الوضع المظلم
الإثنين ٠٦ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • في إيران.. العسكر يتحكّمون بالساسة أحياءً كانوا أم أمواتاً

في إيران.. العسكر يتحكّمون بالساسة أحياءً كانوا أم أمواتاً
ظريف وسليماني

في نهاية أبريل الماضي، أفاد موقع "إيران إنترناشيونال" المعارض، بحصوله على ملف صوتي لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أشار فيها إلى تدخلات قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس، وأنه "ضحى بالدبلوماسية من أجل العمليات الميدانية للحرس الثوري"، وأشار الموقع، إلى أنّ "المقابلة التي استمرت أكثر من 3 ساعات مع الاقتصادي الموالي للحكومة، سعيد ليلاز، وأجاب ظريف فيها على أسئلة حول "سياسات وزارة الخارجية خلال فترة ولايته".


تلك التصريحات أشعلت حرب تصريحات بين أركان النظام الإيراني، الذي يتحكم فيه العسكر بالساسة، وبشهادة كبير دبلوماسييهم وزير الخارجية، الذي أكد أنّ نفوذه في السياسة الخارجية للبلاد كان صفراً، مقارنة مع نفوذ سليماني.


رئيسي وسليماني


مُحاولات فاشلة للتأويل


وقد علق المتحدّث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، ، على التسريب، محاولاً تقديم تفسير قد يرفع الحرج عن ظريف، والأهم يفند حقيقة تحكم العسكر بالساسة في النظام الإيراني، فقال إن "الملف الصوتي الذي نشر عن ظريف هو ملف مجزأ ومجموعة مختارة من محادثة داخلية مدتها 7 ساعات، ولا تعكس بأي حال من الأحوال مستوى الاحترام والمديح الكبير والتقدير الذي تحدث به وزير الخارجية في المحادثة حول حكمة ورشادة الشهيد سليماني والدور الفريد من نوعه الذي لعبه في النجاحات التي حققتها إيران في المنطقة"، على حدّ قوله.


لكن ورغم ذلك، ما لبثت أن بدأ النزاع بين أقطاب السلطة في طهران، بين من أراد تصديق ومن لم يرد تصديق ما قاله ظريف، فأكد عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، أمير أبادي فراهاني، أنّ "البرلمان سيحقق في تسريب معلومات سرية عن البلاد في قناة معادية لإيران"، وأنهم "سيقدمون خونة الشعب والبلد إلى القضاء"، ليضحى معها ظريف في دائر الاتهام، وليس بأي تهمة، بل بالخيانة مرةً واحدة.


اقرأ أيضاً: إسرائيل تشقّ ذات البَين الإيرانية.. بهجمات في عقر دارها


فيما ردّت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، المقربة من الحرس الثوري، على تصريحات ظريف عبر عدد من المقالات، وقالت في أحد تلك المقالات إنه "لم يكن خفياً على أحد المواقف واختلافات ظريف مع التوجه العام للثورة الإيرانية، وبالطبع أصبحت أكثر وضوحاً بهذا التسريب الصوتي". العسكر 


بينما كتبت وكالة "فارس" في مقال، إن "ظريف في هذا التسريب وعبر مواجهته بطل الميدان، أي قاسم سليماني، وصل إلى حدود الدمار السياسي"، وأضافت أنّ "لصوص وناشري هذا الملف الصوتي سعوا وراء هدفين، الأول إلقاء اللوم على الميدان، أي دور الحرس الثوري في المنطقة، في حال فشل مفاوضات الاتفاق النووي، والثاني إظهار أن رئاسة الجمهورية لا دور لها في إدارة البلاد، وأن المشكلات لا تحل بتغيير الرئيس".


مؤامرة تستوجب الملاحقة


وكالعادة، فعند ظهور أي فضحية في أي نظام شمولي، يسعى فوراً إلى اتهام الخارج بالتآمر عليه وتحضيرها، حتى لو كانت تلك الفضيحة من لدن النظام نفسه، وهو ما ذهب إليه المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، والذي قال، في السابع والعشرين من أبريل: “نعتقد أن سرقة المستندات هي مؤامرة ضد الحكومة، والنظام (السياسي للجمهورية الإسلامية)، ونزاهة المؤسسات المحلية الفاعلة، وأيضاً مؤامرة على مصالحنا الوطنية”، مضيفاً: “أمر الرئيس وزارة الأمن (الاستخبارات) بتحديد الضالعين في هذه المؤامرة”.


فيما زعم إسحاق جهانغیري، النائب الأول للرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، في الثلاثين من أبريل، أن تسريب تصريح ظريف، قد يكون ناجماً عن "مؤامرة سعودية إسرائيلية"، قائلاً: "أعتقد أنّ هناك مؤامرة سعودية إسرائيلية مع قناة إيران إنترنشونال لإشغال البلاد بقضية أخرى بينما نخوض مفاوضات في فيينا مع خمس قوى كبرى"، على حدّ وصفه.


اقرأ أيضاً: إجماع أوروبي على مُواجهة خطرها.. عداء موسكو يوحد القارّة العجوز


لكن ما دحض فرضية المؤامرة، هو ردة فعل وزير الخارجية الإيراني على الهجمات التي تعرّض لها على خلفية التسريب الصوتي، حيث نشر ظريف مقطعاً صوتياً من التسريب نفسه عبر تطبيق "إنستغرام"، قال فيه: "أعتقد أننا لا ينبغي أن نعمل من أجل التاريخ.. دعونا لا نقلق بشأن التاريخ، دعونا نخشى من الله والناس"، وهو ما يشير بجلاء إلى إيمان ظريف بكل ما جاء في التسريب، حول تحكم سليماني بالخارجية الإيرانية. العسكر 


دعوات لمحاسبة ظريف


لتتفاعل القضية أكثر من خلال المطالبات بمحاسبة ظريف، إذ دعا النائب في البرلمان الإيراني، حسین حق وردي، ظريف إلى تقديم استقالته من تلقاء نفسه أو مواجهة "إقالة حتمية" بعد استجوابه في البرلمان، قائلاً: "من الأفضل لظريف تحكيم العقل والاستقالة من تلقاء نفسه، لأنّ البرلمان سيستدعيه للاستجواب وستكون إقالته حتمية".


فيما ردت زينب سليماني، ابنة قاسم سليماني، على ظريف، قائلةً في "تويتر": "تكلفة الميدان في سبيل الدبلوماسية"، مرفقة التغريدة بصورة ليد والدها بعد اغتياله مباشرة، حيث قتل سليماني وأحد متزعمي مليشيا الحشد الشعبي العراقي، وهو أبو مهدي المهندس، وعدد من المسؤولين الإيرانيين والعراقيين بغارة أمريكية استهدفت موكبهم على طريق مطار بغداد، في الثالث من يناير 2020.


اقرأ أيضاً: السدود والمياه.. حربٌ تتقنها تركيا في دول الإقليم


فيما شجب ظريف في رسالة له على موقع "إنستغرام"، اللغط الذي أثير بخصوص حديث غير علني له سرب إلى وسائل الإعلام، زاعماً أن "هذا الحديث هو بحث نظري سري حول ضرورة تفعيل الدبلوماسية والميدان الهدف منه هو نقل تجربة ثماني سنوات إلى المسؤولين المستقبليين، لكن المؤسف أن هذا الحديث تحول إلى مناوشات داخلية واستغلّه البعض للانتقاد الشخصي".


ليضطر ظريف تحت وقع الاتهامات التي وصلت إلى حد الخيانة، لتقديم اعتذاره لسلماني، في الثاني من مايو، عندما قال ضمن رسالة من خلال تطبيق "إنستغرام"، إن ما انتشر طيلة هذا "الأسبوع المرير" من تسريبات، لم يكن مقصوداً منه، ولم تكن هناك أي نية لعرض كلامه على نطاق واسع، أو حتى محدود. العسكر 


اقرأ أيضاً: أنقرة وداعش.. مُحاولات لتبييض الصورة تدحضها التقارير والمنطق


وزعم أنه "لم يقلل على الإطلاق من عظمة سليماني ودوره الذي لا غنى عنه في استعادة أمن إيران والمنطقة والعالم"، مدّعياً أنه لو علم أن جملة من تلك التي قالها كانت ستنشر على الملأ، لما تفوه بها"، وعليه أثبتت إيران للعالم، أن العسكر يتحكمون بالساسة، ليس في حياتهم فقط، بل حتى بعد موتهم، إذ يبقى الاقتراب منهم بالنقد أو اللوم مُحرّماً، في دولة ولاية الفقيه ونظام الملالي.


ليفانت-خاص ليفانت


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!