الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • تايوان والخشية الأمريكية من غزو صيني.. مُماثل لغزو أوكرانيا

تايوان والخشية الأمريكية من غزو صيني.. مُماثل لغزو أوكرانيا
تايوان والولايات المتحدة \ ليفانت نيوز

مع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، دعت رئيسة تايوان، تساي إنغ ون، حكومتها إلى البقاء في "حالة تأهب قصوى" ضد ما وصفته بـ "الحرب المعرفية" وجهود التضليل من قبل القوى الأجنبية، التي تهدف إلى "استخدام التوترات في أوكرانيا لإذكاء الذعر وعدم الاستقرار في تايوان".

كانت تلك إشارة إلى المخاوف التايوانية من تكرار سيناريو الغزو الروسي في الجزيرة، لكن هذه المرة في الطرف الصيني، الذي رفض الاشتراك مع المجتمع الدولي في معاقبة موسكو على تصرفها، بل وحاولت في كثير من المواقف تبرير الأفعال الروسية، من خلال إلقاء اللوم على الولايات المتحدة والناتو.

تدريبات عسكرية تايوانية

ولعل البطء الروسي في نيل المكاسب بأوكرانيا، وتراجعها عن فكرة احتلال كييف، أخرت من لجوء بكين إلى عمل مماثل في تايوان، إلا أن الأخيرة لا تأمن جانب الصينيين الذين يصرون على ان الجزيرة تابعة لهم، وعليه، توجهت الجزيرة إلى محاولة التحضير عسكرياً لمقاومة طويلة الأمد وفق السيناريو الأوكراني.

وبالصدد، ذكرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، منتصف مايو الماضي، أن الجيش التايواني بدأ تدريبات القيادة والأركان، وفق سيناريو يفترض هجوم الجيش الصيني على الجزيرة، على خلفية مناورات مجموعة حاملة الطائرات الهجومية التابعة للبحرية الصينية بقيادة حاملة الطائرات "لياونينغ" في غرب المحيط الهادئ، في ظل إصرار بكين على "مبدأ الصين الواحدة"، والذي بموجبه لا يمكن الاعتراف بكل من جمهورية الصين الشعبية وجمهورية الصين في تايوان في نفس الوقت.

اقرأ أيضاً: وزير دفاع سابق متشدد حيال الصين يُنتخب زعيماً للمعارضة الأسترالية

وقد قال يانغ جيه تشي، رئيس ديوان الشؤون الخارجية باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، في التاسع عشر من مايو، إن بلاده ستتخذ إجراءات حاسمة لحماية سيادتها ومصالحها الوطنية في حال تدخل أمريكي بشؤونها الداخلية، وذلك في حديث هاتفي مع جاك سوليفان مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، مشدداً على أن واشنطن قامت خلال فترة من الزمن، باتخاذ العديد من "الإجراءات والتصريحات غير الصحيحة" للتدخل في الشؤون الداخلية للصين والإضرار بمصالح بكين، وأضاف: "ستتخذ الصين إجراءات حاسمة لحماية سيادتها ومصالحها الأمنية، وسنحول أقوالنا إلى حقيقة".

إعلان أمريكي غير مسبوق

المخاوف التي تنتاب التايوانيين من غزو صيني لجزيرتهم، يشاركهم فيه الأمريكيون، حيث أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في الثالث والعشرين من مايو، عن استعداد واشنطن للمشاركة العسكرية في الدفاع عن تايوان "في حالة حدوث غزو"، وذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، في طوكيو، حيث أجاب الرئيس الأمريكي عن سؤال صحفي بشأن الالتزامات التي أخذتها الولايات المتحدة الأمريكية على عاتقها، وأضاف: "نظل ملتزمين بالحفاظ على السلام والأمن في مضيق تايوان، ونعتزم ضمان عدم تغيير الوضع الراهن من جانب واحد".

اقرأ أيضاً: الصين تخفق في جزر المحيط الهادئ

لتحتج السلطات الصينية بشدة على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ ون بين، الذي قال إن على الولايات المتحدة الأمريكية "توخي الحذر فيما يخص تعليقاتها بشأن تايوان"، وقال كذلك إن الصين "تعرب عن استيائها واحتجاجها الشديدين على بيان الجانب الأمريكي" مشيراً إلى أن "تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية"، على حد زعمه.

كما قال ون بين، إن إجمالي مبالغ صفقات الأسلحة الأمريكية لتايوان قد تجاوز بالفعل مبلغ 70 مليار دولار، وتابع المتحدث أن الصين لن تسمح لأي دولة من دول العالم بالتدخل في سياستها الداخلية، بما في ذلك قضية تايوان.

الصين ترد على بايدن عسكرياً

وفيما يشبه الرد المبطن على التهديدات الأمريكية بحماية تايوان، أجرت القوات المسلحة الصينية، في الخامس والعشرين من مايو، مناورات عسكرية بالقرب من الجزيرة، بهدف "تحذير الولايات المتحدة"، حيث جاء في بيان صدر عن المنطقة الشرقية لقيادة جيش التحرير الشعبي: "يعد ذلك تحذيراً جدياً بسبب النشاط الأخير بين الولايات المتحدة وتايوان".

اقرأ أيضاً: الصين تتصدّر مستوردي النفط الروسي.. وألمانيا إلى الوصافة

بينما قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، نقلاً عن مصادرها، إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن كثفت جهودها لتعزيز القدرات الدفاعية لتايوان، مع مراعاة تجربة توريد السلاح لأوكرانيا، ووفقاً للصحيفة، تأمل السلطات الأمريكية "تعزيز وجودها العسكري" في المنطقة من أجل "محاولة صد هجوم محتمل من القوات المسلحة الصينية"، ولهذه الغاية، كثفت القيادة الأمريكية "جهودها لتعزيز القدرات الدفاعية لتايوان".

وبحسب معلومات الصحيفة، تحقيقاً لتلك الغاية، وعدت الولايات المتحدة ببيع تايوان مقاتلات من طراز "إف-16"، وراجمات صواريخ وأسلحة مضادة للسفن، وكما في حال أوكرانيا، قد تقوم الولايات المتحدة بتزويد تايوان بمعلومات استخبارية واستطلاعية.

اتهامات أمريكية صينية متبادلة

وكرد منها على المناورات العسكرية الصينية، اتهم وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في السادس والعشرين من مايو، الصين بتأجيج التوتر إزاء تايوان، معتبراً أن بكين تقوم بتهديدات متزايدة في هذا الصدد، كما شدد في خطاب ألقاه حول الصين، على أن "السياسات الأمريكية لم تتغير في أعقاب إعلان الرئيس جو بايدن، استعداد واشنطن للدفاع عن جزيرة تايوان"، وقال: "فيما لم تتغير سياساتنا، ما تغير هو التهديد المتزايد من جانب بكين، مثل محاولة قطع علاقات تايوان مع دول في أنحاء العالم، ومنعها من المشاركة في منظمات دولية".

كذلك شدد بلينكن، على أن الصين تقف إلى جانب روسيا في "عدوانها على أوكرانيا"، وتابع بإن بكين تريد تغيير النظام العالمي، موضحاً أن بلاده لا تبحث عن حرب باردة جديدة، بل تريد تعزيز النظام الدولي، لافتاً إلى أن الصين أصبحت من أكبر القوى العسكرية في العالم، وأن الحزب الحاكم فيها بات أكثر قمعاً ويقوض النظام العالمي، كاشفاً عن قلق أميركي من تزايد النفوذ الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

اقرأ أيضاً: الكونغرس ينوي التضييق على النشاطات التجارية الصينية

لترد بكين بتوجيه سهام الانتقادات لوزير الخارجية الأميركي، مُعدةً خطابه هادفاً إلى تشويه سمعتها، حيث زعم الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ ونبين، أن كلام الوزير الأميركي محض افتراء، وذكر خلال مؤتمر صحافي، إن خطاب بلينكن "ينشر معلومات خاطئة ويُضخّم تهديد الصين ويتدخّل بالشؤون الداخلية لها، ويشوه صورة سياساتها الداخلية والخارجية"، معتبراً أنه يرمي إلى عرقلة التنمية والتقدم في البلاد من أجل الحفاظ على هيمنة الولايات المتحدة وتفوقها، وفق قوله.

أكبر توغل صيني

وفي نهاية مايو، نفذت الصين ثاني أكبر توغل في منطقة الدفاع الجوي التايوانية هذا العام، إذ أبلغت تايبيه عن دخول 30 طائرة إلى المنطقة، بما في ذلك أكثر من 20 مقاتلة، وهو ما ندد به وزير الدفاع الأمريكي، في الحادي عشر من يونيو الجاري، عندما اعتبر النشاط العسكري الصيني بأنه "استفزازي ومزعزع للاستقرار" قرب تايوان، بالتوازي مع تحذير نظيره الصيني من أن بكين "لن تتردد في بدء حرب" إذا أعلنت الجزيرة استقلالها. 

وقال وزير الدفاع لويد أوستن في قمة "حوار شانغري-لا" الأمنية في سنغافورة: "إننا نشهد إكراها متزايدا من جانب بكين. شهدنا زيادة مطردة في النشاط العسكري الاستفزازي والمزعزع للاستقرار قرب تايوان"، وأوضحت وزارة الدفاع الأمريكية إن أوستن شدد على "أهمية السلام والاستقرار عبر مضيق (تايوان) ومعارضة أي تغييرات أحادية للوضع القائم ودعا (الصين) إلى الامتناع عن القيام بأي خطوات إضافية حيال تايوان تزعزع الاستقرار".

اقرأ أيضاً: تايوان تدين قطر "لتسييسها" كأس العالم وسط خلاف مع الصين

في حين قال وزير الدفاع الصيني في ذات المؤتمر، في سنغافورة، إن الصين ستقاتل "حتى النهاية" إذا حاولوا فصل تايوان، وأضاف الوزير: "إذا حاول أي جانب فصل تايوان عن الصين، فلن نتردد في القتال، وسنقاتل بأي ثمن حتى النهاية".

وعليه، تتواصل الرسائل سواء الدبلوماسية أم العسكرية، بلغة التهديد والوعيد بين واشنطن وبكين حول جزيرة تايوان، ويبدو أن الخشية الأمريكية تتمثل في بدء الصين بغزو الجزيرة، عند إنهاء الروس غزوهم لأوكرانيا، بتحقيق بعض أهدافهم أو كلها، وربما ذلك ما يدفع واشنطن لمساندة كييف، كون هزيمة الأخيرة، قد تفتح شراهة آخرين للبدء بأعمال مماثلة، تزيد من هشاشة النظام العالمي القائم.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!