائل بالتوصل إلى اتفاق حول سدّ النهضة وإن الاتفاق سيكون مفيداً لجميع الأطراف.


وقال مصدر قريب من المفاوضين إن الطرف الإثيوبي كان يعرقل المفاوضات، ويتشدّد في مواقفه ويغلق الباب أمام أي ليونة من الأطراف، بالإضافة إلى ذلك، كان المفاوضون الإثيوبيون عند التوصل إلى تفاهمات بين المجتمعين من رؤساء الوفود، يتحججون بأنه من الضروري العودة إلى رئيس وزراء إثيوبيا ويجب السفر إلى أديس أبابا.


حتى إن وزير الخزانة الأميركية ستيفن مينوشن، قال مرة للمفاوض الإثيوبي، بحسب ما قال مصدر في واشنطن للعربية.نت "إنه لا يجب الانتظار حتى يذهب الأطراف إلى بلادهم ثم العودة، ولو أرادوا التشاور مع أبيي أحمد فما عليهم إلا استعمال الهاتف في الغرفة المجاورة".


أما عندما وصلت المفاوضات ليل 30 – 31 يناير إلى تفاهمات، وتأخر الطرف الإثيوبي في إقرار التفاصيل المتعلقة بملء السدّ على مراحل وآليات التعامل مع حالات الجفاف أثناء الملء والتشغيل، فقد أبلغت وزارة الخزانة البيت الأبيض بما حصل، حينها تدخّل الرئيس الأميركي من خلال الاتصال الهاتفي مع رئيس وزراء إثيوبيا.


يذكر أن الرئيس الأميركي أثبت مرات عديدة خلال تلك المفاوضات أنه منخرط فيها بالعمق، فهو استقبل الوفود المشاركة في البيت الأبيض مرتين، المرة الأولى في نوفمبر عندما اتفقوا على جدول مفاوضات في العاصمة الأميركية، والمرة الثانية عندما اتفقوا على ملء السدّ حتى ارتفاع 595 متراً وحفظ دول المصب من أضرار التعبئة. في حين كانت المرة الثالثة عندما وصلت المفاوضات يوم 31 يناير إلى عنق الزجاجة واتصل ترمب برئيس وزراء إثيوبيا.


كما أن الشخص الآخر الذي لفت الأنظار خلال مسيرة المفاوضات الأخيرة تلك، فهو ستيفن مينوشين، وزير الخزانة الأميركي الذي أدار المفاوضات بين الأطراف.


في حين قالت مصادر قريبة من المفاوضين إنهم "يستغربون، بإعجاب، قدرته أولاً على استيعاب الملف حال تكليف الرئيس ترمب له بذلك، خصوصاً أن الملف يتعلّق بقضايا ليست أصلاً من اختصاصه المالي بل بقضايا المياه وتوزيعها عبر الحدود، ثانياً أن الأمر شائك ويتعلّق بسيادة الدول وبقضايا تهدّد أمن ملايين الناس ويعتبرها الأطراف قضايا سيادية ووجودية".


ولعل من المفارقات الأغرب أن وزير الخزانة الأميركي وقع على هذا الملف صدفة، فهو كان في الغرفة خلال اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على هامش قمة الدول الصناعية السبع في بياريتز الفرنسية.


فيما نقل أحد الشهود أن الرئيس المصري طلب من الرئيس الأميركي التدخّل في الملف، فالتفت ترمب إلى يساره حيث يجلس الوفد الأميركي المرافق، وكان ستيفن مينوشن جالساً، فسأله الرئيس الأميركي إن كان يستطيع أخذ الملف على عاتقه، فوافق.


هذا وأكد الوفد المصري في بيان أنه وقّع على مسوّدة اتفاق وضعه الأميركيون، وينتظر الجميع أن يعود الوزراء للاجتماع منتصف الشهر إلى واشنطن لإنهاء المفاوضات، وهذا ما تريده واشنطن، فبرأي هذه الإدارة أن البدائل عن التوصل إلى اتفاق هو تهديد للأمن والاستقرار في منطقة شاسعة وحيوية يعيش فيها يعيش 250 مليون إنسان، وتريد إدارة ترمب تفادي أي نزاع واستباق وقوعه وليس انتظار الانفجار لمعالجته.


ليفانت-وكالات

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!