الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
مستوى ذكاء حافظ الأسد
كمال اللبواني

عندما نحكم على حافظ الأسد بأنه ذكي لكونه استمر بالسلطة المطلقة لثلاثين عاماً، ثم ورثها لنغره بشار، نبني حكمنا هذا على افتراض أن حافظ قد وصل للسلطة وأدارها بقدراته الذاتية، ونغفل الجهات الداخلية والخارجية التي أوصلته للسلطة ثم ساعدته على الاستمرار فيها.

ونغفل أيضاً قدرة مؤسسات الدولة الحديثة التي بناها الاستعمار الفرنسي بمؤسساتها الرقابية والقمعية الهائلة على تثبيت أي حاكم، بحيث وبمجرد وصوله للسلطة يستطيع قهر الشعب وإخضاعه، إذا لم تتوفر ضمانات كافية لعدم استبداد السلطة وتعسفها، عبر عنها النظام الديمقراطي الذي يضع الحاكم تحت رحمة الشعب وصندوق الانتخاب الحر، وهذا ما لم يكن متوفراً في نظام الحكم العسكري، الانقلاب الذي تسلم السلطة إثر انقلاب الضباط في 8 آذار 1963، والذي حكم وما يزال بقانون الطوارئ والقمع والفساد.

بماذا إذاً نحكم على ذكاء حافظ الأسد؟

الذكاء تعريفاً هو ما تقيسه مقاييس الذكاء، فكل مقياس ذكاء يحدد تعريفه للذكاء، فمنها من يختبر المعارف والحافظة، ومنها من يختبر المحاكمة المنطقية (الاستقراء والاستنتاج)، ومنها ما يقيس سرعة البديهة وسرعة الفهم والإدراك.. وهكذا، لكنها جميعاً لا تقيس الضمير والقيم والأخلاق التي تطلق أو تقيد يد الحاكم، فالحاكم الذي لا يمتلك قيماً، ولا يرى سوى نفسه، والحاقد على شعبه، سيجد يده مطلقة في ارتكاب أي شيء مقابل بقائه في السلطة. لذلك كان مقياس البقاء لا يعبر أبداً عن مقدار الذكاء بقدر تعبيره عن تدني سوية القيم.

من يستمع لخطابات حافظ الأسد ويتمعن في كلماته وجمله يدرك أن ذكاءه دون المتوسط، خاصة عندما يسهب بشرح تفاصيل لا قيمة لها، وعندما يخرج عن النص المكتوب ويبدأ بشرح ما تكلم عنه، وهنا أيضاً ستجد الكثير من الأدلة على تدني سوية الذكاء عند حافظ، العبارات الشهيرة التي اشتهرت عنه أيضاً تدل وهي مقياس، خذ مثلاً (المعلمون بناة حقيقيون، الشهداء أنبل بني البشر، أرى في الرياضة حياة).

كتب إسكندر لوقا كتاباً جامعاً لها سماه كذلك قال الأسد، وقراءة هذا الكتاب تعطي صورة حقيقية عن غباء حافظ ومقدار انتهازية إسكندر، وبمجرد قبول حافظ بهكذا كتاب هو دليل على غبائه، فهو يثير الإقياء أحياناً عندما يشرح إسكندر جملة أن الحياة تزحلق، على مدار ثلاث صفحات كاملة، أما خطاباته فقد كانت مملة ليس لها حبكة ولا مقدمة ولا نتيجة.. تدل على بطء شديد في سرعة التفكير وفي المحاكمة والاستنتاج، فالاختزال هو دليل الذكاء.

في اجتماعاته الطويلة، كان يطلب تفسير كل مصطلح وكل كلمة بطريقة تؤكد عدم قدرته على الاستنتاج وعلى التقاط المعنى والمقصد، إذا اتهمت سوريا بالإرهاب يقول ما هو تعريف الإرهاب، ويستمر بالمطالبة لعقد مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب طيلة سنوات، يتهرب بطريقة صبيانية ويظن أن الآخر غبي ويصدقه لأن مصدق لنفسه. 

المؤتمرات الصحفية عادة تكشف ذكاء السياسي، لذلك تمنع حافظ عن إجراء أي مؤتمر علني مع الصحافة من دون أن تحضر الأسئلة والصحفيين مسبقاً ويطلع عليها وبشكل كان يزعج كثيراً الصحفيين، ويحرج الضيوف في العالم الغربي.

لكنه مع ذلك لم يكن ليتخذ قراراته إلا متأخراً جداً، وبعد اتضاح نتائج الحدث الذي يتوجب عليه إظهار موقفه منه في حينه، وهكذا تأخر كثيراً في دخول التحالف ضد صدام عند احتلال الكويت حتى قبيل الحرب التي بدت حتمية، ولم يدخل لبنان إلا بعد مشاورات مع العرب وأمريكا وحتى بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل، والسبب هو جبنه وخوفه، وبطء تفكيره وضعف قدرته على التوقع والمبادرة.

كان يستخدم حوله الأغبياء فقط، لكي يسيطر عليهم، لنتذكر مصطفى طلاس، عبد الحليم خدام، علي دوبا، زهير مشارقة، عبد الله الأحمر، عبد القادر قدورة، محمود الزعبي... يندر أن تجده تعامل مع رجل ذكي أو حتى تكنوقراط ذكي وناجح.

من عايشه، وخاصة مترجميه، كانوا يسربون تفاصيل عن عدم قدرته على فهم محدثه واضطرارهم في كثير من الأحيان لتغيير الترجمة والردود، كيلا تنفضح عدم قدرته وعدم فهمه.

وما يثبت غباءه وحقارته هو تدميره لبلده ورميها للكلاب.

 

ليفانت – كمال اللبواني  

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!