الوضع المظلم
الأحد ١٠ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
لم يعد أردوغان حاكماً لاسطنبول!

عماد شريتح - صحفي سوري


أظهرت نتائج في انتخابات بلدية اسطنبول تقدّماً للمعارضة بنسبة تجاوزت 54 %، متمثلة بـ "إمام أوغلو" مرشح الحزب الجمهوري، الذي تقدّم بأكثر من 775 ألف صوت , مقارنةً بانتخابات آذار الماضي التي حقّق  فيها فارقاً مقداره 13 ألف صوتاً فقط , ويبدو أن مرشح الحزب الحاكم "بن علي يلدريم" لم يستطيع إلا الإقرار بهزيمته في الانتخابات .


جرت الانتخابات في وقت تعيش تركيا فيه ارتباكات اقتصادية وخارجية تقيّد دورها الإقليمي المعتاد، الذي بات ضعيفاً بسبب خسارتها كل الرّهانات الدولية التي بنتها مع روسيا عبر الأزمة السورية، إلا أن رياح الشرق القادمة من سوريا لم تلبّ تطلّعات تركيا الكبرى، فمؤتمر البحرين - الذي سيغيّر وجه المنطقة العربية - تمّ عقده منذ فترة كدليل على تغييب الدور التركي كلاعب استراتيجي في المنطقة، بالرّغم من إعلانها عن عدم مشاركتها، ورغبة من الروس والأمريكان في إيجاد بديل سنّي يقوم بدور تركيا في سوريا، ولن نستغرب بعد فترة إذا تم الاتفاق على إرسال قوات عربية إلى شمال سوريا لتكون بديلة للنقاط التركية، و التي تعرّضت للقصف عدة مرات من قوات النظام في الحملة العسكرية الأخيرة بشمال سوريا، والتي تدار بأوامر روسية، مع الغياب التام لأي مظهر من مظاهر التنسيق الميداني بين الجيشين التركي و الروسي المعتاد .لم يعد أردوغان حاكماً لاسطنبول!


هل تدفع روسيا تركيا إلى التهوّر و الحرج أمام أوروبا ؟


العمليات العسكرية الأخيرة في شمال سوريا، أفضت إلى نزوح أكثر من 350 ألف سورياً داخلياً في الشمال ، و لاشك فيه في حال امتداد العمليات العسكرية إلى مناطق أعمق من وجود النقاط المراقبة التركية سوف تدفع السوريين للنزوح نحو الحدود التركية، و لا يمكن التنبّؤ بالوضع الكارثي الإنساني والحرج لتركيا، في حال استمرارها بإغلاق حدودها من جهة، و التزامها بوعود أطلقتها تركيا للأوربيين بإغلاق وإحكام كلّ مصادر التهريب إلى اليونان مقابل وعود اقتصادية و سياسية مجزية من جهة أخرى. فالروس يحرجون تركيا عملياً من خلال تلك التعقيدات الإنسانية والعسكرية، كونها الداعمة الأساسية لكلّ الفصائل المتطرفة الموجودة في الشمال السوري .


التضخم في تركيا مستمر صعوداً بالرغم من بطئه, فسعر الليرة تركية هبط أمام العملات الأخرى، ما انعكس سلباً على أسعار بعض المستوردات الرئيسية، وبعض المنتوجات المحلية التي ارتفعت أسعارها بمقدر أكثر 30 % في غضون الثلاث السنوات الأخيرة، ما أضعف القدرة الشرائية لدى المواطن التركي، ما شكّل ضغطا كبيراً على حكومة حزب التنمية و العدالة الحاكم،  و يبدو أن الخطط التنموية المزمع عقدها من قبل الحكومة التركية في السنوات القادمة سوف تتأثر دون شك بسبب التضخم و اهتزاز ثقة المواطن التركي بالحزب الحاكم بقدرة الحكومة على تجاوز تلك الأزمة، و خسارة الحزب الحاكم في اسطنبول كبرى مدن تركيا دليل على خسارة الثقة من قبل الأتراك.لم يعد أردوغان حاكماً لاسطنبول!


لا بدّ من طرح سؤال مهم جداً لنا كسوريين , ماذا بعد ؟  المستقبل لشمال سوريا، تحديداً متخبّط على المدى القريب، فالدول المشاركة في مؤتمر البحرين تهدف إلى تغيير وجه المنطقة دون شك، و التغيير يبدأ من سوريا، لا نعلم هل تريد أمريكا و روسيا تقليص التواجد التركي في شمال سوريا، عبر إرسال قوات عربية تفصل بين الكرد، و التواجد السوري في الشمال، و رغبة أمريكا التخلص من الحليف الكردي في مناطق تواجد منابع النفط عبر تقييد سيطرته العسكرية، وبنفس الوقت تقديم غطاء حماية له مكافأة للجهود الكردية، أم يتم التخطيط لقصم ظهر تركيا في المنطقة، والتّفرد بالحكم المطلق في الشرق الأوسط للروس و الأمريكان .

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!