الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • اللامركزية بمفهوم الأكثرية والأقلية “هل تناسب كل السوريين”؟

اللامركزية بمفهوم الأكثرية والأقلية “هل تناسب كل السوريين”؟
حسين أحمد


ما تزال شعوب الشرق بشكل عام تفكر بالانتقام والثأر وتخوين الآخر -إن لم توافقني في رؤيتي فهذا يعني أنّك ضدي- لذلك نحتاج إلى الكثير من العمل الدؤوب لإيصال مفهوم الحوار وقبول الآخر، سياسياً وثقافياً واجتماعياً، وكذلك مفهوم تداول السلطة بطريقة ديمقراطية لإيصال الشعب إلى بر الأمان.


إذا أردنا طرح هذا السؤال: هل يمكن تغيير تسمية الجمهورية العربية السورية إلى “الجمهورية السورية”؟ هذه الأطروحة بحدّ ذاتها جميلة بمدلولها، ولكن ربما تخلق إشكالية كبيرة لدى البعض، ولكن حتى يتم تقبلها، يحتاج هذا الشعب إلى مستوى عال من الوعي والمسؤولية والثقافة. بغية طرح هذه الفكرة لا بد من إفساح المجال للشعب لتناوله بطريقة معرفية وأخذ الآراء بالطريقة الأنسب، لجميع المكونات السورية بما فيها الشعب الكردي، فهو نظام ديمقراطي ربما سيفتح الطريق أمام الخبرات للعب دور في تثبيت الأسس الصحيحة لمستقبل كافة المكونات التي تعيش في المناطق السورية، دون تدخل الفاسدين، ومن لا يريدون أن تستقر الأوضاع في سوريا، لذلك من يطرح هذا المشروع هو مرفوض لدى السلطة.


ومن لا يقبلون به هم الحكام أو المتنفذون في سبيل أن تظل السلطة أحادية، على الرغم من أنّ المساحة التي يسكنها الكرد في سوريا هي وحدة جغرافية وسياسية متكاملة، والتجربة المريرة علمت الشعب الكردي بأنّ حق تقرير المصير للشعب الكردي في إطار سوريا اتحادية هو الحل السياسي الأنسب، يضمن الاستقرار والسلام والتنمية والازدهار، أو الارتداد والنكوص وعودة الدكتاتورية.


وقد تكون مسألة المحافظات غير مقبولة بالنسبة للشعب الكردي، ترضخ الفئة المتمثلة بالسلطة الأحادية لشروط القوي وتقبل به، بينما إن تعلّق الأمر بحقوق الكرد التاريخية على أرض آبائهم وأجدادهم، فيجن جنونهم وتثور نخوتهم الوطنية والعروبوية والشهاموية. نجدهم يهدّدون ويوعدون ويصرخون بحجة أنّ سوريا في خطر. هذه هي ثقافتهم، القبيلة القوية تغزو القبيلة الضعيفة، تسبي وتقتل وتنهب وتشعر بالفخر في انتصاراتهم. ما يزالون يستقوون فقط على الضعيف ويتثعلبون أمام القوي ضد شعوبهم، وكمثال على ذلك، لم يطبق مفهوم اللامركزية في العراق حتى هذه اللحظة بشكلها السياسي، ونرى نتائجها السلبية على أرض الواقع، لذلك الحلول الديمقراطية لا تنفع في الظروف الحالية لبعض التجارب التي نشاهدها في الدول الإقليمية، وحيث إنّ القوة على الأرض والانسجام مع مصالح الدول العظمى هي ستفرض نفسها والكرة في مرمى المتضررين، وأوّلهم الكرد.


طبقاً لذلك، يجب على الكرد توحيد خطابهم وإيصال رسالة واضحة إلى كل الأطراف المعنية بأنّهم لن يقبلوا بعد الآن بوضعهم السابق وتشكيل قوة ضغط لإجبار الشركاء على الرضوخ إلى متطلبات المرحلة واستحقاقاتها، والإقرار بتعددية سوريا، عرقياً ومذهبياً، ووضع عقد اجتماعي جديد، وأساس جديد للدولة، بدستور يشعر كل واحد أنّه ممثل فيه دون انتقاص للحقوق أو استغبان لها، وبغية الانطلاق من تلك الصيغة، يجب وضع خارطة توزيع للثروة الوطنية على الجمي، لإرساء عنوان جديد لسوريا يناسب التضحيات التي قدمها الشعب السوري.


يتوجّب أن تكون سوريا دولة اتحادية، والإقرار الدستوري بالحقوق القومية للشعب الكردي وفق العهود والمواثيق الدولية، وإلغاء الظلم والقهر والتشريعات والسياسات الاستثنائية بحق الشعب الكردي، وإعادة الحقوق لأصحابها وتعويض المتضررين، ويجب أن توقّع على هذه الثوابت كافة الأطراف، وبوجود ممثلي الدول العظمى والإقليمية.


الأمر الأهم هنا، هو إلغاء مفهوم الأقلية والأكثرية، بحيث يتساوى جميع المواطنين أمام القانون وعدم العودة الى المربع الأول، ومطالبنا هذه لا تعدّ خيالية، بل هي حقوق مشروعة يجب أن نحصل عليها بل ونسترجعها. يجب على أبناء محافظة الحسكة الاهتمام ببعضهم، وإن لم يتوحدوا سيلتهمهم الإرهاب وتكثر بينهم الجماعات المسلحة، حيث نجد أنّ كل واحد منهم يربي لحية تتجاوز شبراً أو شبرين، وهو مموّل من الخارج ويقوم بأعمال النهب والسلب والقتل، يقف حجر عثرة ضد مفهوم اللامركزية التي تنشدها القوميات التي تعيش على الأرض السورية. بقي أن نناشد الجميع معاً: اخدموا محافظتكم واهتموا بإدراتكم وخاصة التجربة الفتية التي أعلنت عنها في حزيران يوليو 2013، فهي مستمرة على الرغم من نواقصها الكثيرة، ويجب دعمها وتصحيح هيكلتها الإدارية الموجودة، من خلال مشاركة الائتلاف الوطني الكردي والأقليات المتعايشة مع الكرد وغيرهم، على الرغم من أنّ أعداء الديمقراطية لن يسمحوا لشعوب المنطقة بأن يعيشوا بأمان أو أن تتحقق لهم أنظمة ديمقراطية لا مركزية في سوريا.


إنّ مشروع اللامركزية الذي تبنّته روسيا منذ ثلاث سنوات (2017)، وصاغته في مشروع مسودة دستوراً لسوريا، وعرضته على المعارضة والنظام في مؤتمر أستانا 2017، وجرى مناقشتها في أكثر من محفل دولي، كانت تلائم في حينها الحالة السورية بكل دقة، وبنفس الوقت هو العلاج الصحيح إن وجد شرفاء حقيقيون يريدون المحافظة على سوريا ويهمهم وحدة الشعب السوري.


إنّ مصطلح اللامركزية وإمكانية تنفيذها في المشهد السياسي السوري دستورياً، هو عنوان حضاري ديمقراطي لسوريا المستقبل، حيث يتخلص الشعب السوري من الظلم والقهر مع توزيع الدخل العام والثروات الباطنية بالتساوي، ومن ثم ربط العقد واحدة تلو الأخرى للوصول إلى جسم سليم معافى، ويتطلّب دقة بالعمل وسرعة بالإنجاز، وإن لم يتم إدراك مفهوم اللامركزية فسوف تمضي سوريا إلى التقسيم وتنتهي السلطة المركزية.


 حسين أحمد  








 




كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!