-
عن المقاتل والقائد والرئيس الشرع

عن المقاتل والقائد والرئيس الشرع
كيف يدير نقاشا مع والده صاحب الافكار القومية، كيف يقنعه ان جيل حركة القوميين العرب لم يحقق اي مكاسب ،وان النكبة والنكسة اسماء تجميلية لهزائم مدوية ،وان مبادئ ناصر ما هي الا حصان طروادة استعملته عصابة أقلوية في سوريا واغتصبت السلطة وطعنت بما يسمى الممانعة غدرا جسد الامة العربية والاسلامية.
حزم الفتى العشريني حقائبه رافضا بتمرد أي تسوية مع افكار والده التقدمية الظروف الدولية اختارت له كما وجهة والده الاولى العراق ليخطو منها خطوته الثورية الاولى ،الاكيد ان الفتى لم يكن متعاطفا مع نظام العراق القومي ولم تعنيه فتاوى الجهاد ضد اليهود والصلبيين ،لكن المؤكد ان اسبابا" ودوافع سياسية وايدلوجية سحرته فالولايات المتحدة هي التي تهدد سيادة الدول الاسلامية وتتدخل في شؤنها وتنتهك قيم مجتمعاتها ،انخرط المراهق الطوباوي الحالم في التمرد المسلح ضد القوات الامريكية في العراق.
يجبر المعتقل الإنسان على مواجهة ذاته والتفكير بالقيم وتحليل الاحداث ،لعلل هذا الشاب لم يتأخر في معتقله الامريكي ان يدرك ان في سوريا رئيس يمتهن القتل ولا يتعب منه ولا يثق الا بالجثث الهامدة ورث مفاتيح القصر ليقيم فيه الى الابد ،هذا الرئيس يؤمن بان التعايش بين المكونات يقوم على اساس الخوف وان مطالب الاصلاح هي مؤامرة خارجية وعلاج كل المشكلات حتى الاقتصادية توكل الى فروع المخابرات ،عندما بدا الاسد الابن يفتح ابواب الجحيم على شعبه ادرك الشاب الثلاثيني ان الجهاد ضد الكفر والامريكان لا يمكن ان يبني دولة وان القوي وحده يستطيع ان يفرض قانونه فكانت خطوته الثورية التالية ،صحيح ان جبهة النصرة تأسست من عباءة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام الا ان احتكاك الشاب الذي انهى قراءة كتاب ميكافيلي الشهير (الامير) واحتك وتفاعل مع الواقع اندمج مع فكرة انه جزء من صراع الشعب السوري ضد الاسد ونظامه فوصل الى ضرورة قطع علاقته نهائيا مع تنظيم القاعدة والجهاد العابر للحدود لم تكن خطوته التالية مجرد خطوة بل كانت قفزة ثورية.
في ادلب المدينة السورية المهملة عمدا في عهد الاسدين الاب والابن لا يوجد الا العزلة عن العالم ومحدودية الموارد ولاجئين مدنين وفصائل مهزومة ،رغم ان الديمقراطية الثورية تحتاج الى رجل اقوى من المؤسسات اهتم الرجل الذي شارف على الاربعين ابن الاكاديمي الناصري ببناء المؤسسات وانشا كلية عسكرية ليوحد الفصائل اللاجئة والمهزومة امام قوات الاسد وحلفائه ويضفي عليها الصفة العسكرية النظامية ،كان عليه وهو القائد ان يكسر حسابات الخوف ويثبت انفصاله قلبا وقالبا عن الجهادية العالمية من حيث الادارة والرؤية فالبوصلة هي المواجهة المسلحة ضد قوات النظام دون الاضرار بمصالح داعميه والمستفيدين من استمرار حكمه معادلة صعبة لكنها ليست مستحيلة على رجل خارج قاموس المنقذين التقليدين وهكذا ولدت حكومة الانقاذ كنموذج اداري ووجه مدني لتنظيم هيئة تحرير الشام التي حلت محل جبهة النصرة لتنفذ الحكومة عدة مشروعات خدمية (مدينة صناعية – اصلاح طرق – تطوير شبكات ري واصلاح شبكات المياه والصرف الصحي وتقديم قروض زراعية) في ادلب وبقيت عين القائد على دمشق.
في دمشق القائد اصبح الرئيس احمد الشرع (بعد حوالي عشرين عاما على تمرده على افكار والده) اكد الرئيس ضرورة المصالحة الوطنية وتعهد بالعدالة الانتقالية وحماية الاقليات وحل الفصائل ودمجها بمؤسسات الدولة وبدا اجراءات التحول من عقلية الثورة الى عقلية الدولة.
يقيم الرئيس الشرع بين الغام كثيرة ويحكم بلد اصابه نظام الاسد بعاهة شبه دائمة ،سوريا كانت في عهد الاسدين مقلقة لجيرانها الا اسرائيل التي تريدها بعد الاسد مشغولة بألغامها ،توالي احداث الساحل و اشعال ملف الدروز يؤكد ان هناك من يريد ان يقصم ظهر العهد الجديد ويؤسس لمشروع سوريا الضعيفة.
قرأ الرئيس المعطيات وفهم ان لجم المشروع يحتاج الى ثمن لابد من دفعه وهو ليس زهيدا ،ارسل رسائل تؤكد خروجه من محور الممانعة وان سوريا ليست بوارد الانخراط باي حرب مع اسرائيل ،لم يحاول اشعال الحرائق في الاقليم ومن ثم الابتزاز لإطفائها ،ولا العزف على مخاوف المكونات السورية ،لم ترهبه المنعطفات وعرف كيف يحيد اللاعبين في الساحة السورية الذين يتحدثون عن امن الاقليات ويلمحون الى القضية الكردية ،وأد في الساحل والسويداء محاولة اشعال حرب المكونات ،واجاب عن الاسئلة وحدد العلاج بانه دولة سليمة تحترم خصوصية المكونات تحت سقف القانون.
يتوج الرئيس الشرع جهوده ،الرئيس ترامب شاغل الامم ،الرئيس الذي يفتح النار على خصومه من تغريدات على منصة x ، يحب ترامب الاقوياء وسيعجب بالمقاتل الذي ادرك موازين القوى الجديدة وعرف اين المصالح الفعلية لسوريا التي يأمل ان تتشكل ،سوريا دولة طبيعة موحدة بقيادة الزعيم احمد الشرع بضوء اخضر امريكي بعد اللقاء التاريخي (ترامب والشرع) في الرياض.
ليفانت نيوز- سوريا
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!