الوضع المظلم
الثلاثاء ٢١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
توافق في الرؤى بين فرنسا و
توافق في الرؤى بين فرنسا وقسد حول مُحاكمة الدواعش

قال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أمس الأحد، إن الجهاديين الأجانب الذين يحتجزهم مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية، لا يمكن محاكمتهم في العراق بسبب الاوضاع في هذا البلد، موضحاً ان مصيرهم بات ضمن التسوية السياسية في سوريا برعاية الأمم المتحدة، وأضاف لاذاعة فرانس انتر "اعتقدنا أنه من الممكن انشاء نظام قضائي محدد في ما يتعلق بالسلطات العراقية".


متابعاً: "نظراً إلى الاوضاع في العراق اليوم، فإن هذه الفرضية غير ممكنة على المديين القصير والمتوسط" في إشارة الى الاحتجاجات الشعبية والتي افضت الى استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قائلاً بأنه ينبغي "على المدى القصير، معالجة هذا الامر في إطار التسوية السياسية الشاملة التي بدأت ببطء شديد في جنيف منذ تشكيل اللجنة التنفيذية المكلفة تعديل السوري بهدف التوصل الى خارطة طريق للسلام في هذا البلد"، واضاف لودريان "عندما يحين موعد التسوية السياسية، فان قضية محاكمتهم ستطرح من دون شك".


قسد تؤيد..


ويبدو أن الرؤية الفرنسية للتعامل مع الدواعش قد طابت لقوات سوريا الديمقراطية، فغرد "مظلوم عبدي" قائدها العام بالتأكيد على أن قضية معتقلي داعش لا يمكن أن تحل إلا على طاولة الأمم المتحدة، وقال عبدي في تغريدة على حسابه الشخصي على موقع تويتر مساء أمس الأحد، إن حل قضية معتقلي داعش المحتجزين لدى قواتهم "مرتبط بحضور ممثلين حقيقيين للسوريين في جنيف.


وجاء في تغريدة عبدي قوله: "مؤكد أنه لا يمكن حل قضية ١٢ الف من معتقلي داعش لدينا إلا في جنيف وعلى طاولة الأمم المتحدة، وتقرير مصيرهم ضمن التسوية السياسية في سوريا برعاية الأمم المتحدة - كما صرح وزير الخارجية الفرنسي - مرتبط بحضور ممثلين حقيقيين للسوريين في جنيف."


النبع التركي..


ومع بدء العملية العسكرية التركية على شمال سوريا، أثار مصير الدواعش المعتقلين لدى قسد مخاوف العالم بأثره، ما دفع الامريكيين في العاشر من أكتوبر، للقول إن اثنين من المتشددين البريطانيين يُعتقد أنهما عضوَين في مجموعة يُطلق عليها اسم "البيتلز" ضمن تنظيم داعش، تم ترحيلهم من السجون السورية وهم محتجزون لدى الولايات المتحدة، بالتزامن مع تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كتب عبر "تويتر": "تحسباً لفقدان الأكراد أو تركيا السيطرة، لقد سحبت الولايات المتحدة مسلحين اثنين من "داعش" على صلة بقطع رؤوس في سوريا (ضمن مجموعة معروفة) باسم "بيتلز"، من ذلك البلد إلى مكان آمن تحت السيطرة الأمريكية"، واصفا الرجلين بأنهما "أسوأ السيئين".


جهود فرنسية..


ولا يعتبر الحديث الفرنسي جديداً في إطار الجهود الفرنسية للبحث عن الحل الأنسب لمحاكمة الدواعش، ففي السادس عشر من أكتوبر، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، اعتزامه التوجه إلى العراق، كي يناقش مع السلطات هناك إمكانية إنشاء جهاز دولي لمحاكمة عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي.


وقال لودريان، في مقابلة مع قناة بي.إف.إم الفرنسية: “نريد، وبالتعاون مع السلطات العراقية، أن نجد السبل اللازمة لإنشاء جهاز قضائي يكون له الصلاحية للحكم على مجموع المقاتلين وضمنهم المقاتلين الفرنسيين بالإضافة للحكم على أولئك الذين ألقت القوات العراقية القبض عليهم”، وتطابق الحديث الفرنسي مع نقاشات سبع دول أوروبية هي، فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وألمانيا وهولندا والسويد والدانمارك قبلها بعدة أشهر، حول إمكانية إنشاء محكمة دولية في العراق لمحاكمة مقاتلي تنظيم “داعش” الإرهابي.


انتقاد لتركيا وأمريكا..


ويقبع حوالي 12000 مسلح من “داعش” بينهم 3000 أجنبي في السجون التي يسيطر عليها مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية، إضافة لعدد كبير من عائلاتهم، وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية، خلال الهجوم التركي فرار حوالي 800 شخص من أفراد عائلات “داعش” من مخيم في عين عيسى.


وحول المخيمات المذكورة، استكمل لودريان حديثه المذكور آنفاً: “هذه المخيمات ليست مهددة حتى اللحظة وهي تحت سيطرة الأكراد. بحسب معلوماتي وفي الوقت الحالي فإن الهجوم التركي وتموضع قوات سوريا الديمقراطية لم يؤديا إلى تشكيل تهديد على الأمن والسلامة اللازمتين”، وتابع  وزير الخارجية الفرنسي: “نخشى أن تخرج هذه المخيمات عن سيطرة الأكراد. هناك خطر حقيقي ولهذا السبب سأتوجه قريباً الى بغداد”، منتقداً الهجوم التركي على قسد والأكراد في سوريا.


كما انتقد الوزير الفرنسي أيضاً الانسحاب الأميركي، معرباً عن خشيته من ظهور تنظيم “داعش” مجدداً، قائلاً: “الهجوم التركي الذي تزامن مع الانسحاب الأميركي والذي لم يكن أمراً مفاجئاً، يضع المنطقة في وضع مأساوي ويهدد أمننا. لقد اعتبرنا بأنه تمت هزيمة تنظيم داعش لكن ليس هذا هو واقع الأمر. الهجوم التركي والانسحاب الأميركي سيعطيان كل الإمكانيات اللازمة لظهور داعش مجدداً”.


تحذيرات أوروبية..


فيما حذر خبراء في الشؤون الداخلية بألمانيا في الأول من نوفمبر، من خطر أنصار تنظيم داعش الألمان العائدين من سوريا، وطالب نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر، شتيفان توماه، الحكومة الألمانية بالتأهب في أسرع وقت ممكن للتعامل مع عودة محتملة لأنصار داعش الألمان الذين وقعوا بالأسر بشمال شرق سوريا، وقال في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه "لا ينبغي للحكومة الألمانية أن تختبئ بعد الآن وراء حجة أنه ليس لديها حالياً تمثيل قنصلي في سوريا"، موضحاً أن هناك في النهاية "علاقات واقعية" بالحكومة المحلية للأكراد (في إشارة إلى الإدارة الذاتية التي تتشكل من مختلف مكونات شمال سوريا).


وكان رئيس الاستخبارات الألمانية الخارجية، برونو كال، ذكر خلال استجواب للجنة بداية نوفمبر، أنه منذ بدء الهجوم التركي على شمال شرق سوريا، تزايد خطر عودة مقاتلي داعش الألمان إلى بلدهم بسبب تراجع الرقابة على معسكرات الاعتقال من قبل قوات سوريا الديمقراطية، وأشار كال في المقابل إلى أنه لا يوجد حتى الآن تقارير عن محاولات فرار ناجحة، على الأقل فيما يتعلق بالرجال المعتقلين.


وأخرى أمريكية..


ويبدو أن التحذير الألماني قد لاقى صداه في واشنطن وإن متأخراً، فحذر المنسق الأميركي لمكافحة الإرهاب، نايثان سيلز في الخامس عشر من نوفمبر، الدول من سيولة الوضع في سوريا بما يعني احتمال فرار مقاتلي داعش، الذين تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية وقال: "إنها سوريا. كلنا نعلم أن الأمور هناك قد تتغير في طرفة عين"، وذلك خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في التحالف العالمي ضد داعش في واشنطن لمناقشة الخطوة المقبلة في مواجهة التنظيم المتشدد، عقب مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي في غارة أميركية شمال غربي سوريا، ضمن إدلب الخاضعة عملياً للنفوذ التركي.


إيقاف الابتزاز..


وقد دفعت جملة الاحداث المتسارعة التي وقعت في شمال سوريا عقب الهجوم التركي، وتهديد تركيا بفتح المجال للاجئين بالتوجه إلى أوروبا، التي يساورها الخوف من استغلال المتطرفين لذلك، للعبور بصفة لاجئين إليها وتنفيذ عمليات إرهابية فيها، ومن ثم تهديد أنقرة بترحيل الدواعش لديها إلى بلادهم، بالقائد العام لقوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي لإتهام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بابتزاز العالم بقضية مسلحي داعش المعتقلين لدى سلطات أنقرة.


وأشار عبدي في السابع عشر من نوفمبر، أن الحل لإيقاف الابتزاز التركي هو إنشاء محكمة دولية شمال شرق سوريا، لمحاكمة عناصر التنظيم عن الجرائم التي ارتكبوها، وأوضح أن لدى قوات سوريا الديمقراطية ، وثائق تؤكد استخدام أنقرة لعناصر التنظيم في غزوها للشمال السوري، لكن الوثائق تلك لا يبدو أنها جديدة، ولا يقتصر وجودها على قسد، حيث ذكرت العديد من التقارير في وقت سابق تسهيل تحرك الإرهابيين عبر الحدود التركية مع سوريا، بالإضافة إلى تأمين شراء البترول من هؤلاء حينما سيطروا على بعض أنابيب النفط في سوريا.


ضعف أوروبي..


وعلى الرغم من توافق الرؤى بين الجانبين الفرنسي وقسد، لكن يبدو أن الموقف الأوروبي ليس بالقوة التي تسمح له فرض رؤاه للحل في سوريا، سواء بالنسبة لقضية معتقلي داعش أو غيرها، إذ تتوجه الأنظار الأوروبية دائماً إلى الجانب الأمريكي، وتلتزم بما يتم إقراره في واشنطن أو تكتفي بالحياد، في ظل عدم  رغبتها على الدخول في مواجهات سياسية كبيرة، كالتي وصف فيها الرئيس الفرنسي الناتو بالميت دماغياً، والتي أثارت ردود فعل تركية وأمريكية غاضبة ومستهجنة.


ويبدو أن قضية محاكمة الدواعش سوف تبقى معلقة لحين التوصل إلى توافق أمريكي أوروبي واضح وصريح حول كيفية التعامل مع السلطات المحلية في شمال سوريا المعروفة بمسمى "الإدارة الذاتية"، سواءاً أكان الإعتراف بها كسلطات شرعية وبالتالي إنشاء محكمة دولية هناك، أو المُماطلة حتى تستكمل تركيا سيطرتها على باقي المناطق التي لم تخضع لها، وبالتالي وضع الدواعش في عُهدة أنقرة، وهي عُهدة تبدو الأنسب والأقرب للدواعش.


ليفانت-خاص


متابعة وإعداد: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!