الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
إقليم كردستان.. الدولة الناشئة المستهدفة  
محمد واني

مشكلة المؤسسات العراقية الأساسية التي يتشكل منها  النظام "الاتحادي" في العراق، أنها مفككة وغير متجانسة ولا ‏يكمل بعضها بعضاً كما في الدول ‏الديمقراطية، الهيئات التشريعية مستقلة تماماً عن الهيئات التنفيذية وهي بدورها ‏مستقلة عن المحاكم والهيئات القضائية، وعندما نقول إنها مستقلة لا نقصد بذلك ‏المعنى الإيجابي للكلمة كما في ‏الأنظمة الديمقراطية التي تمارس كل مؤسسة فيها دورها الفاعل والمؤثر في قيادة البلاد بتعاون ومشاركة سلسلة ‏وطبيعية مع المؤسسات ‏الأخرى من أجل تحقيق هدف واحد وغاية واحدة وهي توفير الأمن والاستقرار والحياة الكريمة ‏للمواطنين.

فالسلطات الرقابية في العراق ضعيفة ويتخللها الفساد ‏والوهن وعدم القدرة على المحاسبة والمعاقبة، رغم ‏تشكيل هيئة النزاهة الوطنية عام 2005 وأدرجت في الدستور، فإنها وقفت عاجزة تماماً عن طوفان الفساد الذي ‏‏اجتاح العراق الذي ما زال منذ ذلك التاريخ يتصدّر الدول الأكثر فساداً وخطراً في العالم، على الرغم من أن الدستور ‏العراقي تبنى النظام البرلماني لقيادة الدولة، وكان ‏من المفروض أن تهيمن هذه المؤسسة التشريعية المهمة على مرافق ‏الدولة الحيوية وتمارس دورها في مراقبة ومحاسبة المؤسسات التنفيذية التي أخطأت كثيراً في ‏سياساتها الداخلية ‏والخارجية وفشلت في مواجهة الفساد والإرهاب، ولكنها أخفقت في أداء مهامها واقتصر دوره على تصديق بعض ‏القوانين الهامشية بينما ظلت ‏القوانين المصيرية، مثل إقرار قانون النفط والغاز وقانون الأحزاب وتفعيل المادة 140 ‏الخاصة بالأراضي المتنازع عليها مع الكرد وغيرها مركونة على رفوف مكاتبها.. ‏وإزاء ‏غياب الدور الرقابي للبرلمان وهيمنة الفصائل الطائفية على قراراته وانحراف مرافق قضائية مهمة كمجلس القضاء الأعلى وتسيسه، دخل العراق في أتون أزمات خانقة لم يخرج منها لحد الآن.. وقد لا ‏‏يخرج منها إلا على حساب وحدته الوطنية. ‏

ومما زاد الأمر قتامة وسوءاً هيمنة ميليشيات الحشد الشعبي التي تأسست بفتوى من المرجع "علي السيستاني" عام 2014 على مقدرات البلد، وأهم مؤسساتها وهي البرلمان وجزء مهم من تشكيل الحكومة الرسمية التي يقودها "مصطفى الكاظمي"، الأمر الذي بدا وكأنها دولة "قوية" داخل دولة "ضعيفة" وهي كذلك.

وفي المقابل، هناك دولة غير رسمية في الشمال العراقي اسمها "إقليم كردستان" لها كل مقومات الدولة تقودها حكومة وبرلمان ولكنها ليست مستقلة بل تابعة للعراق الفدرالي، مؤسساتها أكثر تنظيماً وتماسكاً من مؤسسات العراق التي يتفشى فيها الفساد ويهيمن عليها الفاسدون.

يتولى الحكم في هذه الدولة الناشئة رئيس محنك "نيجيرفان بارزاني" يتمتع بنشاط دبلوماسي وعلاقة قوية مع دول الجوار وله صداقة مع الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" والرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، وكثيراً ما قام بـ"تهدئة التوترات بين تركيا وبعض دول الخليج، بين أردوغان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل النهيان"، بحسب موقع المونيتور الأمريكي مثلاً.. فشتان بين الدولتين؛ دولة طائفية فاشلة وفاسدة آيلة للسقوط في أي لحظة ودولة ناشئة غير رسمية في طور التأسيس تحمل في طياتها كل مقومات الحياة والأمن والاستقرار في منطقة ساخنة تعيش على الصراعات والحروب الدموية الدائمة.

 

ليفانت – محمد واني

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!