الوضع المظلم
السبت ١١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • إيران ومقصلة الاقتصاد.. لهث حكومي لرفع العقوبات وتململ شعبي

إيران ومقصلة الاقتصاد.. لهث حكومي لرفع العقوبات وتململ شعبي
إيران


لطالما كانت الشعوب رافضة للعدوان عليها، ولطالما حقّ لها استخدام ما تراه مناسباً في وجه المعتدين، الراغبين بالاستحواذ على مقدرات بلادهم، أو فرض أجنداتها عليهم، إذ يشرع القانون الدولي الكثير من الوسائل، التي يمكن من خلالها للشعوب التعبير عن رفضها لما تتعرّض له من تآمر يحاك في غرف سوداء، بقصد الإساءة إلى بلادهم أو النيل من مكانتها. المُقاطعة 


ومن تلك الوسائل، الاحتجاج السلمي والتظاهر أمام السفارات، وتوجيه الرسائل إلى المؤسسات الدولية، أو مخاطبة الدولة المعتدية بشكل مباشر، ولعل ذلك ما دفع كثيراً من الشعوب المستهدفة من جانب تركيا وسياساتها التدخلية في صراعات الدول المجاورة الإقليمية، أو مساعيها لتوسيع نفوذها على تنظيمات الإسلام السياسي، إلى إعلان حملات المقاطعة للبضائع التركية، وهو ما بدء به في الكُرد شمال سوريا لدى مهاجمة المناطق الخاضعة لـ”قوات سوريا الديمقراطية”، منذ يناير العام 2018، في عفرين، وتكرر لاحقاً في شرق الفرات، ثم انتقل إلى أرمينيا فيما بعد عبر حملات مماثلة، صوّرت أي شراء للبضائع التركية على أنّه تزويد للغازي بمُمكنات مُواصلة الغزو، إذ يدرك القاصي والداني بأنّ تركيا تعتبر المُحرّض الأساس لباكو، بغية العدوان على إقليم آرتساخ/ قره باغ، ووصلت الحملة أخيراً إلى المملكة العربية السعودية.


ففي الرياض


أعلن رئيس مجلس الغرف السعودية، رئيس غرفة الرياض، عجلان العجلان، في الثالث من أكتوبر الجاري، أنّ مقاطعة المنتجات التركية التي تشمل “الاستيراد، أو الاستثمار، أو السياحة” تعدّ مسؤولية كل فرد سعودي، سواء كان تاجراً أو مستهلكاً، مؤكداً ذلك بالقول: “مقاطعة تلك المنتجات ردّ على العداء المستمرّ من الحكومة التركية على قيادتنا وبلدنا ومواطنينا”، وذلك عبر تغريدة على حسابه الشخصي في تويتر، ولاقت تفاعلاً من المواطنين، الذين أكّدوا أنّ مقاطعة المنتجات التركية من المواطنين تعدّ الردّ المناسب للأتراك عقب تدخلاتهم منذ زمن طويل، مؤكدين في مجمل ردودهم على التغريدة.


 


وأشار العديد منهم إلى أنّه قام بمقاطعة المنتجات التركية منذ فترة طويلة، وبينوا أنّ المصانع والأسواق المحلية الضخمة قادرة على سدّ المنتجات التركية واستبدالها بمنتجات محلية، بينما طالب مجموعة من السعوديين برفع ضريبة الواردات على المنتجات التركية بنسبة 300 %، عما كانت عليه سابقاً، وقام بعضهم بإيضاح الباركود المختصّ بالمنتجات التركية الذي يبدأ بـ869 للتسهيل على المواطنين معرفة المنتجات التركية ومقاطعتها.


تهاوي الليرة التركية


ولا يمكن التقليل من وقع المقاطعة السعودية، حيث تعاني الليرة التركية بالأساس في العام الأخير مستويات متدنية قياسية، بانخفاضها 62.55 % عما كانت عليه قبل 5 سنوات فقط، إذ كانت تكلفة الدولار 2.91 ليرة، إلا أنّ السياسات غير الحكيمة لتركيا ساهمت في تراجع العملة إلى مستويات قياسية، وفي الصدد، ذكر بيرول إدمير، الرئيس السابق لمكتب الإحصاء التركي والمعارض السياسي حالياً، في الرابع من أكتوبر الجاري، أنّ المعطيات الاقتصادية التركية بالوقت الراهن “منفصلة عن الواقع” حيث يجري اختيار مسؤولي مكتب الإحصاء وفق معيار الولاء للحكومة وليس على أساس الكفاءة والاستحقاق، وقد أوردت “بلومبرج” عن إدمير ذكره “عندما تتلاعب بالبيانات فإنّك تسير في الطريق اليوناني”، في إشارة إلى تلاعب الحكومات اليونانية بالبيانات الاقتصادية  في العقد الأول من القرن الراهن، مما أدّى إلى تفجّر أزمة مالية طاحنة في اليونان عام 2009.


من جانبه، عدّ فائق أوزتراك، المتحدّث باسم حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا، في العاشر من أكتوبر، أنّ زيارة الرئيس أردوغان لدولة قطر غرضها طلب المال، نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، لافتاً إلى أنّ الرئيس التركي هرع إلى الدوحة بسرعة قصوى نتيجة تحطيم الدولار أرقاماً قياسية في تركيا، محذراً الأخير من أنّ “الذي يتلقّى أموالاً من الخارج يعتاد على تلقّي الأوامر أيضاً، لذا نرى أنّ أمير قطر بات ينظر إلى أردوغان بدونيّة كلما طلب منه الأموال”، بينما انتقد زعيم حزب الشعب الجمهوري، كليجدار أوغلو، زيارة الرئيس أردوغان إلى قطر، ووصفها بالمهينة، واصفاً أنّ سبب الزيارة طلب المال. 


أما البنك المركزي التركي، فقد ذكر في الثاني عشر من أكتوبر، أنّ عجز ميزان المعاملات الجارية في أغسطس آب، ارتفع إلى 4.631 مليار دولار، وفق ما نشرت “رويترز”، وهو ما اعتبر ارتفاعاً عن توقع رويترز للعجز عند 4.6 مليار دولار، فيما كان قد بلغ عجز ميزان المعاملات الجارية، في يوليو الماضي، 1.943 مليار دولار، بينما كان قد بلغ في العام 2019، فائض ميزان المعاملات الجارية التركي 1.674 مليار دولار.


المقاطعة تتكرر في أرمينيا


وسرعان ما وصل صدى الحملة السعودية إلى أرمينيا، التي تعاني هي الأخرى من المحاولات التركية للنيل منها، عبر التدخل في صراع كان خادماً منذ قرابة الثلاثين عام، وتوجد مجموعة دولية، هي مجموعة مينسك، متكلفة بحلها، بيد أنّ إصرار أنقرة على إشعال المنطقة وإحراق كلما في جوارها بما يمهد لها التمدّد وتوسيع مناطق النفوذ، وصل إلى إقليم آرتساخ/ قره باغ، المُتمتّع بحكم ذاتي معلن من طرف واحد من قبل أهالي تلك المنطقة، وهم في غالبيتهم من الأرمن.


اقرأ أيضاً: “حظر السلاح” بين العنجهيّة الإيرانية والهيبة الأمريكية.. كفتان لا تتساويان


هذا وتقدمت حكومة أرمينيا، في السادس عشر من أكتوبر، بمبادرة لحظر استيراد البضائع التركية بشكل مؤقت، إذ شدّدت وزارة الاقتصاد الأرمنية خلال بيان، إلى أنّ المقترح الذي طرحته على النقاش يوجب فرض حظر على استيراد السلع تركية الصنع لمدة ستة أشهر، اعتباراً من 31 ديسمبر القادم، لافتةً إلى أنّ الإجراء يأتي على خلفية دعم أنقرة العلني لأذربيجان في “عدوانها وعملياتها الإرهابية” ضد جمهورية قره باغ المعلنة ذاتياً والمدعومة من يريفان.


ونوّهت الوزارة إلى أنّ ذلك الإجراء يمنع أنقرة من تحقيق الأرباح التي تتيح لها استخدامها لاحقاً في دعم حملة أذربيجان في قره باغ، و”يحول دون تسلل تهديدات مختلفة إلى أراضي أرمينيا”، لافتةً إلى أنّها تعتزم استبدال الواردات التركية بالبضائع المستوردة من دول أخرى ومحلية الصنع، مُلقيةً بالمسؤولية على أنقرة، عن عرقلة استعادة الاستقرار في المنطقة.


الاقتصاد يعكس سياسات الدول


لا يستطيع أيّ مراقب إنكار الدور السلبي للسياسات التركية بقيادة أردوغان على الاقتصاد وقيمة الليرة التركية، التي تواصل التهاوي بشكل مستمر، حيث وصلت بتاريخ الرابع والعشرين من أكتوبر إلى 7.96 ليرة تركية مقابل الدولار الواحد، فيما تكسب الدول التي تنتهج سياسات عقلانية، مُنصبة على بناء الداخل، وعدم الخوض في صراعات الدول الأخرى، على المزيد من المكاسب، وهو ما يمكن الإشارة إليه من إعلان مجلس الوزراء المصري، في الرابع عشر من أكتوبر، عن أنّ البلاد أنجزت فائضاً أولياً في الميزانية وصل إلى 100 مليون جنيه (6.39 مليون دولار) في الربع الأول من السنة المالية 2020-2021.


وقد وذكر وزير المالية المصري، محمد معيط، أنّ الصورة الكلية لتلك الفترة بينت استقرار المؤشرات المالية، حيث حققت الموازنة فائضاً أولياً بسيطاً قدره 100 مليون جنيه، على الرغم من التأثر الكبير بتداعيات جائحة كورونا، وما جرى من تلبية لكافة احتياجات قطاع الصحة، إلى جانب زيادة الاستثمارات الحكومية بشكل كبير، وسداد جميع مستحقات صناديق المعاشات. المُقاطعة 


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!