الوضع المظلم
الإثنين ٠٨ / يوليو / ٢٠٢٤
Logo
التحالف الأسود بين نظام الملالي والتنظيمات الإرهابيّة
عبد العزيز مطر

لا بد أنّ الجميع وصل لقناعة لا مفرّ منها وهذه القناعة ليست على مستوى الأفراد فحسب، وإنما على مستوى الدول والحكومات ومنظمات المجتمع الدولي ومؤسساته، أنّ من أعظم مشكلات العصر الحديث، هما متلازمتا الإرهاب والتطرّف، اللتان كانتا سبباً في الكثير من مستنقعات الصراعات والكثير من حمامات الدم التي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء في العالم، وكان للشرق الأوسط الكثير من هذا النصيب القاتم والأكبر من هذا الإرهاب.


 


ولا بد من الإشارة أنّ خطر تحالف الإرهاب والتطرّف بدا يظهر ويستفحل في الفترة بين نهاية القرن المنصرم وبداية الألفية الجديدة، وكان لظهور ما يسمى الثوره الإيرانية الإسلامية بشكل متزامن مع ظهور تنظيم القاعدة، حيث ظهرا بنفس التوقيت، أي نهاية عام 1989، وليس من باب المصادفة الدعم الكبير الذي قدّمه تنظيم الإخوان المسلمين لتوءم الشر تحت شعارات يستثمر فيها جميع حركات الإسلام السياسي بشقّيه، السني والشيعي، والتحدّث عن معاني فارغة، كالمقاومة والممانعة وغيرها، بتوجيه ودعم وتحالف مع تنظيم الإخوان المسلمين، الذي أصبح له امتدادات كبيرة في الأوساط السياسية والمؤسسات الرسمية لعدد من بلدان الشرق الأوسط، والذي استثمره التنظيم من أجل خدمة أهدافه وليس خدمة للشعوب أو الدول التي ينطلق منها أو خدمة للنهوض الاقتصادي والأمن المجتمعي والسلم الدولي، ونجم عن هذا التحالف أكبر الكوارث التي مزّقت عدداً من الدول، وعصفت بأخرى، وبات ذلك الحلف يهيمن على مقدرات عدد من الدول بعد إنهاكها بسلسلة من الحروب كما حدث في العراق واليمن وسوريا.


 


ومنذ أحداث الحادي عشر من أيلول الكارثيّة على الشعوب العربية والإسلامية، بدأ تحالف الشرّ بين نظام الملالي والقاعدة يستند إلى أدوات جديده في المنطقة، عبر أحزاب وشخصيات ترتبط إلى حدّ كبير بالحبل السري الذي يغذّي هذا التحالف، وهو الإسلام السياسي وحركاته المشبوهة، ومن منا لا يذكر هروب ولجوء قادة القاعدة من أفغانستان إلى نظام الملالي في طهران، والتي أمنت لهم الحماية والدعم من أجل إعادة استنساخهم في صور وتشكيلات أخرى، كداعش وحزب الله والنصرة وعصائب أهل الحق وفيلق بدر، وغيرها من التشكيلات التي تدور في فلك خدمة المشروع الإيراني حتى الآن، والذي يعتبر الموجّه والداعم الأول لنشاط هذه التنظيمات.


 


وردّاً على من يتذرّع بوجود الخلاف الأيديولوجي بين مشروع نظام الملالي ومشاريع التنظيمات الأخرى، كالقاعدة وداعش والإخوان، فجميع الأحداث تؤكد أنّه لايمكن إيجاد خطوط حقيقية تفصل بين هذه المشاريع، وخصوصاً أهدافهم في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية القائمة على استعباد الشعوب ومقدراتها والإبقاء على حالة عدم الاستقرار فيها ومحاربة كل الوسائل والنظم الديمقراطية في هذه البلدان.


 


إنّ الحروب التي يشنّها نظام الملالي بالوكالة معتمداً على أدواته من تنظيمات وحركات تتسم بالتطرّف، سواء أكانت سنيّة وشيعيّة، هي أهم المشاكل التي تواجه عالمنا العربي والإسلامي والمجتمع الدولي، بشكل عام، على اعتبار أنّ هذه المخاطر جميعها من صناعة إيران التي أصبحت المصدر الأبرز والداعم الأكبر للتنظيمات الإرهابيّة في العالم، وكل من يختلف مع هذا السلوك العدائي والإرهابي لإيران وأذرعها فهو إرهابي وعميل لما يسمى الصهيونية، ويطال هذا الوسم وهذا الوصف كل من يناهض سياسة تحالف توءم الشرّ وداعميه.


 


إنّ هذا الخطر الكبير الذي طالما نبّهت منه منذ عقدين السياسة السعودية، وحاولت بكل ما أوتيت لحشد الجهود لتحجيم هذا الخطر قبل استفحاله، وقوبلت بسياسة الرفض والعداء من حركات الإسلام السياسي المرتبطة بشكل عضوي بالمشروع الإيراني، وعبر الكثير من وسائل الإعلام، أوضحت المملكة العربية السعودية أنّ نظام الملالي في طهران هو من يدعم الإرهاب، وهو من يدير بارتباط وثيق عشرات الميليشيات الشيعية الإرهابية عبر القرب الأيديولوجي وتنظيمات إرهابيه أخرى، كالقاعدة وداعش ومشتقاتها، عبر الارتباط المصالحي بتقديم التمويل والدعم مقابل خدمه سياسة الملالي ومرشدهم الأعلى الذي لا يختلف كثيراً في توجهه وسياسته عن المرشد الأعلى الآخر في باقي التنظيمات، أو الأمير أو الخليفة، وبات واضحاً قدرة النظام الإيراني على شنّ ضربات إرهابيه في جميع أنحاء العالم، أو إثاره القلاقل والصراعات في أي بلد، عبر قدرتها على استدعاء الكثير من أدواتها، من القاعدة وداعش وحزب الله، إلى المكان الذي ترغب في تحطيمه أو إشعال الحريق فيه.


 


هذا الأسلوب الذي يعتمده النظام الإيراني عبر الحروب عن طريق الإرهاب والوكلاء الإرهابين والقدرة على إنكار المسؤولين عن أعمال هذه الأدوات ليكون الرد أقل كلفة، كما حدث في الخليج العربي ومهاجمة المرافق المدنية والنفطيه في المملكة العربية السعودية، وتهديد دول أخرى عبر هذه الأدوات في حال تعارضت سياسات تلك الدول مع النهج العدائي الإيراني.


 


إنّ الوكلاء والتنظيمات الإرهابيّة التي ترتبط بالنظام الإيراني، والتي تحاول دوماً الحصول على الشرعيّة الدينية، كما هو الحال في النظام الإيراني لتبرير ما تقوم به، يؤكد عمق الترابط بين النظام الإيراني ووكلائه والتشاركيّة في الأهداف والمصالح عبر استخدام العنف والقتل لتحقيق هذه الأهداف هو ما يجعل من نظام الملالي بمثابة الأم لتنظيمات، كداعش وحزب الله والنصرة، وإذا كانت القرائن التي تدلّ على ذلك قد تأخرت في الظهور نتيجة غياب الوعي وغياب الرؤيه السياسية الاستراتيجيه لدى بعض حكومات الشرق الأوسط والبربوغندا الإعلاميه، التي رافقت منذ ثلاثه عقود ظهور توءم الشر، وجعلت المواطن في منطقة الشرق الأوسط، مغيباً عما يحيكه ويبيته المشروع الإيراني وأدواته، من القاعده والإخوان وغيرهم، إلا أنّ هذه القرائن بدأت بالظهور عبر السنوات القليلة الماضية، التي دلّت على عمق المشكلة واستفحالها.


 


إنّ تكاتف الشعوب في منطقة الشرق الأوسط وتعاون الحكومات للوقوف في وجه هذا المشروع الأسود ونسف أسسه وتدمير أوكار الدعم الذي تستمد منها أفعى الشر قوتها، هو أحد أهم السبل لمحاربة هذا الخطر، وإنّ تعميق مفاهيم التسامح وتعزيز القيم الإسلاميّة الصحيحة والفهم الدقيق لتعاليم الدين السمح وتعميمه ونشر قيمه، عبر الابتعاد عن التطرّف والقبول بالآخر والتعايش السلمي في هذه المنطقة والبناء المجتمعي المتماسك، هي أهم الوسائل لمعالجة هذه الكارثة، وقطع أذرعها المتمثلة بحركات الإسلام السياسي وتنظيماته وإنهاء الميليشيات الإرهابية، التي تدور في فلك المشروع الإيراني الفارسي الذي يريد الهيمنة على مقدرات المنطقة وشعوبها


 عبد العزيز مطر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!