الوضع المظلم
الخميس ٠٢ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
ازدواجية الخطاب الإيراني.. والميل على هوى كفة القوة
إيران ومجلس الأمن - ليفانت نيوز

يتضح لمراقب الخطاب الإيراني الموجه للغرب والخارج في العموم، بأنه خطاب مزدوج، إذ تدعي إيران تارة بأنها حمامة سلام في المنطقة، وتارة أخرى تؤكد عكس ذلك، بالإصرار على أن الامتثال لسياساتها (القائمة على التوسّع المستتر بالأيدلوجية الطائفية، وتنفذها مليشيات مسلحة في مجموعة من دول المنطقة)، هو الحلّ الوحيد أمام تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.


إيران تمدح نفسها أمام قطر.. والأخيرة تسعى لتعزيز العلاقات الثنائية

إيران وأمريكا في الخليج العربي


فبعد سلسلة من عمليات الاستهداف التي طالت منشآت حيوية في السعودية، ومجموعة استهدافات لسفن النقل البحري العائدة ملكيتها لمجموعة من الدول، خرج أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، في الثاني والعشرين من أغسطس الماضي، ليقول إن تواجد القوات الأجنبية في منطقة الخليج يزعزع الاستقرار والأمن المستديم في المنطقة، زاعماً أن صون الأمن في الممرات المائية الدولية من الاستراتيجيات الرئيسة لإيران، وأن تواجد القوات الأجنبية في منطقة الخليج يزعزع الاستقرار والأمن المستديم في المنطقة.


وبالتوازي مع تلك الادعاءات، خرجت تصريحات مضادة لما سبق، وفاضحة للاستراتيجية الإيرانية الحقيقة القائمة على القوة والعدوان، عندما قال قائد القوة الجوية للحرس الثوري الإيراني، العميد حاجي زاده، إن إيران "تخطّت التنافس الإقليمي في المجالات العسكرية بصورة كاملة"، مشيراً إلى أنّ "الفضل في ذلك، يعود للمرشد علي خامنئي".


اقرأ أيضاً: التخلّي عن أفغانستان.. أمريكا ومن بعدها الطوفان

وأردف قائد القوة الجوية للحرس الثوري الإيراني: "في مجال الصواريخ والمسيرات والدفاع الجوي والحرب الإلكترونية ننافس العالم، ربما في المجالات الاقتصادية طموحنا يكون إقليمياً، لكن في المجالات العسكرية تخطينا التنافس الإقليمي بصورة كاملة"، مستكملاً: "المرشد علي خامنئي كان أول من حفزنا على دخول مجال إنتاج الصواريخ، من خلال الهندسة العكسية على بعض من الصواريخ القليلة التي تمكنا من شرائها بعام 1984".


واستطرد: "كنا نود الشروع بإنتاج الطائرات الحربية، لكن المرشد وجه الجيش للاهتمام بهذا الأمر لنتفرغ لإنتاج الصواريخ والمسيرات.. الآن بات الجميع يدرك أهمية المسيرات في المواجهات العسكرية بعد أن كان يؤكد عليها المرشد منذ سنوات"، ليطرح السؤال نفسه، أيهما يمثل إيران، من القياديين، علي شمخاني أم حاجي زاده، أم أن الازدواجية هي الأمر المطلوب في إيران، لإبقاء العالم في حيرة التعامل معه كنظام يريد أن يحكم، رغم أنه من خارج العصر، كما هو الحال مع طالبان في أفغانستان؟


العدائية الحقة لا بد وأن تظهر


لكن حقيقة أي شخص أو تنظيم أو دولة، لا بد لها وأن تظهر عندما تحين الساعة المناسبة، وعليه عادت إيران للتأكيد على العدائية التي تحملها ضمناً لدول المنطقة والقوى العالمية، فقد أكدت في الثالث والعشرين من أغسطس، على أن الهجوم على قاعدة "عين الأسد" العسكرية، التابعة للولايات المتحدة الأمريكية في العراق، لم يكن رداً على مقتل قائد فيلق القدس السابق بالحرس الثوري، قاسم سليماني، وذلك وفق الناطق باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، الذي قال إن "الهجوم على قاعدة عين الأسد كان رداً على اعتداء الولايات المتحدة، وليس رداً على مقتل اللواء سليماني”.


إذ كان قد قتل كل من "قاسم سليماني"، قائد فيلق القدس الإيراني، و"أبو مهدي المهندس"، القيادي بالحشد الشعبي العراقي، في ضربة جوية أمريكية استهدفت سيارتهما على طريق مطار بغداد، في الثالث من يناير 2020، ليعلن عقبها الحرس الثوري الإيراني، في الثامن من ذات الشهر، عن "استهداف قاعدة عين الأسد وقاعدة حرير في أربيل عاصمة إقليم كوردستان، في الساعة 01:20، في نفس التوقيت الذي استهدفت فيها الغارة الأمريكية قاسم سليماني”.


اقرأ أيضاً: حرب اللقاحات.. تنافس سياسي غير نزيه ثمنه البشرية

ليطرح السؤال نفسه مجدداً، إن لم يكن ذلك القصف هو الرد الإيراني، فما هو الرد الذي تضمره طهران في قلبها إذاً؟ ومتى ستقوم بالثأر لمقتل قاسم سليماني؟ وهو ما يبدو أن إسرائيل تدرك إجابته، وبالتالي تصرّ دوماً على منع إيران من امتلاك السلاح النووي، إذ أشار بالتوازي، رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، أنه سيتحدث مع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حول سبل وقف تقدم إيران السريع نحو تصنيع قنبلة نووية.


مردفاً: "إيران تتقدم بسرعة في تخصيب اليورانيوم، وقد قصّرت بشكل ملموس الفترة الزمنية المطلوبة لتجميع المواد اللازمة لتصنيع قنبلة نووية"، متابعاً: "ورثنا حالة ليست ببسيطة، حيث إيران تتصرف ببلطجية وبعدوانية في كل أنحاء المنطقة".


بايدن والاستجابة لإسرائيل


ويبدو أن محادثات بينيت قد نجحت نوعاً ما إلى إعادة بايدن للتفكير بالمخاطر التي تمثلها إيران، ليس على المنطقة فحسب، بل العالم بأسره، فيما لو امتلكت أسلحة الدمار الشامل، فقال الرئيس الأمريكي، في السابع والعشرين من أغسطس، إنه يناقش خططاً للتأكد من عدم تطوير إيران أسلحة نووية، متابعاً بأنه إن لم تنجح الدبلوماسية مع إيران، سيتعين اتخاذ إجراءات أخرى ضدها.


وهو ما اعتبره علي شخماني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني “تهديدات غير قانونية"، مدوناً على "تويتر": "تصريحات بايدن وبينيت تهديدات غير قانونية ونشدد على حق إيران في الرد على أي إجراء ضدها"، بينما قالت رسالة إيرانية إلى رئيس مجلس الأمن الدولي "إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، اعترف ضمنياً في تصريحاته، بتنفيذ هجمات سرية ضد البرنامج النووي السلمي الإيراني، وأعلن بوقاحة بأن كيانه سيواصل مثل هذه الهجمات".


اقرأ أيضاً: تركيا وسد النهضة.. دور مشبوه لحصار مصر

وأضافت أنه "لو لم يتم الوقوف أمام مثل هذه الأعمال اللاقانونية المستمرة، والسلوكيات الاستفزازية الممنهجة وذات التداعيات الجادة، فلا شك أنها ستجعل المنطقة غير مستقرة أكثر فأكثر وتعرض السلام والأمن الدولي للخطر"، وزعمت أنه "يتعين على مجلس الأمن الدولي اتخاذ الإجراءات العاجلة اللازمة للحيلولة دون جميع سياسات الكيان الإسرائيلي المزعزعة للاستقرار والسلوكيات غير القانونية والمغامرة في الوقت ذاته، وأن تحمله المسؤولية تجاه جميع مثل هذه الإجراءات".


تصريحاتٌ تستجلي أكثر فأكثر الازدواجية الإيرانية في الخطاب، ما بين استعراض العضلات والتباهي بالقوة العسكرية التي تمتلكها إقليمياً، في رسالة تهديد صريحة لدول المنطقة، وبين محاولتها إقحام مجلس الأمن الدولي في صراعها مع واشنطن وتل أبيب، اللتين تتفوقان على طهران عسكرياً، وبالتالي، فإن لسان حال طهران يقول إن المجلس مرغوب فيه عندما تكون كفة ميزان القوة مائلة لصالح خصومها، ومشكوك فيه بأنّه منصة للتآمر عليها، عندما تكون كفة القوة لصالحها أمام خصومها.


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!