الوضع المظلم
الثلاثاء ١٥ / أبريل / ٢٠٢٥
Logo
  • شرعة حكومة “الشرع” بين: علاقات العائلة والنفوذ المموه ودهاليز الماضي

شرعة حكومة “الشرع” بين: علاقات العائلة والنفوذ المموه ودهاليز الماضي
رضوان باديني

نشر الصديق الصحفي البارز سلام مسافر أمس، مقالا غنياً بالمعلومات على صفحته في “فيسبوك”، تطرق فيه إلى شخصية د. ماهر الشرع، شقيق الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، والذي عُيّن مؤخراً أميناً عاماً لرئاسة الجمهورية. وفي خضم قراءتنا لهذا المقال اللافت، تتكشف أمامنا خيوط معقدة من العلاقات، المصالح، والسوابق التي تستحق تمعناً دقيقاً، لفهم مآل الحكم الجديد في دمشق ومدى قدرته على البقاء.

العائلة و المحور الروسي في صلب السلطة
يلفت سلام مسافر النظر إلى نقطة محورية: د. ماهر الشرع ليس مجرد شقيق للرئيس، بل هو أيضاً صهر روسيا ثقافياً واجتماعياً، متزوج من روسية، ومقيم سابق في مدينة فارونيج، إحدى مراكز التعليم الكلاسيكية في الجنوب الروسي. وهي مصادفة لها طابع شخصي عند كاتب هذه السطور، إذ بدأت فيها رحلتي مع اللغة الروسية عام 1977، قبل انتقالي إلى جامعة موسكو.. وهي مدينة ليس فقط تحتضن الأجانب أفضل بكثير من المدن الروسية الكبيرة كموسكو وسانبترسبورغ، بل تدمجهم وتذيبهم في حفاوتها..
ومن هنا إتقان د. ماهر الشرع للغة الروسية ومعرفته بالمجتمع الروسي، بل وعمله مع زوجته الروسية داخل سوريا وروسيا سابقاً، يمنحه قدرة خاصة على لعب دور الوسيط بين موسكو ودمشق في مرحلة دقيقة من التوازنات الجيوسياسية. فروسيا، التي لا تزال تبحث عن موطئ قدم ثابت في شرق المتوسط، لن تتردد في استثمار مثل هذا الرابط الأسري الثقافي لتأمين مصالحها عبر النظام السوري الجديد. ومن هنا، فإن تعيينه في هذا المنصب الحساس قد لا يكون محض صدفة، بل خطوة محسوبة بدقة في لعبة السلطة.

الماضي لا ينام- من العراق إلى القاعدة إلى الحكم!
ما أورده مسافر عن أحمد الشرع نفسه يُثير الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة “انقلابه الناعم”. فالرجل، وفقاً للمقال، لم يكن معارضاً عادياً ولا منفيّاً بعيداً عن الفعل، بل كان فاعلاً في أخطر ملفات القرن: حرب العراق، قيادة فرع من فروع القاعدة، ثم لاحقاً تأسيس هيئة تحرير الشام... هذه المسيرة، التي يتقاطع فيها التطرف مع البراغماتية، تُلقي ظلالاً قاتمة على النوايا الحقيقية لحكمه الحالي، وتُشكك في مدى جديته في إرساء دولة قانون أو عدالة انتقالية، ناهيك عن الديمقراطية.

إن نجاحه في دخول دمشق دون معارك يُفسَّر اليوم ليس فقط بضعف النظام السابق، بل بمدى تواطؤ الشبكات القديمة والجديدة، وربما حتى بترتيبات دولية غير معلنة. عائلة الشرع، من هذا المنظور، تبدو وكأنها كانت جزءاً من اللعبة لا ضحاياها.

السخرية المرّة: من طليب عيون إلى طبيب النسائية
العنوان الذي اختاره مسافر لمقاله – “سوريا خسرت طبيب عيون أعمى، فهل تربح أخصائي النسائية؟” – يحمل نكهة ساخرة، لكنها أيضاً صرخة مبطنة. من حافظ الأسد، الطيار، إلى بشار، طبيب العيون، والآن أحمد الشرع، القادم من الجهاد المعولم وشقيقه من عوالم النسائية.. تمر سوريا بتجربة “تخصصات” متباينة في الحكم، لكن النتيجة واحدة: انهيار مؤسسات، وغياب الثقة، وتفاقم الأسئلة حول من يحكم وبماذا.

فهل ستصمد حكومة الشرع؟
بناءً على هذه المعطيات، يمكن القول إن حكومة أحمد الشرع ليست إلا حلقة أخرى في مسلسل طويل من تبديل الوجوه والإبقاء على ذات الأساليب: توظيف التحالفات السرية مع الخارج إستخدام الروابط العائلية،  ولعب الورقة الأمنية والدينية في آن واحد!
نعم، قد تملك هذه الحكومة فرصاً للاستمرار، لكن ليس بفضل شرعيتها أو كفاءتها، بل بسبب قدرتها على التكيف والانحناء للعواصف – تماماً كما فعل قادتها في الماضي القريب.
إلا أن الشرعية الحقيقية لا تُصنع في الظلام، بل في وضح النهار، أمام أعين الشعب، بمؤسسات لا بشخصيات، وببرامج لا شعارات. وحتى إشعار آخر، تبقى حكومة الشرع تحت المراقبة – والتاريخ لا يرحم.

ليفانت: د. رضوان باديني

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!