-
أكتوبر نصف قرن بنكهة مصرية عربية
مرت 50 عاماً بالتمام والكمال، على ذكريات بقيت قوية عتيدة لكرامة العرب أجمع انتصاراً على إسرائيل العدو الأكبر، رغم معاهدات السلام والتطبيع وغيرهما من (ممانعة ومصالحة)، كونها الدُرة الرابعة في حروب العرب وإسرائيل بعد حروب أعوام: 1948 و1956 و1967 .فعربياً نُطلقُ عليها "حرب الكرامة" وهي "حرب العاشر من رمضان" أو "السادس من أكتوبر"، لكن إسرائيلياً وغربياً هي حرب "يوم كيبور" أو "عيد الغفران"، لتكونُ لحظة فارقة في الشرق الأوسط وملحمة تاريخية بعد 50 عاما، غيرت الواقع وشكلت المستقبل بعد نكسة 1967 القاصية.
وفي ذكرى مرور نصف قرن على انتصار أكتوبر 1973 ما زالت إسرائيل هي "العدو"، في وقت كانت أميركا تسعى إلى الحيلولة دون نصر عربي، لكن كشفت وثائق للأرشيف الإسرائيلي الحكومي، سوء التقديرات والقرارات التي اتخذت قبيل اندلاع المعركة، واعترفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن الوثائق كشفت سوء تقدير كل من وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس أركان الجيش للوضع، بعد أن استبعدا إمكانية اندلاع حرب مع مصر وسوريا.. ومن التقارير وقعت الحقائق للإيهام المصري لهم بذلك وشربوا "الطُعم"، الذي اعاد للشعب المصري ثقته في النفس وجيشه، بعد بناء القوات المسلحة المصرية وتطوير أدائها السياسي وعودتها إلى وضعها الطبيعي ومكانتها، والأهم تحالفات الإخوة العرب لا سيما الإغلاق السعودي للنفط عن الغرب، والإيقاع بإسرائيل وزيفها ذات أسطورة "الدولة المعتدية قوة لا تقهر"..
إن حرب 6 أكتوبر 1973.. كان يوم تحطيم فاجأت الجيوش العربية فيه إسرائيل في ظل هذه الظروف الصعبة، أخذ أنور السادات القرار الشجاع والصائب ببدء حرب 73، وخطط بحكمة لغربلة المعادلة السياسية، وتهيئة المناخ لإجراء مفاوضات عربية - إسرائيلية، لتنتهي بإعادة الأراضي المصرية المحتلة، وبسلام عربي - إسرائيلي شامل، دون المساس بحق الشعب الفلسطيني.. وإذا كان الرئيس عبد الناصر ساهم في ذلك بإعادة بناء القوات المسلحة بعد هزيمة ساحقة، فإن السادات جعل من حرب أكتوبر طامة عالمية بتكاليفها التي أرهقت إسرائيل وأميركا معاً، وما تلاها من مفاوضات تمهيداً لاستعادة الأرض مرة أخرى، فبعد 6 أيام من بدء الحرب، استغاثت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير بأميركا التي أقامت جسرا جويا لإنقاذ حليفتها اليهودية بنقل أسلحة متطورة إلى إسرائيل، التي وقعت تحت الكارثة وفق وصف وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر "الكارثة" التي خاض قرار الحرب فيها الرئيس أنور السادات بشجاعة وحكمة على رغم أنف كل المضللين، تحت قيادة المشير أحمد إسماعيل، وأبو غزالة والشعب وراؤهم يدعوا الله بنصره في وقت شككوا في قدرات الفراعنة أمام التفوق العسكري الإسرائيلي.. وانتهت الحرب رسميا بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك، وإعادة مدينة القنيطرة لسوريا وضفة قناة السويس الشرقية لمصر، مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية نهاية مايو 1974، ثُم جاءت اتفاقية "كامب ديفيد" عام 1979، ووسيطها حينئذ وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر.
إن حرب أكتوبر 1973 بالفعل كان فناً حربياً وعملاً عسكرياً مبدعاً هدفهُ الردع وسوف تظل دائماً فخراً لجيل كامل من العرب، مع إنهاء الغرور الإسرائيلي سياسيا، وسوف تتكشف فصول منها كل عام؛ وسوف يتحدث المصريون عن تفاصيلها، فتحية لأبطال مصر سياسيين وعسكريين ودبلوماسيين، ورحم الله من شهدائنا البررة وتحية للشعب المصري النبيل في هذه الذكرى الخالدة التي شكلت المستقبل.
ليفانت - د. شامان حامد
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!