الوضع المظلم
الخميس ٠٢ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • 8 سنوات على ثورة المصريين.. ذكرى سقوط المشروع الإخواني الكبير

8 سنوات على ثورة المصريين.. ذكرى سقوط المشروع الإخواني الكبير
8 سنوات على ثورة المصريين.. ذكرى سقوط المشروع الإخواني الكبير

ظلت جماعة الإخوان منذ تأسيسها في العام 1928 بمصر، تسعى للوصول إلى الحكم في البلاد، وهو ما تحقق بعد أكثر من 82 عاماً من التأسيس باستغلال حالة الحراك الشعبي التي بدأت في الدول العربية في عام 2011 (الربيع العربي)، واستخدام الشعارات الدينية لخداع الشعوب على مدار كل هذه السنوات، لكن وبمجرد تولي التنظيم حكم مصر بالتزامن مع عدة دول عربية أخرى، بدأ مشروع الإخوان في الانكشاف تدريجياً ثم سقط إلى الأبد.


أين وصل مشروع الإخوان لـ"أستاذية العالم"؟


ووفق الأدبيات التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين فإنّ حكم البلدان العربية كان حلماً أسس له حسن البنا، ووضع لتحقيقه خطة طويلة الأجل أطلق عليها "أستاذية العالم"، بمعنى أن تصل الجماعة وفق خطوات محددة وأدوات وآليات تمارسها عبر سنوات إلى الحكم في البلاد العربية في وقت واحد، وتبدأ مشروعاً للخلافة وفق القواعد التي يضعها مكتب الإرشاد ومن ثم التنظيم الدولي للإخوان.


وبالتزامن مع الذكرى الثامنة لثورة 30 يونيو التي أسقطت حكم جماعة الإخوان عن مصر في عام 2013، ما تزال الجماعة تغرق في الأزمات، خاصة مع التضييق الذي تمارسه السلطات التركية على عناصر التنظيم المتواجدين على أراضيها مؤخراً، وكذلك التضييق الأوروبي على الإخوان في ظل الاستراتيجية الأوروبية الشاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف والتي أعقبت هجمات نيس الدامية منتصف العام الماضي.


نقمة وصول الإخوان للحكم


ويقول البرلماني المصري طارق الخولي عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، إنّ ثورة 30 يونيو أنقذت مصر وكذلك المنطقة العربية من المشروع الإخواني الكبير الذي كان يستهدف تخريب وتقسيم المنطقة لصالح أجندات دول أخرى، دعمت وصول الجماعة للحكم ومن ثم قدمت الدعم المادي واللوجيستي لعملياتها الإرهابية التي أعقبت ثورة المصريين واستهدفت مؤسسات الدولة المصرية وكذلك رجال الأمن والقضاء والسياسية والإعلام، بل امتدت لتشمل المواطنين الذين خرجوا في التظاهرات الرافضة لحكم الجماعة أو أيدوها.


وأوضح "الخولي" في تصريح لـ"ليفانت"، أنّ 30 يونيو كانت "كاشفة" لزيف ادعاءات الإخوان وفساد شعاراتهم التي طالما تاجروا بها واستخدموها في صياغة مضامين لخداع الناس وتجنيد الشباب، وأهم الأفكار التي كشفتها تتعلق بمنهج الإخوان العنيف، وأنها جماعة تستخدم العنف والإرهاب من أجل الوصول للحكم وأصبحت الدلائل على ذلك واضحة تتجلى في مئات العمليات التي نفذتها أذرع التنظيم المسلحة، ومنها على سبيل المثال "حسم ولواء الثورة"، المدرجتين على قوائم الإرهاب الأمريكية، وما قاموا به من حرق مئات الكنائس شرق البلاد وغربها واغتيالات طالت جميع المسؤولين في أجهزة الدولة.



شعار الإخوان


واستشهد الخولي أيضاً بالعمليات الإرهابية التي استهدفت رجال الجيش والشرطة والقضاء، والتي اعترفت أذرع الإخوان المسلحة بتنفيذها، مؤكداً أن الشعب المصري أصبح يعلم تمام العلم ما هي حقيقة هذا التنظيم، وأنّه مجرد جماعة إرهابية تستغل شعارات دينية من أجل السلطة كما يدرك المجتمع الدولي كله أنّ جماعة الإخوان ليست جماعة دعوية ولا سياسية سلمية ولكنها "تنظيم إرهابي".


وفي السياق ذاته، يقول الخولي إنّ الثورة نجحت في استعادة مصر من أيدي عناصر التنظيم الإرهابي، مشيراً إلى أنّ بلاده خاضت حرباً شرسة مع إرهاب الإخوان وحلفائها على مدار سنوات، ونجحت في التصدي له، وفي الوقت ذاته نجحت القيادة المصرية في تحقيق نمو اقتصادي واستعادة الدور الإقليمي والدولي القوي لمصر، وذلك بالتوازي مع تحقيق تنمية مجتمعية غير مسبوقة، وهو ما يجعل الشعب المصري على استعداد بأن يحتفل اليوم وهو فخور بمكتسباته.


ماذا لو لم تحدث ثورة 30 يونيو؟


تحت هذا السؤال يضع الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات، محمد مرعي، عدة افتراضات "كارثية" في حال لم تتم هذه الثورة.


هناك افتراضات وتساؤلات أخرى يمكن طرحها بشكل آخر مختلف، تخيل معي أن ثورة الثلاثين من يونيو فشلت وحدث التالي تباعاً خلال سنوات:


عُلّقت المشانق لقادة القوى المدنية وقادة القوى الشعبية في كل محافظات مصر؛ عقاباً لهم على ثورتهم ضد حكم المرشد.


أصبح قادة الجيش والمخابرات العامة والحربية والأمن الوطني من عناصر تنظيم الإخوان، وتنفيذ خطة التنظيم للسيطرة على كل هذه المؤسسات والأجهزة.


إنشاء حرس ثوري خاص يدين بالولاء لمكتب الإرشاد ويكون منوطاً به حماية حكم التنظيم والتنكيل بأي قوى مدنية تفكر في الثورة على حكم مكتب الإرشاد.


أصبح المحافظون ورؤساء المدن وعمد القرى ورؤساء المحليات من عناصر تنظيم الإخوان.


أصبح شيخ الأزهر الشريف من الإخوان، وتم تغيير مناهج الأزهر لتتوافق مع أيديولوجيا التنظيم.


أصبح كل رؤساء الصحف القومية والخاصة من الشخصيات الإخوانية أو المحسوبة عليهم، وتم تأميم كل المؤسسات الإعلامية، وأصبحت أفكار التطرّف والتحريض على العنف والتمييز ومعاداة المختلف مع الإخوان هي العادي والمتعارف عليه.


أصبحت كل مصادر الإنتاج الثقافي والفني والأدبي في مصر تحت رقابة مكتب الإرشاد وقتها في المقطم.


أخونة القضاء المصري، وأصبح كل رؤساء الهيئات القضائية يدينون بالولاء لمكتب الإرشاد.


أصبح كل رؤساء الجامعات في مصر من الإخوان والموالين لهم.


إدخال مناهج الإخوان وفكرهم ليكون جزءاً من مناهج التدريس في المدارس المصرية والتعامل مع حسن البنا كقائد تاريخي ووطني في مصر؛ في وضع أشبه بتعامل الإيرانيين مع الخميني.


أصبح “عصام الحداد” مساعد مرسي للشؤون الخارجية “مسجون حالياً” وزيراً لخارجية مصر وشرع في الأخونة الكاملة للخارجية، وأدخل عناصر إخوانية للسلك الدبلوماسي وأصبحوا سفراء يمثلون مصر في مختلف دول العالم.


أصبحت مصر قبلة ومنطقة جذب وتوطين لكل التنظيمات والمجموعات الإرهابية في العالم من أفغانستان وليبيا وسوريا وغيرها.


تقدم مصر الدعم السياسي والمادي لتنظيمات القاعدة وداعش والإخوان في سوريا وليبيا، وتساعد هذه التنظيمات في إسقاط الجيوش الوطنية والسيطرة على مقاليد الحكم في هذه الدول.


تتدخل مصر وتمنع سقوط نظام البشير الإخواني، ويشرف مكتب الإرشاد على إرسال مجموعات مسلحة تساعد نظام البشير على قمع ثورة الشعب السوداني على نظامه.


التغافل عن زيادة نمو الظاهرة الإرهابية في سيناء والتعايش معها إلى أن تضيع ويصبح أمام إسرائيل المبرر أمام العالم لاحتلالها مرة أخرى، أو السماح بزيادة تمدد غزة داخل الحدود المصرية لإنشاء وطن بديل للفلسطينيين على أرض غزة وسيناء.


دخلت مصر في قطيعة مع حلفائها الخليجيين، وأصبحت أنظمة الحكم في الخليج مهددة جراء الدعم الذي سيقدمه تنظيم الإخوان لمجموعاتهم الخاملة والظاهرة في هذه البلدان.


أصبحت مصر منبوذة دولياً وفي عداء مع كل جيرانها ومع المجتمع الدولي، ولا تختلف كثيراً عن الصورة الذهنية المرسومة لأفغانستان في العالم.


ستصبح مصر من الدول الفاشلة اقتصادياً، وسيعيش شعبها في فقر مدقع، وسنصبح عالة على العالم.


تخلت مصر عن مصالحها وثرواتها في شرق المتوسط، ودخلت في خلاف مع قبرص واليونان، وتماهت مع الرؤى التركية بمخالفة القانون الدولي للبحار في شكل التقسيم بشرق المتوسط.


ويشير "مرعي" إلى أن "الافتراضات كثيرة وتحتاج إلى مئات المقالات لسرد كيف سيصبح شكل مصر لو فشلت ثورة الثلاثين من يونيو، أو ما ستؤول إليه أوضاعنا في حال نجح تنظيم الإخوان الإرهابي في السيطرة على مصر. لكن السؤال الذي أختم به، هل كان تنظيم الإخوان يمتلك القدرة على إفشال ثورة الثلاثين من يونيو، ووقف زحف أكثر من 30 مليون مصري، ومنع قائد الجيش المصري، وقتها، الفريق أول عبد الفتاح السيسي من التحرك؟ بالتأكيد لا؛ فالأمة المصرية قادرة على ابتلاع كل هذه التنظيمات والقضاء عليها، والجيش المصري والمؤسسات الأمنية المصرية ستظل دائماً حائط الصدّ والدفاع الأول عن هذه الأمة ومنع سقوطها، وستظلّ مصر مقبرة لكل من تسول له نفسه الإضرار بها، فهي دولة قديمة وليست لقمة سائغة لابتلاعها. المجد كل المجد لكل مصري ومصرية كلٍ في موقعه ودوره ساهم وما يزال في حماية هذا الوطن، وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تحمل الدور الأكبر في قيادة مصر والعبور بها وإنقاذها، ويكفيه دوره في دعم إرادة الشعب المصري في الثلاثين من يونيو، ويكفيه أنه نجح في دفن مشروعات الإسلام السياسي، ليس في مصر وحدها بل في الإقليم بأكمله".


ليفانت - رشا عمار ليفانت 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!