الوضع المظلم
الأحد ٢٨ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
الصومال ومخطط الإرهاب القطري
خالد الزعتر


يحتلّ البحر الأحمر (شريان الحياة التجارية) أهمية إستراتيجية لدى كل من (تركيا وإيران)، حيث تنتهج هاتان الدولتان إستراتيجية تطويق المنطقة الخليجية، ولايمكن النظر للتحركات التركية في السودان أو التحركات الإيرانية في اليمن عبر الجماعة الحوثية الإرهابية، إلا أنّه جزء من مخطط تثبيت الوجود على سواحل البحر الأحمر، وبالتالي احتلت (الصومال) مكانة مهمة في إستراتيجية الإرهاب التركي والإيراني، وذلك لموقعها الإستراتيجي (المدخل الجنوبي للبحر الأحمر) وضمن دول القرن الأفريقي.


في المرحلة الأخيرة، وفي ظل النجاح الذي يحققه التحالف العربي في مواجهة الميليشيات الإرهابية الحوثية، وإضعاف اليد الإيرانية في اليمن، وأيضا حالة المتغيرات التي يشهدها السودان، والتي انبثقت منها حركة التصحيح للأخطاء الإستراتيجية التي ارتكبها نظام البشير، ومنها تسليم (إدارة جزيرة سواكن السودانية للأتراك، وهو ما يوفر لهم فرصة في تحقيق مخططهم لضمان موطئ قدم لهم على سواحل البحر الأحمر)، فهذه المتغيرات والتطورات، بلا شك، أخرجت حوض البحر الأحمر من إطار الحسابات الإيرانية والتركية، وكانت ضربة في مقتل للمخطط الإيراني والتركي.


اتجهت الأنظار التركية والإيرانية في ظل حالة الانحسار لمخطط تثبيت الوجود على سواحل البحر الأحمر إلى (الصومال)، التي كان لها ثقل في الإستراتيجية التركية والقطرية، حيث ذهبت تركيا مبكراً إلى إنشاء قاعدة عسكرية لها، وذهبت قطر إلى تثبيت وجودها للاستفادة من ثروات الصومال الدفينة وغير المستغلة، ومنها النفط، ويبلغ حدّه البحري 10.320 كم، وبالتالي فإنّ (الصومال) في المخطط الثلاثي الإرهابي (تركيا وإيران وقطر) هي فرصة في غاية الأهمية للاستفادة من ثرواتها الهائلة، وكذلك فرصة لإعادة انتعاش المخطط التركي والإيراني، لإيجاد موطئ قدم على سواحل البحر الأحمر، والتغلغل في دول القرن الأفريقي.


في الصومال، تعتمد تركيا وإيران على الدور القطري ومخطط الإرهاب القطري، الذي يسعى لتركيع الدولة الصومالية، والذي سعت الدوحة منذ وقت مبكر إلى نسج علاقات واسعة في الداخل القطري مع الجماعات المسلحة، ومنها حركة الشباب الصومالية، حيث أنشأت قطر العديد من الجمعيات الخيرية في الصومال، لتسهيل عملية التمويلات السرية لهذه الحركة وغيرها من الجماعات المسلحة في الداخل الصومالي، ولم تتوقّف تحركات قطر على الجماعات الإرهابية، بل سعت لنسج علاقات مع النظام السياسي، حيث تتهم قطر بالتغلغل في مفاصل الحكم في الصومال، خاصة بعد وصول محمد عبد الله فرماجو (عميل الدوحة)، الذي جعل الصومال أكثر اعتماداً على قطر.


وبالتالي فإنّ الصومال وعاصمته مقديشو، والتي تعيش اليوم وضعاً أمنياً وسياسياً واقتصادياً سيئاً، هو جزء من المخطط القطري والتركي والإيراني الهادف لإبقاء الصومال (دولة هشة وفاشلة) وذلك لاستمرارية الأرض الخصبة للتغلغل في مفاصل الدولة الصومالية، وإبقاء التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها حركة الشباب الصومالية، في وضع نشط، وذلك حتى يتسنّى تمهيد الطريق أمام إنجاح المخطط التركي والإيراني لضمان استمرارية موطئ القدم على سواحل البحر الأحمر، حيث تنظر كل من تركيا وإيران إلى وجودها في الصومال، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، فرصة على أمل تغيير المعادلة في البحر الأحمر، والتي تميل لصالح دول المحور العربي ودول الاعتدال، وبخاصة بعد أن خسر الأتراك والإيرانيين وجودهم في اليمن والسودان.


وبالتالي، فإنّ الحالة الصومالية تتطلب “التغيير الجذري”، وذلك عبر تطهير مفاصل الدولة من التغلغل القطري، الذي يعتبر المدخل الرئيسي للوجود التركي والإيراني في الأراضي الصومالية، وهذا ما بدأ الشارع الصومالي يصل فيه إلى مرحلة القناعة، وبالتالي فإنّ ما تشهده الصومال في الفترة الأخيرة على مستوى القوة المؤثرة، اجتماعياً وسياسياً، هو بلا شك ينذر بمرحلة التطهير الحقيقي التي ستقود لانتشال الصومال من العبث الخارجي، وبالتالي فإنّ التحالفات التي تشهدها الصومال، وبخاصة بين القبائل، لطرد محمد عبدالله فرماجو (عميل الدوحة)، هو بلا شك البداية الحقيقية نحو عملية التطهير التي يحتاج إليها الصومال للخروج من حالة الفشل السياسي والاقتصادي والأمني، وحالة التوظيف الخارجي من قبل القطريين والأتراك والإيرانيين لتحقيق طموحاتهم الفوضوية والتوسعية.


ليفانت – خالد الزعتر  ليفانت 








 




النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!