-
تكرار نسخة الملالي في بغداد.. أوجه الشبه بين السلطة في إيران والعراق
هيمن نظام الملالي منذ بداية عقد الثمانينيات على مجاميع عراقية مختلفة جعل منها قوى سياسية فيما بعد، وأصبحت هذه القوى تدين بالولاء طائعة له وتابعة لهواه مجردة من الرأي والإرادة.
وازدادت هذه القوى بالملالي بعد سنة 2003 بسبب تعاون نظام الملالي مع الأمريكان في غزو العراق وسطوة الملالي في العراق الجديد يحيون ويميتون ويهبون ويمنعون، وبعد مشروع داعش الذي تأسس بالشراكة بينهم وبين الغرب استتب لهم الأمر تماماً في العراق حتى في المناطق السُنية التي رضخت لهم بعد أن تم التنكيل بهم من قبل القاعدة وبعدها داعش وبعدها ميليشيات الحشد التي فعلت بالناس ما لم تفعله داعش، ويجري كل ذلك بمباركة دولية حتى تغول الملالي في العراق الذي بات مخرجا ومتنفسا لهم في كل أزماتهم بل وذراعا ووسيلةً لهم في مخططاتهم وتوجهاتهم، ويتقاسم الملالي الوجود والنفوذ في العراق مع الأمريكان مثلما يتقاسمون معهم الوجود والنفوذ في سوريا وبالطبع كفة الملالي هي الراجحة برغبة أمريكية ويبدو أن الإدارة الأمريكية أرادت ذلك لتخفيف الأعباء عن نفسها ولم لا؟ لطالما حصادها مضموناً في كل الأحوال بالتوافق مع الملالي فالتوافق بين الملالي والإدارة الأمريكية والأمم المتحدة في العراق توافق قائم من الناحية العملية بعيداً عن التصريحات المتطايرة هنا وهناك.
وتتكرر نسخة النظام الإيراني في العراق حيث يحكم البلاد منذ سنة 2003 نظامٌ هشّ ركيك يدعي أنه يسعى إلى الديمقراطية والازدهار، ولكنه في الحقيقة نظامٌ تابعٌ قائم على الفساد سلم إرادته بيد قوىً خارجية، ويعتمد النظام العراقي على مجموعة متنوعة من الأساليب للبقاء في السلطة، من بينها استخدام خطاب وشعارات الدين والمال والسلاح ودعم الميليشيات والارتكاز عليها بعد تهميش دور الجيش الذي لم يعد بالأساس ذلك الجيش النظامي المعهود، وتعزز نسخة الملالي في نظام السلطة بالعراق وجود وقوة نظام الملالي في إيران داعماً لبقائه معيناً إياه على صناعة الأزمات التي يرى فيها مخارج له من أزماته على الدوام، وتُعد السلطة في العراق نسخة طبق الأصل للنسخة القائمة في إيران مع فارق أن الخلافة في طهران والولاية في العراق.
وجدير بالذكر أن نظام الملالي يعاني من كثير من التناقضات التي أسفرت وما زالت عن آثار مدمرة على الشعب الإيراني والمجتمع الدولي، كما تؤدي التدخلات العسكرية الإيرانية إلى زعزعة استقرار المنطقة وتهديد الأمن الدولي، وتعتمد هذه التدخلات على هيمنة وتمدد الملالي في العراق وسيطرتهم على كافة مفاصل السلطة، وعلى المؤسسات الدينية والاقتصاد، كما للملالي أنشطة اقتصادية في العراق بالتوافق مع السلطة العراقية على الرغم من أنها أنشطة مدمرة للعراق، ومن هنا فإن إحدى أوجه الشبه بين العراق وإيران هي وحدة المحنة والآلام، ولهذا السبب يحتاج الشعب الإيراني والشعب العراقي إلى العمل معاً من أجل إحداث تغيير في أنظمتهما وإقامة أنظمة حكم ديمقراطية حقيقية تلبي مطالب كافة جماهير الشعب، ويجب أن يكون هذا العمل منطلقاً من الإيمان المُطلق بأن بداية الخلاص في العراق تكون مع نهاية وزوال نظام حكم ولاية الفقيه في إيران، كذلك سيكون زوال الملالي في إيران داية لعهد جديد في اليمن وسوريا ولبنان والمنطقة والعالم، ومن أجل إسقاط نظام الملالي وأذرعهم وإحداث تغييرٍ بمنطقة الشرق الأوسط لا بد من توفر عدة عوامل داعمة لهذا المسار وأهمها ما يلي:
- دعم الحركات الديمقراطية في البلدين.
- تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الفساد والتدخل الخارجي.
- نشر الوعي حول مخاطر هذه الأنظمة ودورها في زعزعة الاستقرار الإقليمي.
من خلال دعم تلك البنود يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد في بناء مستقبلٍ أفضل للشعب الإيراني والشعب العراقي.
ميكيافيللية الملالي وأذرعهم بالعراق
يعتقد ميكيافيللي أن السياسة هي لعبة، وأن الهدف الرئيس للسياسة هو الحفاظ على السلطة، ولتحقيق هذا الهدف يجوز للحكام استخدام أي وسيلة ضرورية بما في ذلك الكذب والخداع والعنف، وهذا هو الحال القائم في إيران الملالي ونسختهم في العراق، وبموجب الإيمان بهذا الفكر الشيطاني يتبع النظام الإيراني هذه المبادئ إلى حد كبير إذ يستخدم الدين وسيلة لتبرير قمعه للمعارضة وانتهاكاته السافرة لحقوق الإنسان، كما يستخدم القوة العسكرية لتهديد معارضيه ونشر نفوذه في المنطقة، ومن الأمثلة على ميكيافيللية الملالي للحفاظ على السلطة الاعتقالات التعسفية والتعذيب والإعدامات، والتهديد الفعلي للمملكة العربية السعودية، والتهديد الدعائي لـ سلطات الاحتلال في فلسطين بالقوة العسكرية.
ولأجل الاستئثار بالسلطة وفق ميكيافيلية الملالي لم تتسلح العمامة بمركز الخلافة في إيران ولا في نسختهم الموالية للخليفة في العراق ولبنان وغيرها بسلاح العلم والمعرفة والتقوى ولم تتخذه وسيلة لإدارة البلاد وشؤون الرعية؛ نظراً لإفلاسها في هذا الجانب، واتخذت البندقية والسيف والسياط والكذب والخداع وسائل بديلة للتمكن من السلطة والبقاء فيها، ولم يكن ذلك كافياً لترويض وإسكات الشعب، وهنا لا بد لأنظمة الأزمات هذه، ومنها نظام الملالي الحاكم في طهران من أزمات مستمرة، ولا بد لمشروع البندقية من أدوات فكانت ولاية الفقيه وكان الحرس ليحيمها وكان البسيج كقوة تعبئة ترفد الحرس بقوى متجددة، وبالتالي لا بد لهذه القوى من مشاريع وحروب وفتاوى تحميها وتحمي أفرادها ومكاسبهم وامتيازاتهم وغضّ البصر عن جرائمهم وسرقاتهم ما داموا مخلصين، وهنا يأتي تفسير إخلاص الحرس لولي الفقيه الذي يشرع لجرائمه ويحميه ويفتي له إن تطلب الأمر ذلك.
تفسير إخلاص قوات حرس نظام الملالي للولي الفقيه
يمكن تفسير إخلاص تنظيم قوات ميليشيا حرس نظام الملالي للولي الفقيه الذي يشرع لجرائمها ويحميها ويفتي لها إن تطلب الأمر على أنه تعبير عن الولاء العميق للنظام الإيراني ورجال الدين الحاكمين، وتعتقد قوات حرس نظام الملالي أن الولي الفقيه هو القائد الأعلى للشعب الإيراني وأن واجبهم نحوه هو حمايته وتنفيذ أوامره.
وجوه إخلاص قوات حرس نظام الملالي للولي الفقيه:
الشرع: تعتقد قوات حرس نظام الملالي أن الولي الفقيه هو صاحب الرأي الشرعي الأعلى في إيران، وأن قراراته وفتاواه ملزمة لجميع المسلمين في البلاد؛ لذلك فإن قوات حرس نظام الملالي تدعم جرائم الولي الفقيه بل وتنزهه وتحميه من المساءلة القانونية لأنها تعتقد أنه يتصرف وفقاً للشريعة الإسلامية، وقبل كل ذلك فهو يدعم وجودهم ودوام امتيازاتهم.
الحماية: يتمتع الولي الفقيه بحماية أمنية مشددة من قبل قوات حرس نظام الملالي، وتعتقد هذه القوات أن الولي الفقيه هو الهدف الرئيس لدى أعداء النظام الإيراني لذلك فإنها تتفانى في حمايته من أي خطر.
الفتاوى: يصدر الولي الفقيه فتاوى دينية هي أشبه بتوجيهات سياسية وعسكرية مهمة لبقاء النظام ولا علاقة لها بالدين لكنهم يُلصقونها بالدين، وتعتقد قوات حرس نظام الملالي أن هذه الفتاوى ملزمة لجميع المسلمين في إيران وأنه من واجبهم تنفيذ أوامره.
الآثار المترتبة على إخلاص قوات حرس نظام الملالي للولي الفقيه:
تعزيز سلطة الولي الفقيه: يمنح إخلاص قوات حرس نظام الملالي للولي الفقيه سلطة أكبر له حيث يتمتع بدعم قوة عسكرية كبيرة واسعة النفوذ ومطيعة.
تقويض الديمقراطية: يساهم إخلاص قوات حرس نظام الملالي للولي الفقيه في تقويض الديمقراطية في إيران، حيث يمنحه سلطة مطلقة على جميع السلطات في البلاد، كما تساهم الحروب والفتن التي يعمل على اشعالها نظام الملالي في تقويض الديمقراطية حيث تخلق جواً من الخوف والرعب الذي يصعب فيه على المعارضة أن تؤدي دورها على النحو الأمثل.
زعزعة استقرار المنطقة: يساهم إخلاص قوات حرس نظام الملالي للولي الفقيه في زعزعة استقرار المنطقة، حيث يدعم الولي الفقيه الأنشطة الإرهابية والميليشيات المسلحة في المنطقة.
الحروب والفتن هي الترياق الذي تتغذى عليه أنظمة الأزمات
يمكن القول إن الحروب والفتن هي الترياق الذي تتغذى عليه أنظمة الأزمات، إذ لا تخدمها حالة الاستقرار والشفافية والعدالة الاجتماعية لأنها بذلك لن تدوم طويلاً على سدة الحكم وذلك لعدة أسباب من بينها ما يلي:
تشتيت انتباه الشعب: تساعد الحروب والفتن في تشتيت انتباه الشعب عن المشاكل الداخلية للنظام مما يشرع لمنع ظهور الاحتجاجات والمطالب الشعبية بالتغيير ويبيح قمع خصوم الرأي.
تعزيز سلطة النظام: تمنح الحروب والفتن للنظام سلطة أكبر؛ إذ يُصبح النظام حينها القوة التي لا بديل لها في ظل تلك الحروب ويضطر الشعب إلى الاعتماد على النظام في الحماية والأمن.
وتحتاج أنظمة الأزمات هذه إلى حالة من عدم الاستقرار وترويع المجتمع من أجل البقاء طويلاً على سدة الحكم؛ إذ إنه في حالة الاستقرار والشفافية والعدالة الاجتماعية لن يجد النظام أي ذريعة لقمع المعارضة أو مصادرة حقوق الشعب، وسيفقد مبررات وجوده وكذلك ما يحصل عليه من دعم شعبي، وهناك العديد من الأمثلة على استخدام الحروب والفتن من قبل أنظمة الأزمات للبقاء في السلطة ومن بينها على سبيل الذكر لا الحصر:
النظام الإيراني: استخدم النظام الإيراني الحرب في سوريا واليمن للتدخل في شؤون المنطقة وتعزيز نفوذه.
النظام السوري: اغتنم النظام السوري فرصة الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2011 لتقويض المعارضة وتعزيز سلطته.
النظام الصيني: استخدام النظام الصيني سياسة القمع والاحتجاز التعسفي للمواطنين لمنع ظهور معارضة حقيقية.
وهذا هو نظام الملالي.. وهذه هي نسخته في العراق.. وتلك هي مخططاته ونواياه لم تتغير، واليوم أصبح العرب على حافة هاوية كبرى بسبب هذا النظام.. فهل سنسعى لمداواة هذا النظام بالتي هي الداءُ.
ليفانت - د. سامي خاطر
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!