-
إدلب وسيزر والإبادة.
مع توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على" قانون سيزار" القاضي بمعاقبة نظام الأسد، وكل من ارتكب مجازر ضد الشعب السوري، دخلت القضية السورية منعطفاً جديداً يمكن البناء عليه. يطال القانون كل من يدعم هذا النظام، دولاً ومؤسسات وأفراداً. النقطة المهمة أيضاً، أن القانون جعل من سورية قضية أمريكية داخلية. لأن قانون سيزر قانوناً أمريكياً. بغض النظر عن آليات استخدامه من قبل السياسة الأمريكية. بغض النظر أيضاً عن قيام السياسة الأمريكية بتطبيقه الآن أم لا. لكن قوننة القضية السورية أمريكاً، هي الخطوة الأولى التي يمكن البناء عليها من أجل جعلها قضية إنسانية عالمية مقوننة. ربما على طريقة تطور قضية الهولوكست منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. صار للقضية سنداً قانونياً.
كما قلت بغض النظر عن كيفية تعامل السياسة الأمريكية معه. هذه السياسة التي حمت الإبادة الأسدية بحق شعبنا السوري منذ انطلاق الثورة السورية آذار 2011 وحتى اللحظة. مشكورة الجهود التي عملت على إقراره والعمل من أجل ذلك. سواء كانت سورية أم أمريكية. لكن هذا يتطلب منا جميعاً العمل أكثر من ذي قبل، لجعل هذا القانون دولياً من جهة وعالمياً بالمعنى الإنساني من جهة أخرى، أو على نفس الوتيرة وفي نفس السياق الإنساني. هذا بالطبع يلقي مسؤولية إضافية على كل من ساهم من إخراج هذا القانون للنور أمريكياً أيضاً. إذا كانوا معنيين بجدوى عملهم حتى النهاية. صحيح أيضاً أن القانون أقر نتيجة لمساومات كثيرة بين الفاعلين السياسيين في أمريكا، والكونغرس خصوصاً. إلا أن هذا لا يلغي أن هنالك جهات داخل هذه النخب تريد فعلاً العمل من أجل القضية السورية، كما تراها هي ووفقاً لمصلحة أمريكا كما تراها ايضاً. لكن بالنسبة لنا كسوريين. هي خطوة أولى، يجب العمل عليها. إلا أنه في الوقت التي تم القيام بخطوات إقراره في الكونغرس وتوقيع الرئيس ترامب عليه وحتى اللحظة إدلب تباد من قبل الروسي والأسدي. مجازر ترتكب هناك بفضل الطيران والصواريخ الروسية. مما يخلق جواً من عدم رؤية أية شمعة في آخر نفق قانون سيزر. خاصة أن الإدارات الأمريكية لم تكترث يوماً بضحايا الأسد والروس والإيرانيين من أبناء وأطفال شعبنا. إنها خلفية سيئة لقانون سيزر!! في ذاكرة السوريين.
على طريقة" إننا لم نر منك يا أمريكا سوى الموافقة على قتلنا كسوريين منذ تسع سنوات". حيث القانون نفسه يؤكد، مشاركة كل دول العالم في دفن ثورة السوريين، حلمهم بالتخلص من نظام طائفي مجرم، والعيش بسلام وحرية. هل كانت تحتاج النخب الأمريكية كل هذا الدم السوري لتقر هذا القانون؟ الأخطر أن الإبادة لاتزال مستمرة في إدلب. على مذا يدل ذلك؟
إما أن الضوء الأخضر الأمريكي مايزال مفعلاً، لبوتين والأسد وخامنئي من أجل استمرار إبادتنا، أو أن بوتين والأسد وخامنئي قرروا المضي قدماً في المقتلة، علها تتيح لهم الاستفادة من هذا الضوء الأمريكي حتى أقصى مدى ممكن. إذا لم توقف أمريكا القصف الهمجي على أهلنا في سراقب ومعرة النعمان وبقية ريف إدلب الشرقي الجنوبي. فإننا أمام استمرار الضوء الأخضر الأمريكي بالإبادة، لكن بوسائل ضغط أخرى منفتحة على ما تريده أمريكا من قانون سيزر فقط وفقط أمريكياً. بمعنى إن ما صرّح به جون كيري عام 2015 حول مصير إدلب بأنها ذاهبة نحو الإبادة، لايزال ساري المفعول. أي باختصار لايزال التأسيس الأوبامي للمقتلة السورية هو المعمول به رغم صدور هذا القانون. مع ذلك لا مجال أمامنا سوى العمل كل من موقعه، وإمكانياته من أجل محاصرة هؤلاء قدر الإمكان، بهذا القانون. وما يمكن ان يتم من خطوات من أجل تطوير مفاعيله.
إدلب تحت هذه الهمجية الروسية الأسدية. تدفع ثمن السياسة التركية أيضاً. لايزال رأيي كما هو، أن الضمانة التركية في أستانة لإدلب هي مجرد غطاء لمكتسبات أردوغانية فقط!! لا أصدق أن أردوغان غير قادر على التوصل لاتفاق مع الروس بخصوص إدلب، من أجل حقن دماء أهلنا هناك. أم أنه يريد التخلص من جبهة النصرة وفقاً لضوء أخضر أمريكي جديد!! على يد الروس والأسد، ويرسل مرتزقة الجيش الوطني للمناطق الكردية أو يرسلهم لليبيا!! في هذا السياق لابد دوماً، من شكر الشعب التركي على ما فعله مع شعبنا. رغم ما نعيشه نتيجة لسياسات اردوغان وطاقمه.
غسان المفلح
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!