-
مشهد ثري بالكفاءات: نجاح الكوادر السورية الطبية والهندسية في ألمانيا
"تدفق اللاجئين من بلدانهم نتيجة للأزمات الإنسانية يشكل نزيفًا للثروة الوطنية، كما نراه في سياق الأزمة السورية الحالية. لكن على الرغم من الأثر السلبي على البلد المصدر، يمثل اللجوء في كثير من الحالات فرصة ذهبية للدول المستقبلة، تجسد المثل الشهير "مصائب قوم عند قوم فوائد". يعاني اقتصاد بعض الدول، مثل الاقتصاد الألماني، من حاجة ملحة للعمالة المؤهلة.
فإعداد الطبيب السوري لا يقلل عن مليون دولار، وتشمل تكاليف الدراسة والبنية التحتية التعليمية والتدريب الذي يسبق حصوله على شهادة ممارسة المهنة. وبالنسبة للمهندس، تتراوح التكلفة بين نصف إلى ثلاثة أرباع مليون دولار. تلك الأموال التي تُنفق في سبيل تأهيل هؤلاء الكفاءات، والتي بلغت حوالي 8 مليارات دولار خلال السنوات الأربع الأولى للحرب، أصبحت جزءًا من "مشروع ثروة هاربة"، حيث انتقلت إلى مختلف الولايات الألمانية.
يضطر اللاجئون لأسباب قاهرة إلى ترك بلدانهم وتعدد الأسباب وفي مقدمتها الحروب والفقر والاضطهاد السياسي والاجتماعي، غير أن اللجوء أو الهجرة الجماعية مثل ماهو حاصل حاليا، يشكل نزيفا لا يمكن تعويضه لهذه البلدان، وفي المقابل فإن الهجرة تشكل في حالات كثيرة رحمة للدول المستقبلة للاجئين، لاسيما التي تعاني من شيخوخة مجتمعاتها وقلة الولادات فيها.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك الأطباء والمهندسون السوريون في ألمانيا، فخلال الأزمة السورية لجأ إلى ألمانيا 5 آلاف طبيب سوري وما يقارب هذا العدد من المهندسين أيضا، ويعني ذلك أن نحو 8 مليارات دولار أنفقتها سوريا على تأهيلهم انتقلت عبر هؤلاء إلى مختلف الولايات الألمانية.
اقرأ المزيد: ثوران بركاني يضرب جنوب غرب آيسلندا: إخلاء مدينة وإغلاق منتجع سياحي
وهو رقم يزيد على تكاليف استيعاب اللاجئين السوريين وغير السوريين الذي خصصت له الحكومة الألمانية 6 مليارات دولار. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن القسم الأكبر من هؤلاء دخل بالفعل سوق العمل والقسم المتبقي يعد نفسه لذلك، فإن بضعة مليارات أخرى سترفد الناتج المحلي الإجمالي الألماني بمزيد من الازدهار خلال السنوات القليلة القادمة. في هذا السياق يتحدث عدد من الخبراء الألمان عما يسميه بعضهم "أسطورة الطبيب السوري" الذي يتمتع بسمعة ممتازة في ألمانيا بسبب مستوى تأهيله الذي يعادل نظراءه في أوروبا، وهو الأمر الذي يساعده على الاندماج في سوق العمل الألماني والأوروبي بسهولة.
إذا اعتبرنا أن الجزء الكبير من هؤلاء المهنيين دخل بالفعل سوق العمل وأن الباقي يستعد للقيام بذلك، فإن المزيد من الأموال ستسهم في ازدهار الناتج المحلي الألماني خلال السنوات القادمة. يُشير خبراء ألمان إلى "أسطورة الطبيب السوري"، حيث يحظى الأطباء السوريون بسمعة ممتازة في ألمانيا بسبب تأهيلهم الذي يعادل المعايير الأوروبية، مما يسهل اندماجهم في سوق العمل الألماني والأوروبي.
على الرغم من هذا الإيجابي، يظهر أن تدفق اللاجئين إلى ألمانيا يشكل تحديات اقتصادية واجتماعية. تحتاج الدولة إلى بنية تحتية باهظة التكلفة لتلبية احتياجات الحياة الكريمة للمهاجرين، وخاصة في مجالات الإسكان والتعليم والصحة. يُعد تحقيق التوازن بين الاحتياجات المتزايدة ومخاوف بعض شرائح المجتمع الألماني من تراجع فرص العمل وتزايد التنافسية هو تحدٍ إضافي. ومع ذلك، يرى مسؤولون ألمان أن الهجرة ضرورية لمواجهة تحديات الديمغرافيا الخطيرة، وللحفاظ على النمو الاقتصادي.
تقدر الهيئات الألمانية المعنية أن الاقتصاد يحتاج إلى ما يقرب من مائة ألف كفاءة أجنبية في الوقت الحالي. وفي هذا السياق، يطالب بعض الخبراء بتشديد القوانين المتعلقة بالهجرة وتقديم الدعم اللازم لجعل ألمانيا مقصداً للكفاءات من خارج الاتحاد الأوروبي. في النهاية، يُظهر التاريخ أن الهجرة المنظمة كانت عاملاً أساسيًا في تطوير البلدان، ويبدو أن ألمانيا تستعد لاستخدام هذا العنصر لتحقيق التقدم والازدهار.
المصدر: التلفزيون الألماني
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!