-
لماذا يكره التونسيون الإخوان ؟
للعام الثاني على التوالي يتصدّر زعيم إخوان تونس رئيس حركة النهضة والبرلمان المنحل، راشد الغنوشي، ونائبه في رئاسة الحركة، علي العريض، قائمة الشخصيات التي لا يثق فيها التونسيون، في آخر استبيان نشرته جريدة المغرب اليومية مع مؤسسة سيغماي، لسبر الآراء (كل نسبها كانت صحيحة في الانتخابات السابقة 2014 و2019 انتخابات بلديات 2018).
فالغنوشي حاز على 89 بالمائة من انعدام الثقة بين التونسيين، في حين حاز نائبه على 78 بالمائة، وهو ما يترجم كره التونسيين للإخوان الذين تسللوا إلى حكم البلاد بعد ما سمي بالربيع العربي وسقوط نظام الدستوريين الذين حكموا البلاد منذ الاستقلال في 1956 بعد أن قادوا معركة الاستقلال عن المستعمر الفرنسي وبناء الدولة.
لقد جاءت حركة النهضة الإخوانية بمشروع مناقض لمشروع الدولة الوطنية فاصطدموا مع الشارع التونسي الذي وجد نفسه أمام حكام جدد يعملون على العودة بالبلاد إلى القرون الوسطى وأخونة المجتمع وتغيير النمط الاجتماعي في بلاد عرفت بالوسطية والتسامح والانفتاح على ثقافات العالم.
ففي عشر سنوات من حكم الإخوان، عرفت تونس أسوأ مرحلة في تاريخها المعاصر وشهدت تراجعاً، بل سقوطاً على كل المستويات، إذ ارتفعت معدلات البطالة والتضخم والفساد ووصل عدد المنقطعين عن التعليم إلى مليون طفل وشاب، فتحولت هذه العشرية التي قادها الإخوان إلى كابوس كان لا بد أن ينتهي.
فتونس التي كانت نموذجاً في التنوير والتحديث في العالمين العربي والإسلامي تحولت إلى بلد مصنف كمركز للإرهاب بعد أن منحت حركة النهضة الغطاء السياسي للمتطرفين الذي ارتكبوا عمليات إرهابية في تونس وسوريا وأوروبا، فقد بلغ عدد شهداء الإرهاب في تونس بين مدنيين وأمنيين وجمارك وعسكريين حوالي 300، وهو عدد غير مسبوق في بلد لا يتعدى عدد سكانه 12 مليوناً، كان نموذجاً في المتوسط ووجهة كبرى للسياحة. فراشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الإخوانية، قال عن الإرهابيين إنهم "يذكرونه بشبابه"، كما قال "إنهم يبشرّون بثقافة جديدة" هكذا! دون أن يضيف أن هذه "الثقافة الجديدة" ليست إلا ثقافة القتل والدماء والتكفير والاغتيال التي غرقت فيها تونس منذ عودة حركة النهضة الإخوانية إلى الحياة السياسية.
وكان الغنوشي يوصي أتباعه بأن "الجيش غير مضمون" ويدعوهم إلى تأسيس الجمعيات ورياض الأطفال التي تعتمد مناهج تدريس لتنشئة الأطفال على التطرّف والتشدّد الديني، فيما يشبه النموذج الطالبني، ونموذج بوكو حرام في السّاحل الأفريقي، وحركة الشباب الصومالية، وغير ذلك من حركات متطرّفة تحشر الأطفال في معسكرات لتدريبهم على العنف والقتل باسم الإسلام البريء من هؤلاء الإرهابيين.
لقد مسخت حركة النهضة الإخوانية وجه تونس التي كانت تسمّى درّة المتوسط، واكتشف التونسيون بعد عشر سنوات من حكم الإخوان الهاوية التي سقطت فيها البلاد، لذلك حازت قرارات الرئيس قيس سعيد، في 25 يوليو الماضي، ترحيباً واسعاً في الشارع التونسي، لأنها أنهت السيطرة المطلقة لحركة النهضة الإخوانية على الحياة السياسية من خلال نفوذها في البرلمان وأخطبوط الجمعيات التابعة لها التي تدير من خلالها تمويلات مالية ضخمة مكنتها من التلاعب بمنظومة الانتخابات وتوجيهها.
فحركة الإخوان التونسية عملت على تنفيذ مشروعها الظلامي عبر ما تسميه بالتمكين، فاخترقت الإدارة التونسية وعينت أنصارها عديمي الكفاءة في مفاصل الدولة فكان الانهيار الكبير الذي يلاحظه المواطن في تفاصيل حياته اليومية من فساد وتراجع للخدمات وتكدس المزابل وفقدان المدن، وخاصة العاصمة تونس، لوجهها الجميل، فكان من الطبيعي أن يتصدر قادة الإخوان قائمة الشخصيات التي لا يثق فيها التونسيون.
ليفانت - نور الدين بالطيب
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!