-
قرارات للتشويش وتسوية قادمة
بعد مرور تسع سنوات على رفع شعار (خلصت) لصاحبه رفيق نصر الله، وبعد مرور سبع سنوات على العدّ التنازلي للأيام المئة التي حدّدها ناصر قنديل لانتهاء الأزمة السورية، وبعد كل التفاهات التي نطق بها أبواق النظام عن النصر وعن الصمود وتحرير قرية هنا، ومدينة هناك، وعن رحيل ساركوزي وحمد وهولاند وأوباما وبقاء الأسد، يعيش السوريون في الداخل في وضع كارثي غير مسبوق، كما يمرّ النظام بمنعطف قد يكون الأخير قبل الوصول لتسوية سياسية يفرضها المجتمع الدولي على أطراف النزاع في سوريا.
كانت الإحاطة التي حملها المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا، السيد غير بيدرسون، لمجلس الأمن الذي عقد اجتماعه، في 18 إيار الماضي، واضحة جداً في الضرورة لمتابعة الحوار من أجل حلّ سياسي، مشيراً إلى تداعيات استمرار الأزمة على المنطقة (مشيراً إلى ليبيا)، وأكد على وجود نقط ارتكاز يمكن البناء عليها، كما حذّر من الانهيار الاقتصادي في البلاد وآثاره على الشعب السوري.
التفاهمات (الروسية_التركية) حول إدلب، والوضع الجديد الذي أنتجه فايروس كورونا من أزمات اقتصادية هي الأصعب من نوعها وانخفاض سعر برميل النفط قد يفرض الإسراع في انهاء الصراعات المسلحة وإيجاد بدائل سياسية مناسبة، وما سبق ذلك من تصعيد في الإعلام الروسي تناول الأسد ونظامه.
عملت الولايات المتحدة على ضم القوى الكردية التي هي خارج الهيئة العليا للمفاوضات، وخارج اللجنة الدستورية، إلى تلك الهيئة واللجنة، وتراجع النفوذ الإيراني بعد تشكيل حكومة الكاظمي التي تعتبر أول حكومة عراقية لا تتبع لطهران، بالإضافة لتقارير إعلامية تتحدّث عن تقليص التواجد الإيراني في سوريا وإن لم نكن نعلم مدى مصداقيتها. والجدير بالذكر اقتراب موعد تنفيذ قانون قيصر (بعد شهر من الآن).
إضافة إلى الوضع الداخلي السوري وما نشهده من صراعات “عائلية” على العلن، وعودة للاشتباكات في جبهتي الجنوب والشمال، وانهيار سعر صرف الليرة أمام الدولار، ما هي إلا مؤشرات نستدلّ من خلالها على أنّ القوى الدولية والإقليمية تسعى بشكل جديّ لحلّ أزمة أصبحت عبئاً على الجميع.
أما الوضع المعيشي داخل البلاد نستطيع اختصاره بالقول، إنّ الدولار يعادل 2000 ليرة سورية، حتى لحظة كتابة هذه السطور، أي زيادة في سعر البضائع والسلع وساعات التقنين للكهرباء والماء، ونقص في المداخيل والمحروقات من غاز وبنزين وحتى مادة الخبز.
هنا نعود للحديث عن إعلام النظام وأبواقه، وتأثيره الذي ينتهي إلى الرقم صفر عند جمهوره أيضاً، وليس معارضيه فقط، لذا فهو يعمل على إشغال الناس عن أحوالهم اليومية ومشاكلهم وقضيتهم الرئيسة.
نرى عضو مجلس الشعب محمد قنبض، مثلاً، بمقطع فيديو مسرّب قصداً من داخل المجلس، لينال اهتمام السوريين ويصبح حديثهم لأيام، أو كما صرّح سابقاً وزير الكهرباء محمد زهير خربوطلي بأنّ “الكهرباء للإنارة وليست للتدفئة”، ومستشارة الأسد التي ظهرت على قناة الميادين لتقول إنّ “الاقتصاد السوري أفضل بخمسين مرة مما كان عليه في 2011″، ومعاون وزير التعليم العالي لشؤون الطلاب رياض طيفور الذي قال: “الهدف الأساسي من نظام التعليم المفتوح هو التثقيف الاجتماعي ورفع مستوى الثقافة لدى الطالب وليس الهدف منه ممارسة مهنة على أساس الشهادة الممنوحة أو متابعة التحصيل العلمي في الدراسات العليا ولكن النظام التعليمي انحرف عن هدفه”، وزير الصحة أيضاً عندما سئل عن فايروس كورونا تكلم بما أشغل الناس لأيام وأيام عن الفايروس نفسه… إلخ من تصريحات لكركوزات يملى عليهم ما يجب أن يتلى.
حتّى إنّ الصفحات التي تتبع للأجهزة الأمنية أو التي تبدي الولاء المطلق للرئيس الأسد تكون السباقة للعمل على نشر تلك التصريحات وتزيد جرعة السخرية من هؤلاء الدمى.
أحياناً يلجأ النظام لطرق أخرى، مثلما حدث عند إغلاق أحد أهم وأعرق وأشهر المحال في سوريا (بوظة بكداش) بالشمع الأحمر، والزوبعة التي حدثت على صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي، وما حدث يوم الثلاثاء 19 أيار، عندما تم أيضاً إغلاق مستودع تابع لشركة جود لأنه قام بزيادة الأسعار بنسبة20%، مع العلم أن الزيادة في بعض السلع تجاوزت نسبة75%.
إذا ما استعرضنا تواريخ كل تلك الألعاب التي قام بها مهرجو النظام وموظفو،ه نجد أنّ كل منها تزامن مع فضيحة أو مجزرة ارتكبها أو كالتي ارتكبها تنظيم داعش بحق جنوده أثناء الاحتفال بتحرير حلب، أو انهيار في سعر العملة، أو انقطاع الغاز…إلخ.
علينا ألا نسمح بالتشويش على القضية الأساسية للشعب السوري، ولنعمل لتعود مواقع التواصل كما كانت في السابق، ولنفعل دورها الحقيقي في مرحلتنا هذه، ونؤكد من خلالها على ضرورة الانتقال السياسي وتنفيذ قرار جنيف والقرار 2254 والقرارات الدولية ذات الصلة.
ولنرجع بالذاكرة إلى العدوان الإسرائيلي على غزة في2008، عندما ساهمت شبكة النت في لعب دور مهم جداً في حشد الشعب العربي المتضامن مع قضيته، فعملت في حينها مواقع التواصل من غرف الدردشة الإلكترونية إلى المنتديات بحالة تشبه المظاهرات والإعتصامات، لكنها إلكترونية، جمعت الشارع العربي من محيطه إلى خليجه لأول مرة بعد عقود من الديكتاتورية والاستبداد، وإلى بداية الربيع العربي والدور المهم لمواقع التواصل الاجتماعي في خروج المتظاهرين للمطالبة بعيش حر كريم.
ليفانت – آدم قدرو
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!