الوضع المظلم
الجمعة ٢٤ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
مذابح الدولة العثمانية على مرّ التاريخ
مذابح الدولة العثمانية على مرّ التاريخ

مرهف دويدري - ليفانت 


 


"غزو، قتل، مذابح، فساد، رشوة"، هذا هو ما تركه لصوص الدولة العثمانية في ذاكرة العرب، طوال ثلاثة قرون من الاحتلال، حيث عانت المنطقة العربية من القتل والقمع والتشريد والتسخير والنفي الجماعي لأهلها، فضلاً عن الفقر والضرائب الباهظة، التي كان ينهبها جنود الإنكشارية ورعاع الترك.


ما يزيد على أربعة قرون عانت خلالها شعوب المنطقة العربية والدول المجاورة لما يسميه الأتراك "الأمبراطورية العثمانية" من الاستغلال والتخلف، فضلاً عن سياسة التجهيل والإفقار واستنزاف الموارد البشرية بدعوى الجهاد المقدّس، ورفع راية الإسلام. ولكن هذه الامبراطورية التي كانت تتخذ من الإسلام ستاراً هي ذاتها من تنازلت عن ثاني الحرمين "المسجد الأقصى" وسمحت بإقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين، وسمحت بتنفيذ المخطط الاستيطاني، متنازلة عن حقوق مئات الآلاف من الفلسطينيين يومها، وتهجيرهم من أراضيهم.


https://youtu.be/3NGWDfJtUd4


أما عن الظروف الإنسانية فهي كانت الأسوأ على الإطلاق، حيث تفشت الأمراض والأوبئة التي كان الفقر عاملاً مهما في انتشارها، والتجنيد الإجباري للرجال والشبان وزجهم بالحروب في سبيل أطماع العثمانيين التوسعية، ناهيك عن انتشار الشعوذة والدجل والخرافة وتراجع دور العلم، بل واضطهاد الطبقة المثقفة ما أدى إلى هجرة الأدمغة.


الأطماع التوسعية لما يسمى بالإمبراطورية العثمانية، كانت دائما ًمرتبطة بنشر ثقافة الموت، ابتداء من فكرة الجيش الانكشاري الذي كان يقوم على فكرة أن الطفل الضعيف يستحق الموت، وصولاً إلى المذابح المرتكبة بحق الشعوب الأخرى، والأقليات الطائفية والدينية.


جرائم الاحتلال التركي فضحها كتاب وباحثون، حول ممارسات السلاطين من استبداد وقمع ومذابح بحق سكان المناطق التي احتلوها خلال أربعة قرون (1516 - 1923) وكشفت الوجه القبيح لحكم الأتراك واستحواذهم على السلطة والثروة، دون وازع من دين أو دم.



مجزرة التلل بحلب

بعد معركة ﻣﺮﺝ ﺩﺍﺑﻖ عام (1516) م ، جاء ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺳﻠﻴﻢ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﺤﻤﻼ ً ﺑﺄﺣﻘﺎﺩﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳﻴﻦ، فدخل حلب وﻜﺎﻧﺖ مجزرة التلل المروّعة، حيث صنع من جثامين الشهداء تلالاً في وسط المدينة.




وﻗﺪّﺭ عدد الشهداء يومها ﺑﺤﻮﺍﻟﻲ أربعين ألفاً، وقال البعض تسعون ألف، وقيل أيضاً مئتا ألف قتيل من الرجال والأطفال والنساء وكبار السن وعلماء الطائفة وقد سالت الدماء الزكية في شوارع حلب كالسيل الجارف .وتقع ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺘﻠﻞ قرب ﻗﻠﻌﺔ ﺣﻠﺐ وتبعد عنها نحو 2 ﻛﻢ غرباً.


مذبحة القاهرة

عندما دخل السلطان سليم الأول إلى القاهرة، ألقى فيها بجثث 10 آلاف مصري قتلهم جنوده وتركوا جثامينهم في الشوارع، بعد أن نهبوا بيوتهم وأحرقوا مساجدهم ونشروا الرعب في البلد الآمن، على مدار 4 أيام فقط من وصوله إلى المدينة التي صبغها باللون الأحمر، ليسير السلطان العثماني على ظهر حصانه الذي ركل بحوافره في طريقه الرؤوس المقطوعة والأعضاء الآدمية المبتورة.


مذبحة القسطنطينية

هي مجزرة قامت بها سلطات الدولة العثمانية ضد المجتمع اليوناني في مدينة القسطنطينية (إسطنبول حالياً) وذلك انتقاماً لاندلاع حرب الاستقلال اليونانية 1821-1830.


حيث أنّه بمجرد وصول خبر الانتفاضة اليونانية إلى العاصمة العثمانية، وقعت في المدينة عمليات إعدام جماعية، ومجازر من نوع الهجمات، وتدمير الكنائس، ونهب ممتلكات السكان اليونانيين في المدينة. كما وذبح أيضًا عدة مئات من التجار اليونانيين في المدينة. توجت المجازر عندما أمر السلطان العثماني محمود الثاني بشنق بطريرك القسطنطينية الأرثوذكسي غريغوريوس الخامس، المقيم في إسطنبول بعد أن اتهمه بالفشل بضبط المسيحيين اليونانيين في طاعة السلطات العثمانية، وذلك بحسب المهمة التي كان من المفترض أن ينفذها، وتم ذلك مباشرة بعد احتفال البطريرك بقداس عيد الفصح عام 1821 وأعدم وهو مرتدٍ كامل زيه الديني، وإكراماً لذكراه تم إغلاق بوابة المجمع البطريركي منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا.


مذبحة كربلاء

بعد علي باشا، تولي محمد نجيب باشا ولاية العراق عام 1842 بتوجيهات محدّدة بإخضاع كربلاء بالقوة، حيث عقد اجتماعاً عاجلاً وموسّعاً بالروضة الحسينية المقدسة، وضمّ رؤساء المدينة وسادتها من الأسر العلوية وزعماء المناطق القريبة منها، وبعض شيوخ القبائل.

جرى الاتفاق على إخلاء المدينة من النساء والأطفال وإخراجهم على الفور، وطلب المساعدة من العشائر الموالية للسكان، وتخزين المواد الغذائية الضرورية وتقسيم كربلاء إلى مناطق متعددة للدفاع عنها.


نصب نجيب باشا المدافع الكبيرة حول المدينة وأمطرها بوابل من القذائف، وتمكن من فتح ثغرة في القلعة ودارت معركة شديدة عندها، ولم يتمكن العثمانيون من اقتحامها إلا بعدما وصلهم مدد بقيادة الفريق محمد صادق باشا.

اقتحمت القوات المدينة وصدر أمر نجيب باشا باستباحتها ونهبها عقابا لأهلها، فبدأ الجنود بقتل كل من يرونه من السكان أو الحجاج، احتمى النساء والأطفال في أضرحة آل البيت، لكن العثمانيين لم يراعوا قداستها، وداسوها بالخيول وأطلقوا النار على كل من فيها.

ذبح الأتراك آلافاً من سكان المدينة والعشائر القريبة، منها وبلغ العدد 24 ألف قتيل، وأخذوا العشرات من أعيان المدينة أسرى إلى بغداد، فيما قُتل 500 من الجنود الأتراك.


مذبحة مسيحيي جدة

في عام 1858 تعرضت مدينة جدة للغزو البحري من قبل إحدى قطع الأسطول الإنجليزي، وسبب ذلك أن صالح جوهر وهو أحد ملاك السفن بجدة، اشترى مركباً عليه العلم الإنجليزي، فسعى إلى تغييره وإحلال علم الدولة العثمانية التي كانت تحكم الحجاز آنذاك محله، فغضب القنصل الإنجليزي وذهب إلى المركب، وأعاد العلم الإنجليزي إلى مكانه من السارية، وأشيع يومها في جدة أن القنصل الإنجليزي قد وطأ العلم العثماني بقدمه، وهو يطلق الكثير من الشتائم، فثارت ثائرة الناس بتحريض من الوالي العثماني وبعض المتنفذين، واقتحموا دار القنصل الإنجليزي وقتلوه، وقتلوا معه 20 من الدبلوماسيين والتجار الغربيين، بينما اضطر آخرون إلى الهرب سباحة إلى حيث ترسو إحدى قطع الأسطول الإنجليزي سيكلوب. كانت الأجواء النفسية في جدة مهيأة لمثل تلك الحادثة.


مذبحة الأرمن الكبرى

وتعرف أيضًا باسم المحرقة الأرمني، والمذبحة الأرمنية، أو الجريمة الكبرى، تشير إلى القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل حكومة تركيا الفتاة في الدولة العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر وعمليات الترحيل والترحيل القسري، والتي كانت عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية مصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين. ويقدّر الباحثون أعداد الضحايا الأرمن بين مليون إلى 1.5 مليون شخص، معظمهم من المواطنين داخل الدولة العثمانية. تاريخ الإبادة بدأ في 24 أبريل من عام 1915، وهو اليوم الذي اعتقلت فيه السلطات العثمانية وقامت بترحيل بين 235 إلى 270 من المثقفين وقادة المجتمع الأرمن من القسطنطينية (إسطنبول الآن) إلى منطقة أنقرة، وقتل معظمهم في نهاية المطاف. ونُفذت الإبادة الجماعية أثناء الحرب العالمية الأولى وبعدها، ونُفذت على مرحلتين - القتل الجماعي للذكور ذوي القدرة الجسديَّة من خلال المجزرة وتعريض المجندين بالجيش إلى السُخرة، ويليها ترحيل النساء والأطفال والمسنين والعجزة ضمن مسيرات الموت المؤدية إلى الصحراء السورية. وبعد أن تم ترحيلهم من قبل مرافقين عسكريين، تم حرمان المرُحليّن من الطعام والماء وتعرضوا للسرقة الدورية والاغتصاب والمجازر، خلال هذه الفترة تم استهداف ومهاجمة وقتل مجموعات عرقية مسيحية أخرى منها السريان والكلدان والآشوريين واليونانيين البنطيين وغيرهم، ويرى العديد من الباحثين أن هذه الأحداث عبارةٌ عن حدث واحد، وجزءٌ من نفس سياسية الإبادة التي انتهجتها حكومة تركيا الفتاة ضد طوائف مسيحية متنوعة.


مذابح سيفو

مذابح سيفو وتعرف كذلك باسم المذابح الآشورية أو مذابح السريان، تطلق على سلسلة من العمليات الحربية التي شنتها قوات نظامية تابعة للدولة العثمانية ، بمساعدة مجموعات مسلحة شبه نظامية استهدفت مدنيين آشوريين/سريان/كلدان أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى. أدت هذه العمليات إلى مقتل مئات الآلاف منهم كما نزح آخرون من مناطق سكناهم الأصلية بجنوب شرق تركيا الحالية وشمال غرب إيران.


لا توجد إحصائيات دقيقة للعدد الكلي للضحايا، غير أن الدارسين يقدّرون أعداد الضحايا السريان/الآشوريين بين 250 ألف إلى 500 ألف شخص.

بدأت هذه المجازر في سهل أورميا بإيران، عندما قامت عشائر كردية بتحريض من العثمانيين بالهجوم على قرى آشورية فيه، كما اشتدت وطأة المجازر بسيطرة العثمانيين عليه في كانون الثاني 1915. غير أن عمليات الإبادة لم تبدأ حتى صيف 1915 عندما دفعت جميع آشوريي جبال حكاري إلى النزوح إلى أورميا، كما تمت إبادة وطرد جميع الآشوريين/السريان/الكلدان من ولايات وان وديار بكر ومعمورة العزيز.


مأساة السفربلك

وتعني:النفير العام والتأهب للحرب. وهو فرمان أصدره السلطان العثماني محمد رشاد بتاريخ الثالث من آب/أغسطس 1914م يدعو فيه الرجال الذين بلغت أعمارهم بين ( 15 حتى 45) سنة من رعايا الدولة العثمانية، ومن بينهم رعايا البلاد العربية إلى الالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية. حيث أعلنت روسيا الحرب على تركيا في 2 تشرين الثاني 1914م، وإنكلترا أعلنت الحرب عليها في 5 تشرين الثاني 1914م. وكان إعلان التعبئة العامة هو بمثابة استعداد الدولة العثمانية للوقوف إلى جانب ألمانيا في الحرب العالمية الأولى. حيث قام الجيش العثماني بوضع ملصقات الإعلانات على مداخل البنايات الحكومية، والمقاهي والاسواق والمحلات وغيرها من الأماكن العامة، التي تعلن النفير العام . ومعناها أن النفير العام قد أعلن وعلى الجنود أن يكونوا على أهبة الاستعداد بأسلحتهم. حيث قتل في هذه الحرب أكثر من 80 % من الجنود العرب الذين شاركوا بما يسمى سفربرلك.


الإبادة الجماعية اليونانية

الإبادة الجماعية اليونانية، بما في ذلك مذابح اليونانيين البونتيك، كانت إبادة جماعية المنهجية ضد السكان المسيحيين اليونانيين العثمانيين، والتي نفذت في وطنهم التاريخي في الأناضول خلال الحرب العالمية الأولى وما تلاها (1914-1922). وتم تحريض الإبادة من قبل الحكومة العثمانية والحركة الوطنية التركية ضد السكان الأصليين من اليونانيين، للإمبراطورية اليونانية في البنطس وغيرها من المناطق التي تقطنها الأقليات الإغريقية. وتضمنت الحملة مذابح، وعمليات نفي من المناطق، والتي تضمنت حملات قتل واسعة ضد هذه الأقليات؛ متمثلة في مجازر وعمليات الترحيل القسري، من خلال مسيرات الموت أو الإعدام التعسفي، فضلًا عن تدمير المعالم المسيحية الأرثوذكسية الثقافية والتاريخية والدينية.


وفقاً لمصادر مختلفة، قُتل عدة مئات الآلاف من اليونانيين خلال هذه الفترة. وهرب معظم اللاجئين والناجين إلى اليونان، ولجأ البعض وخاصةً في المقاطعات الشرقية، إلى الإمبراطورية الروسية المجاورة. وكان عدد الضحايا اليونانيين وفقاً للمصادر يتراوح بين 450 الف إلى 750 ألف.

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!