-
تمثال أبي العلاء المعري يدشّن في العاصمة الفرنسيّة
نظّمت شبكة "ناجون"، اليوم الأربعاء، مراسم تدشين النصب التذكاري البرونزي للشاعر الفيلسوف السوري أبي العلاء المعري.
ودعا إلى التدشين الرسمي والشعبي بلدية مونتروي/ ضاحية باريس، وشبكة "ناجون"، باعتباره "مثالاً ناصعاً للمثقف الكوني الحر الذي لم يرتهن إلا لضميره الحي، وأيقونة انتظار السوريين للسلام والعدالة والديمقراطية في بلدهم".
وجرى التدشين في Porte de Montreuil, 265 rue de Paris، مساء اليوم الأربعاء.
اقرأ المزيد:المعري شاعر وإنساني وفيلسوف إشكالي
وتمثال الشاعر الفيلسوف السوري أبي العلاء المعري هو للنحات السوري الفنان، عاصم الباشا، ويبلغ ارتفاعه 3:25، ووزنه طن ونصف.
وبدأت مراسم التدشين بإزاحة الستار عن التمثال، ثمّ كلمات من ناجون وبلدية مونتروي، منظّمو المراسيم.
ووفقاً للبرنامج، تشارك الفنانة نعمى عمران بفقرة موسيقية أعدتها خصيصاً لهذه المناسبة، ومسيرة حداد صامتة تكريماً لضحايا الثورة السورية، وضحايا الزلزال في سوريا وتركيا.
وعرض فيلم (ماء الفضة، سوريا سيرة ذاتية)، إلى جانب نقاش مفتوح بين الناقد السينمائي الفرنسي نيكولاس غوديت والمخرج السوري أسامة محمد.
يشار إلى أن القائمون أهدوا التمثال إلى المعتقلين والمغيبين في كافة المعتقلات والمعازل السرية في سوريا، والعالم.
من هو أبي العلاء المعري؟
أبو العلاء المَعَرِّي، أديبٌ ومتفلسف عربيّ مثير للجدل مِنَ العصرِ العبَّاسي، هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القُضاعي التنُوخي المَعَرِّي» المعروف ﺑ «أبي العلاء المَعَرِّي».
ولد عامَ 363 هــ بمعرّة النُّعمانِ بسُوريا وفقَدَ بصَرَه وهو صغير بسبب مرضِ الجُدَري، ليفقد أبيه لاحقا بعمر 14 سنة. وأخذ علومَ القراءات القرآنيةِ بإسنادٍ عنِ الشيوخ، وتعلَّمَ الحديث في سنٍّ مُبكِّرة. وعلمه أبيه صغيراً، وانتقل بعد ذلك إلى حلب، وتابع تعليمه النحوي محمد بن عبد الله بن سعد النحوي، ثمّ ارتحل إلى بغداد، وقابل هناك عبد السلام بن الحسين البصري وتزوّد من علمه.
قال المعري الشّعر وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنة، وبعد سنوات رحلَ وبقي في بغداد سنة ونصف حتى 398 هــ وفي أثناء عودته بلغه نبأ وفاة أمه فنظم القصائد عليها حزينا. وبعد ذلك، اعتزَلَ الناسَ لبعضِ الوقت؛ فلُقّب ﺑ «رَهِينِ المَحْبسَيْن»؛ العَمَى والدَّار.
جاء شعره تعبيراً عن تجاربه الخاصة، ومشاهداته في الحياة، وتأملاته في الوجود، وكان لهذه الأشعار دورٌ هام في رفعة شأن الأدب في الوقت الذي عمّ فيه الجهل، وانتشرت فيه الخرافات بين الناس. على ما يردد في شعره في مواضع عدة:
تُعَدّ ذُنوبي عندَ قَوْمٍ كثيرَةً ولا ذَنْبَ لي إلاّ العُلى والفواضِل
كأنّي إذا طُلْتُ الزمانَ وأهْلَهُ رَجَعْتُ وعِنْدي للأنامِ طَوائل
وقد سارَ ذكْري في البلادِ فمَن لهمْ بإِخفاءِ شمسٍ ضَوْؤها مُتكامل
يُهِمّ الليالي بعضُ ما أنا مُضْمِرٌ ويُثْقِلُ رَضْوَى دونَ ما أنا حامِل
وإني وإن كنتُ الأخيرَ زمانُهُ لآتٍ بما لم تَسْتَطِعْهُ الأوائل
ولما رأيتُ الجهلَ في الناسِ فاشياً تجاهلْتُ حتى ظُنَّ أنّيَ جاهل
فوا عَجَبا كم يدّعي الفضْل ناقصٌ ووا أسَفا كم يُظْهِرُ النّقصَ فاضل
كتبه
وقف المعري على كتب كثيرة، وفِهرسها في «مُعجَمِ الأُدَباء» ومن تَصانيفه كتاب «الأَيْك والغُصُون» في الأدب، يزيد على مئة جزء. وله كتاب «تاج الحُرَّة» في النساء وأخلاقِهن وعظاتهِن.
شرح في كتاب «عَبَث الوَلِيد» دِيوانَ البُحْتُريّ ونقَده و له "رِسالة المَلائِكة" وهي صَغِيرة، ورسالة الغُفْران الشهيرة، والفصول والغَايات. وكتب الرسالة السندية ورسالة الفرض ورسالة المنييح ورسالة الأغريض.
له كتاب الرسائل القصار، كنحو ما تجري به العادة في المُكاتبةِ (فيه رسائل إلى الأهل والأصدقاء والأدباء والعلماء والقضاة …)، قيل: إنه أربعون جزءاً، وقيل: إنه ثمانمئة كُرَّاسةٍ، وخادم الرسائل، في تفسير ما تضمنته هذه الرسائل (أي من غريب اللغة) .
اقرأ المزيد:الماغوط.. بساطة اللغة و"ثائر حرر الشعر من عبوديته"
ومن كتبه أيضاً نظم السور، وكتاب عظات السور، وكتاب الراحلة في ثلاثة أجزاء في تفسير «لزوم ما لا يلزم»، وهو ديوان شعر رتبه على حروف المعجم، يذكر كل حرف من حروف الهجاء سوى الألف، التزم فيه أوزان الخليل كلها.
وكتب أيضا، كتاب «راحة اللزوم»، شرح فيه غريب لغته نحو مئة كراسة، وكتاب «زجر النابح» يتعلق بلزوم ما لايلزم، أبطل ادعاء خصومه عليه في المشتبه من قوله أو المحكي على لسان بعض الفرق أو المستهدف بعض آرائها بسخرية أو تعريض، وثمة كتاب آخر أسماه «بحر الزجر».
له كتاب آخر في المنظوم اسمه: «استغفر واستغفري» مقداره مئة كراسة فيه نحو عشرة آلاف بيت من شعره على نحو ما وصفه ياقوت، وله ديوان «سقط الزَّند». وله كتاب يُعرفُ بباسم الرسالة الحضية، وكتاب رسائل المعونة، وهي رسائل كتبت على ألسن قوم.
وله كتاب اللامع العزيزي في تفسير شعر المتنبي، مقداره مئة وعشرون كراسة. وله كتاب مثقال العروض، وكتاب ملقى السبيل فيه شعر ونثر. وكتب خماسية الراح، هو كتاب جاء في ذمّ الخمر.
وذكرى حبيب، كتاب تناول بالشرح ديوان الشاعر أبي تمام. وراحة اللزوم، كتاب دوّن لشرح ديوان (لزوم ما لا يلزم). الرياش المصطنعي، هو كتاب اختصّ بشرح ديوان الحماسة الرياشية. وضوء السقط، هو كتاب اختص بشرح ديوان (سقط الزند)، تناول فيه المعري الألفاظ الغريبة؛ فقام بشرحها، وتبسيط معانيها، وجعلها قريبة من الأذهان.
وفي الشعر له استغفر واستغفري، هو ديوان من الشعر يحتوي على قرابة العشرة آلاف بيت. وله ديوان الألغاز، وجامع الأوزان، ديوان من الشعر نُظم حسب معنى اللغز، وهو يحتوي على تسعة آلاف بيت. وله اللُّزوميَّات وسِقْطُ الزَّنْد وتُرجِمَ الكثيرُ من شِعْرِه إلى غيرِ العربيَّة.
حياته
عاش المعري متفلسفاً زاهداً في الدنيا، يلبس خشن الثّياب، ودعم حقوقَ الحيوانِ وعدم إيلامه، فكان نباتيا ولم يأكُل اللحمَ خمساً وأربعين سنة. كان متوقد الذهن قوي الذاكرة يحفظ اللغات وحجة في اللغة العربية نحواً وصرفا في زمنه يحفظ الشواهد بغزارة مبهرة.
كان من أسرة علمٍ تسنمت به قبة القضاء والفتيا على المذهب الشافعي مدة طويلة بين حمص ومعرة النعمان. وقال ياقوت الحموي فيه: «كان غزيرَ الفضلِ، شائعَ الذكرِ، وافر العلمِ، غاية الفهمِ، عالماً باللغةِ، حاذقاً بالنحوِ، جَيّدَ الشعرِ، جزلَ الكلامِ. شُهرتُهُ تُغني عن صفته، وفضله ينطقُ بسجيته».
كان له أراء خاصة في العقيدة الإسلامية ما جعل الناس تختلف فيه. وذهب البعض إلى تكفيره واتهامه بالإلحاد، وإخراجِه مِنَ الإسلام. ودافع عنه عميدُ الأدبِ العربيِّ "طه حسين" في عدة مؤلفات منها "مع أبي العلاء في سجنه".
يقول ياقوت الحموي عنه في معجم الأدباء: "كان متهمًا في دينه، يرى رأي البراهمة، لا يرى إفساد الصورة، ولا يأكل لحمًا، ولا يؤمن بالرسل، والبعث والنشور، وعاش شيئًا وثمانين سنة، لم يأكل اللحم منها خمسًا وأربعين سنة، ويلبس حشن الثياب، ويظهر دوام الصوم".
اقرأ المزيد:أحمد شوقي... أمير الشعراء
والناس في أبي العلاء مختلفون، فمنهم من يقول: "إنه كان زنديقًا، وينسبون إليه أشياء مما ذكرناها، ومنهم من يقول: كان زاهدًا عابدًا متقل ً لا، يأخذ نفسه بالرياضة والخشونة، والقناعة باليسير، والإعراض عن أعراض الدنيا."
ظلَّ حبيساً في بيتِه حتى وفاتِه عام 449 هــ بمنزلِه بمعَرّة النُّعْمان عن عمر ناهز 83 عاماً، تلاميذه أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي. وأبو الخطاب العلاء بن حزم الأندلسي وأبو القاسم علي بن المحسن التنوخي وأبو الطاهر محمد بن أبي الصقر الأنباري.
جدير بالذكر أن أبي العلاء أوصى أن يُكتَبَ على قبْرِه عِبارة: "هذا جَناهُ أبي عليّ، وما جَنيْتُ على أَحَد".
ليفانت نيوز- خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!