-
مابين كسرى وقيصر.. هل هناك غير الموت؟
في غزو سابور الثاني (ذي الأكتاف)، وهو أحد أكاسرة الفرس في جاهلية العرب، وقد غزا جزيرة العرب وأخذ هجر والبحرين حتى وصل اليمامة، وقد وطئ أرض العرب، وكان يخلع أكتافهم دون أن يقتلهم، ليتركهم يزحفون على الأرض، لايقوون على سقاية أنفسهم من العطش، سابور هذا لم يستطع حكم العرب إلا من خلال عملائه، فاستعان بامرئ القيس ليكون عامله على العراق، ويحدث، بعد ذلك، أن يفتح العرب بلاد فارس، ويهدموا ممالك كسرى، لتظلّ إيران تحت حكم الإسلام (العرب) لمدة ٦٤٠ عاماً، من ١٥ للهجرة، حتى /٦٥٦/ للهجرة، حيث احتلّ المغول إيران.
لم أشأ أن أوغل في التاريخ، وليست صنعتي، ولكنه الواقع، يجعلنا نعود إلى جذور قد لاتبدو بعيدة، إذا ما أمعنّا النظر حولنا، وتأملنا واقعنا الذي نعيشه كعرب (صفة تطلق على ساكني شرق المتوسط) حتى وإن لم يتبقَ منهم غير اسم بلا معنى.
كسرى خميني، وكسرى خامنئي، وخلال سنين معدودة، امتدت أيديهم ليطبقوا على شواطئ المتوسط الشرقية، ويحتلّوا العراق ويحولوا اليمن السعيد إلي يمن باكٍ وشقيِّ.
يضربون عمق مملكة العرب والنفط، يفجرون إمداداتها، ويتكاملون بالأدوار مع قيصر الروم، الذي يسعد باقتسام سهلٍ وغير مكلفٍ مع الفرس لخيرات أرض العرب.
قيصر، أيها المجنون الرافل بثوب النزاهة والخير وتحرير السوريين من سفاحي العصر، أين كنت ياقيصر وقد كنت ترى بعينك القوية ملايين أجهزة الرصد والاستطلاع والمخابرات وجيوش العملاء، ولا تكاد تمر طلقة من مسدس لاتعرفها، ولا تعرف من أطلقها؟، أين كانتا، وأنت ترى البراميل التي تلقى على شعب أعزل، قبل أن تمرّر لهم بعض أسلحة، لا تصدّ برميلاً يسقط من طائرة تحلق بعلوّ عشرات الامتار؟، أين كنت وأهل الارض تهيم في البر والبحر والموت مدركهم؟، الآن فقط تحرّك فائض إنسانيتك التي خبرناها؟
ألأجل آلاف الصور التي لانعلم كيف أخرجت وكيف وصلت، ألم تقتل الملايين وتشرد على مرآكم ومسمعكم؟، ألم تكن تملك كل الدلائل على مذبحة العصر والتاريخ التي لم يحدث مثلها أبداً؟.
قيصر أوباما ، قيصر ترامب ، وكلكم يا قياصرة الغرب أين كنتم منذ عشر سنوات، من الموت الثقيل الذي حصد الملايين في بيوتهم، وفي معتقلات المجرمين، وماذا تحملون الآن في قانونكم سوى الموت بالجوع الذي هو أصلاً قد فتك بساكني أرضنا؟
لانفط لدينا في سورية حتى نقدّمه مقابل الغذاء كما العراق، نفطنا بأيديك ياقيصر، وقمحنا بأيديك ياقيصر، فراتنا الذي كان يفيض خيراً، وباديتنا التي تفيض نفطاً، وكل خيراتنا هي بيديك ياقيصر، وقد سلّمتها لمجرمين وشذاذ الآفاق، وزيتوننا وكرزنا بيد إخوتنا الأنصار، يحيطونه برعاية المؤمنين ويجعلون مذاقه حراماً على أهله.
ياسلطانهم ترفّق.. ماذا تبقّى للسويين ليعيشوا؟، وهل سيجوع بشار ومنظومته بقانونكم فيستسلمون؟، وهل قانونكم هذا إلا لأجل أن تموت سورية، موتاً نهائياً لاتقوم بعده أبداً؟، ثم ألستم قد توقفتم يوماً عن القول، بأنكم لاتريدون تغيير النظام، إنّما إصلاحه وتهذيبه؟، كيف لعقولنا أن تتحمل مثل هذا الكلام، وكيف تستوعبه؟.
الكثير الكثير من الموتى الأحياء، من السوريين، مفتونون بقانونك، وينظمون الندوات والحوارات والتجمعات عبر غرف الواتس آب، والتي لم يعد يملكون غيرها، لم يعد أحد يدفع لهم ليجتمعوا في فنادق فارهة في عواصم العالم السعيد، يسيرون سعداء في جنازة وطنهم ، تلك الأشلاء الممزقة المتبقية، مما كان يسمى وطن.
مجرمٌ أنت يابشار، لست مجرماً، وحسب، بل أنت أكبر مجرم عرفه التاريخ، لكنك لست وحدك ذلك المجرم المتفرّد بإجرامه، وإنما كل من نهج نهجك هو مجرم بمقدار إجرامك، وسواء وقف على اليمين أو على اليسار، موالٍ أو معارض، سالم، مسلح، أو حمامة منزلة، من يحبو لعجزٍ أو يركض بحيل غيره، ورجلاه تدوسان عواصم العالم، غير أنّه جعل من رأسه مداساً لكل مشترٍ لأشلاء سورية، يحمل حقيبة، يدّعي أنّه يملك أرضاً سورية للبيع، فمن يدفع؟
نحن لسنا مسلمين ولا كفاراً، نحن لسنا علمانيين ولا مؤمنين، لا يمين ولايسار، نحن فقط نبيع وطن.
لكن، في النهاية، لا أحد يعلم، على وجه الدقة، كم عمر هذه الأرض، أرض الشام، وكم مرّت عليها أقوام وأقوام، وظلت هي هي، المستنفرة دوماً، لتصنع حاضرها ومجدها، وتاريخها يشهد لها أنّها ذات يوم هبّت فوصلت إلى الهند والأندلس، غير أنّنا لانريد الآن سوى أن نلملم أشلاء أرضها، ونحمي أهلها من نيران كسرى وجوع قيصر.
اصطفوا يميناً ويساراً، مؤمنين وملحدين، انتبهوا من غفلتكم، لتستطيعوا أن تنتزعوا أحشاء من انتزع أحشاء وأشلاء الملايين من من ضحاياكم.
ليفانت – محمود سليمان حاج حمد
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!