الوضع المظلم
السبت ٢٧ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • إيران وأكذوبة الحوار مع السعودية.. تكتيك لقبول النووي ومصالحة العرب

إيران وأكذوبة الحوار مع السعودية.. تكتيك لقبول النووي ومصالحة العرب
السعودية وإيران ليفانت نيوز

مشروعان توسعيان في الإقليم، تقودهما إيران وتركيا، الساعيتان إلى استغلال فئات طائفية محددة لصالح مشروعها، وقد عملا طول العقد الماضي، على ترسيخ وجودهما بالمليشيات والمسلحين والمال السياسي، والإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي.


إلا أنه، وكما بدأت أنقرة بالانكفاء أو محاولة الإيحاء بذلك، عقب الضربات المتلاحقة التي مني بها تنظيم الإخوان المسلمين.. تحاول طهران هي الأخرى التخفيف من خطابها العدواني بحق دول المنطقة، وتحديداً السعودية، من خلال الترويج للقاءات واجتماعات حصلت في بغداد، حيث بدأت عملية تفاوض بين الطرفين، في وقت سابق من هذا العام، كانت آخر جولاتها المعلنة يوم 21 سبتمبر الماضي.


السعودية _ إيران (أرشيف - ليفانت )

ثبات سعودي من النووي


بالبحث عن الأسباب التي قد تدفع إيران، لإبداء المرونة مع السعودية، لن يكون هناك إجابة أنسب من رغبة طهران، بالحصول على الرضى السعودي من برنامجها النووي، عبر قبول السعودية بإحياء الاتفاق النووي الإيراني بصيغة ما، سواء السابقة أم أخرى جديدة، بما يسمح برفع العقوبات عن طهران، وتعويم الأخيرة في المجتمع الدولي، وفكّ الطوق عن اقتصادها المتداعي.


لكن، إن كان ذلك ما تحلم به طهران، لا يبدو أنها ستناله، إذ أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في الثالث من أكتوبر الماضي، دعم المملكة "للجهود الدولية الرامية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي"، مضيفاً: "نحن قلقون بشكل بالغ من التجاوزات الإيرانية التي تتناقض مع ما تعلنه إيران من سلمية برنامجها النووي".


اقرأ أيضاً: ماكغورك والروس.. هندسة للحلّ السوري المرفوض تركياً

وفي السادس من أكتوبر، أبدت السعودية مجدداً قلقها حيال "عدم تنفيذ إيران لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي 5+1"، معدةً أن حل ذلك الملف يعتبر خطوة مهمة لتحقيق الأمن والاستقرار والتفاهم بين دول المنطقة، وقال عبد الله بن يحيى المعلمي مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة، ضمن كلمة ألقاها أمام اللجنة الأولى في الدورة 76 للجمعية العامة للمنظمة، إن "استمرار إيران في تخصيب اليورانيوم بكميات تتجاوز الحد المسموح به يمثل تهديداً لأمن دول المنطقة”.


وعادت السعودية في منتصف أكتوبر، وتحديداً في الخامس عشر منه، للتشديد على خطوة البرنامج النووي الإيراني، إذ صرح وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، بإن المنطقة "تدخل مرحلة خطيرة مع تسريع إيران أنشطتها النووية"، ونقلت عنه وكالة "رويترز": "يجب على إيران أن توقف سريعا الأنشطة التي تنتهك الاتفاق النووي".


العدائية لا تتراجع


ولا يحتاج المتابع إلى دليل لاتهام إيران بتمويل وتسليح مليشيات متعددة في دولة عربية عدة، سبق أن تفاخر المسؤولون الإيرانيون بتبيعتها لهم، ومنها حزب الله اللبناني، وقوات النظام السوري، والحوثيون في اليمن، فيما يفترض المنطق والعقل أن تتراجع هجمات الحوثي على السعودية، ما دامت إيران تتفاوض مع السعودية لحل القضايا العالقة، لكن هجمات المليشيا لم تتوقف رغم تلك المحادثات، ما يشير إلى سوء نية إيراني جلي.


فيواصل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، الإعلان الدوري وشبه اليومي عن عمليات التصدي التي تقوم بها قواته، لاعتراض الطائرات المسيرة المفخخة أو القوارب المفخخة، فأعلن التحالف العربي خلال أكتوبر الماضي، أن الدفاعات الجوية السعودية اعترضت ودمرت طائرة مسيرة مفخخة حاولت تنفيذ هجوم على مطار أبها الدولي، كما أعلن عن تدمير موقع لمليشيا "أنصار الله" الحوثية، في مدينة الجوف في اليمن، كان يستخدم لتفخيخ وإطلاق الطائرات المسيرة، واستهداف موقع لتجميع وتفخيخ وإطلاق الزوارق المفخخة باللحيه في محافظة الحديدة باليمن، مما أدى إلى تدمير 3 زوارق مفخخة بالموقع تم تجهيزها لتنفيذ عمليات عدائية وهجمات وشيكة.


اقرأ أيضاً: السعودية و”ذا ريج”.. التحرر من أسر النفط باقتصاد منوّع ومستدام

كما واصلت طهران دورها التحريضي على الحرب في اليمن، من خلال الإيحاء بأن السعودية من تعتدي على اليمن، وأن إيران تحمي اليمنيين، وهو ما أشار إليه بشكل واضح، الناطق باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، في الحادي عشر من أكتوبر، عندما جدد دعوة السعودية "لوقف الحرب على اليمن والمأساة الانسانية هناك"، على حد زعمه.


بينما أكد مستشار الحكومة السعودية علي الشهابي، أن الرياض تحتاج إلى أن يكون هناك خطوات فعلية (حول مباحثاتها مع إيران)، مضيفاً لوكالة فرانس برس، في الثاني عشر من أكتوبر، أن "إيران بحاجة إلى اتخاذ خطوات حقيقية وليس الاكتفاء بالحديث اللطيف.. يجب أن تكون هناك بعض الخطوات الجوهرية من جانب إيران، قبل أن تسمح السعودية بإعادة فتح السفارات"، لافتاً إلى ملف اليمن على وجه الخصوص ووقف تمويل وتسليح الحوثيين.


السعي لمصالحة العرب


ومن المطامح التي تسعى لها طهران، من بوابة المصالحة مع السعودية، محاولة كسب ود العرب، وهو ما كشف عنه مدير عام دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في وزارة الخارجية الإيرانية، مير مسعود حسينيان، في السادس عشر من أكتوبر، عندما أوضح أن تحسن علاقتهم مع السعودية مستقبلاً، سينعكس إيجاباً على علاقات طهران، مع عدد كبير من دول الخليج وشمال إفريقيا، مذكراً بأن بعض دول المنطقة كمصر والسودان والمغرب وغيرها، قطعت علاقاتها معهم بعد القطيعة التي حصلت بينهم وبين السعوديين.


اقرأ أيضاً: أطاح بقُضاة ومستشار رئاسي بسببه.. أردوغان يخشى كافالا ولن يخرجه

مردفاً أن "علاقتنا مع مصر ستتحسن قطعاً في حال نجحت مباحثاتنا مع السعودية.. نحن نبذل المساعي لتحسن العلاقة مع القاهرة، كما نطمح بأن تكون لدينا علاقات ودية مع المغرب، التي بادرت بقطع العلاقة معنا لأسباب لا أساس لها من الصحة"، وفق قوله، والأمر عينه، ذهب إليه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، في الثامن عشر من أكتوبر، عندما قال إن طهران، تأمل في تطوير العلاقات مع القاهرة.


احتمالات النجاح ضئيلة


بيد أنه في ظل مواصلة طهران عنجهيتها المعهودة، ورفضها الإقرار بسياساتها التوسعية الخاطئة، أو الضغط على ميليشياتها لوقف الهجمات العدائية على السعودية، بالطائرات والزوارق المفخخة، واستمرار ساستها التفوه بلغة استعلائية، كالتي نطق بها المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني، محمود عباس ‌زاده، في الثامن عشر من أكتوبر، من إن مواقف الرياض "تبين أنها اقتنعت بأن مسار التوتر والمواجهة مع إيران يؤدي إلى طريق مسدود"، يعتقد أن تلك المساعي، ليست إلا أكذوبة إيرانية لتحقيق مكاسب مرحلية.


ولعل ما يشير إلى صحة ذلك الاستنتاج، التصريحات السعودية والإيرانية ذاتها، إذ أعلن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في الثلاثين من أكتوبر، بأن المحادثات بين المملكة وإيران لم تحقق أي تقدم كبير حتى الآن، مضيفاً: "لم نحرز تقدماً كافياً لنكون متفائلين"، فيما زعم وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بأن السعودية "تتحرك ببطء" في محادثاتها مع بلاده، قائلاً: "نشعر بأن السعوديين يتحركون ببطء في هذا الصدد".


اقرأ أيضاً: إلغاء الطوارئ المصرية.. إشارة للتعافي وعودة للريادة بالإقليم

تصريحان يختصران المشهد عقب جولات عدة من المباحثات، خاصةً الإيراني منه، إذ يكشف في طياته الكثير، أهمه أن طهران لا تزال مقتنعة بأن السعودية من عليها أن تصحح سياساتها، وأنها (أي طهران) مؤمنة بصحة سياساتها في اليمن وسوريا والعراق ولبنان والخليج، ما يعني أن المسافة أبعد مما قد يعتقد البعض على أي توافق بين الطرفين، ولو على العناوين العريضة.


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!