الوضع المظلم
الأحد ٢٨ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • (وثائق ألمانية) ديتيب التركية معول أردوغان للتجسس والتطرف.. وتحركات لوضعها تحت الرقابة

(وثائق ألمانية) ديتيب التركية معول أردوغان للتجسس والتطرف.. وتحركات لوضعها تحت الرقابة
(وثائق ألمانية) ديتيب التركية معول أردوغان للتجسس والتطرف.. وتحركات لوضعها تحت الرقابة

كثف البرلمان الألماني خلال الفترة الماضية، تحركاته من أجل وضع الاتحاد الإسلامي التركي "ديتيب" تحت رقابة هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية"، وكشف أنشطته المشبوهة لنشر التطرف، والتجسس في الأراضي الألمانية، ووقف التعاون الحكومي معه.


وتظهر وثائق برلمانية ألمانية، اطلعت "ليفانت نيوز" على نسخة منها، تحركات متكررة ضد "ديتيب" داخل أروقة البرلمان الألماني منذ بداية عام 2019.


200 ألف عضو و860 مسجداً


ذكرت وثيقة للبرلمان الألماني مؤرخة بـ5 مارس 2019 أن اتحاد "ديتيب" يشرف على 860 مسجداً منتشرين في 16 ولاية ألمانية، ويضم 200 ألف عضو.


وتابعت الوثيقة أن الحكومة الألمانية ترصد وتنتقد بشكل متزايد منذ 2016، خضوع ديتيب إداريا وماليا للدولة التركية، لذلك قررت خفض مستوى التعاون مع الاتحاد التركي، خاصة منذ 2017.


وأوضحت الوثيقة ذاتها "لم تعد الحكومة الألمانية تمنح تمويلاً حكومياً لأي مشروعات تخص الجاليات المسلمة في ألمانيا، ويشرف عليها ديتيب"، مضيفة "وفي نفس الوقت، تنتقد الحكومة في محادثات مع قيادة الاتحاد خضوعه الكبير لأنقرة".



تجسس على المعارضة


أما الوثيقة الثانية والتي تعود لفبراير 2019، فجاء فيها "منذ صعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لسدة السلطة، تعمل انقرة على تأسيس منظمات وهياكل في الأراضي الألمانية تعمل على تحقيق هدف أساسي هو محاربة معارضي النظام التركي من الأتراك المقيمين في ألمانيا، وفرض رؤية النظام التركي المتطرفة على المجتمع".


وأضافت أن "خطاب ديتيب الذي يشجع على الكراهية يلقى تأييدا من قبل السياسيين الأتراك"، متابعة "منذ محاولة الانقلاب في تركيا في يوليو 2016، ترصد السلطات الألمانية محاولات مكثفة من "ديتيب" لممارسة نفوذ على المجتمع التركي في ألمانيا، والألمان من أصل تركي".


الوثيقة قالت أيضا "خضوع ديتيب لمؤسسة الشؤون الدينية التركية في أنقرة "ديانيت"، معروف للسلطات الألمانية"، مضيفة "ديانيت تخضع مباشرة لأردوغان".


ولفتت الوثيقة إلى أن "الأئمة الذين ترسلهم ديانيت إلى مساجد ديتيب في ألمانيا يتجسسون على الأتراك"، موضحة "يجمع هؤلاء الائمة معلومات عن المعارضين الأتراك المقيمين في ألمانيا، وخاصة أعضاء حركة الداعية فتح الله غولن".


ووفق تقرير لصحيفة نويه زوريشر السويسرية "خاصة"، فإن السلطات الألمانية وجهت منذ 2016، تهم التجسس إلى 19 إمام تابعين للاتحاد بعد أن قاموا بالتجسس وكتابة تقارير موجهة للحكومة التركية عن أعضاء في حركة الداعية غولن.



تطرف ورقابة


الوثيقة الثالثة والمؤرخة بـ11 فبراير الجاري، فتفيد بأن "حركة ديتيب لا ترغب في فصل نفسها عن جماعة الإخوان وتحتفظ بعلاقات قوية معها"، ضاربة مثالاً بمؤتمر نظمه الاتحاد التركي في المسجد الكبير في كولونيا في يناير 2019، وحضره قيادات الإخوان. وتابعت الوثيقة "هناك حوادث تثبت تشجيع المساجد التابعة لـ"ديتيب" في ألمانيا على التطرف".


وفي أكتوبر الماضي، أقرّ كاظم توركمان، رئيس منظمة ديتيب الإسلامية التركية بوجود قنوات اتصال مع جماعة الإخوان.


ونقلت مجموعة فونكة الإعلامية الألمانية على موقعها الإلكتروني عن توركمان "هناك قنوات اتصال مع الإخوان"، مضيفا "أعتقد أنه من المنطقي إجراء حوار مع الجماعة".


ومضى قائلا "هذا لا يعني أننا نوافق على توجهاتهم"، وأردف قائلاً "مثل هذه النقاشات مع الإخوان، يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي يدفع الجماعة بعيدا عن مواقفها الحالية".


وبناء على هذه الأسباب، قدم حزب البديل لأجل ألمانيا؛ حزب المعارضة الرئيسي، مشروع قرار للبرلمان في 11 فبراير، لفرض رقابة قوية على "ديتيب" في ألمانيا من قبل هيئة حماية الدستور. وعادة ما تخضع هيئة حماية الدستور، التنظيمات والأفراد الذين يمثلون خطرا كبيرا على الديمقراطية ويهدفون إلى تقويض النظام السياسي، لرقابتها.


وبالفعل، قرر البرلمان في 13 فبراير الجاري، تحويل هذا المشروع إلى لجنة الأمن الداخلي لدراسته واعادته للبرلمان مرة أخرى للتصويت عليه. ويحتاج البرلمان إلى الأغلبية البسيطة (50%+1) لتمرير المشروع.



اختراق نظام التعليم


في إطار محاولته السيطرة على الجالية التركية، يقوم اتحاد ديتيب باختراق نظام التعليم الألماني عن طريق "حصص تعليم الدين الإسلامي".


وقالت صحيفة بيلد الألمانية "خاصة": "منذ أكثر من 6 سنوات، تعتمد ولاية هيسن "وسط" حصص تعليم الدين الإسلامي في مدارسها، بالشراكة مع ديتيب".


لكن حذر تقرير أعدته وزارة التعليم في ولاية هيسن في مارس 2012، من التأثير الكبير للنظام التركي على ديتيب، وما يعنيه ذلك من وصول التأثير التركي للمدارس الألمانية في حال استمرت حصص الدين الإسلامي بالشراكة مع الاتحاد التركي، وفق بيلد.


وتابعت الصحيفة "قررت حكومة الولاية في ذلك الوقت، عدم نشر التقرير، لكن استطعنا مؤخرا الحصول على نسخة منه بموجب قانون حرية تداول المعلومات".


الصحيفة نقلت عن التقرير "تواجه ديانيت والمنظمات التابعة لها، وخاصة ديتيب، مشاكل كبيرة مع الحريات الدينية، وتعد أداة رئيسية في أيدي النظام التركي"، مضيفة "تلعب ديانيت دورا نشطا بشكل متزايد في التكوين الاجتماعي والسياسي للمجتمع التركي".


ووفق بيلد، حذر التقرير من أن حصص الدين الإسلامي تعد بابا لدخول النفوذ التركي للمدارس الألمانية.


بيد أن الصحيفة الألمانية لفتت إلى أن تقرير وزارة التعليم في هيسن "جرى الانتهاء منه بشكل كامل في 2012، أي قبل محاولة الانقلاب في تركيا، والتي مثلت نقطة تحول كبيرة، وبات نفوذ ديانيت السياسي والاجتماعي، بعدها بات أكبر بكثير".


ونقلت صحيفة بيلد عن مصادر لم تسمّها إن مشروع تدريس الدين الإسلامي في مدارس هيسن يقترب من نهايته، حيث ينص العقد المبرم بين ديتيب وحكومة ولاية هيسن على نهاية المشروع في عام 2020 بحد أقصى.


وأضافت المصادر "في الوقت الحالي، هناك شكوك واضحة على ملاءمة ديتيب للشراكة مع حكومة الولاية في ملف التعليم". وتابعت "الحكومة تبحث خيارات مختلفة خلال الفترة المقبلة، وهناك "خطة ب" واضحة تتمثل في طرد المنظمة التركية من المدارس، وقيام الأخيرة بتدريس الدين الإسلامي دون شركاء".


وفي نفس الإطار، كان انتشار مقاطع فيديو لأطفال يمثلون معارك العثمانيين في مساجد ديتيب، مؤخرا، ودعوات الصلاة في نفس المساجد من أجل نصرة الأتراك في عدوانهم المتكرر على سوريا، لحظات فارقة في العلاقات بين الحركة والسلطات الألمانية في الفترة الأخيرة، وفق نويه زوريشر السويسرية.


وأوضحت الصحيفة "حقيقة أن الأطفال يتعرضون لخبرات وتعاليم داخل هذه المساجد، يمكن أن تقودهم يوما ما إلى التطرف، يمثل قلقاً كبيراً للسلطات في ألمانيا".


يذكر أن الاستخبارات التركية قررت في سبتمبر 2018 تصنيف ديتيب كحركة تسعى لتحقيق أهداف "معادية للدستور".


ووفق مركز الدراسات التابع للبرلمان الألماني، فإن ارتباط ديتيب بالنظام التركي ليس محل شك. وذكر المركز في تقرير صدر في 2018 "ديتيب مرتبط بشكل مباشر بمديرية الشؤون الدينية التى تخضع لإشراف مباشر من الرئيس التركي".


لكن ديتيب لم تكن تمارس كل هذه الأنشطة المشبوهة قبل وصول أردوغان للسلطة؛ فالحركة المؤسسة عام 1984 كجزء من المؤسسة الدينية التركية كانت تمارس أنشطة اعتيادية ولم تختلق أي مشاكل مع الدولة الألمانية، انطلاقا من أنها كانت تعمل في إطار الدولة الكمالية التي كانت مؤسسة على أساس القومية التركية لكن معتدلة دينياً.


وفي الوقت الحالي، تنشر المساجد والمؤسسات التابعة لديتيب، رؤية للإسلام تعادي للغرب، ولا تشجع أتباعها ورواد مساجدها على الاندماج، بل تشجع على قيام المجتمعات الموازية، حسب صحيفة "نويه زوريشر" التي لفتت إلى أن أئمة الحركة لا يتحدثون الألمانية ولا يعرفون أي شيء عن قواعد المجتمع الألماني.


وأشارت الصحيفة إلى أن نائب حركة ديتيب في ألمانيا، هو أحمد ديليك، الذي كان يخدم كملحق دبلوماسي في قنصلية تركيا في ألمانيا، وكان مسؤولاً بشكل شخصي عن جمع المعلومات عن معارضي أردوغان وكتابة تقارير لسلطات الأمن في أنقرة عنهم.


صحفي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!