الوضع المظلم
الأربعاء ٠١ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • الإخوان من الصراع على حكم بلاد "الربيع العربي".. لصراع الزعامة

الإخوان من الصراع على حكم بلاد
مصر.. جماعة الإخوان المسلمين/ تويتر

في التاسع من ديسمبر الجاري، تطرقت صحيفة "ذي إيكونوميست" البريطانية، بتقرير خاص إلى الصراع الدائر بين أقطاب تنظيم الإخوان المسلمين، بعنوان: "مشاكل بين الإخوة: حركة الإخوان المسلمين تمزق نفسها"، منوهة فيه إلى تبادل قادات التنظيم في كل لندن واسطنبول، الشتائم والاتهام بالفساد وخدمة وكالات الاستخبارات الأجنبية.


ونقلت عن أسامة جاويش، الإخواني السابق الذي يعيش في بريطانيا، بأن "بدل التضحية بأنفسهم، فإنهم يضحون بالحركة"، مشيرةً إلى أنه منذ إنشائها، فقد شهدت الحركة نقاشاً داخلياً بين أتباعها حول الإستراتيجية والأساليب، لكن الصدع زاد سوءاً عقب إزاحة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الإخوان المسلمين من السلطة في 2013.


جماعة الإخوان المسلمين في مصر

ودبّ الخلاف في التنظيم وفق الصحيفة البريطانية، بخصوص كيفية الرد على السيسي، إذ دعا "الحرس القديم" إلى وضع نجاة الحركة أولوية، وفضلوا النهج البراغماتي، فيما قرر أعضاء آخرون تبني العنف، لكن الأولوية اليوم، تحولت عند أعضاء وقادة الحركة، إلى إخراج السجناء من المعتقلات، فيما أحبطت الخلافات على زعامة الحركة تلك الجهود، فمن جهة هناك إبراهيم منير، الذي خلف محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام بعد القبض عليه في مصر، ومن جهة ثانية هناك محمود حسين، السكرتير العام السابق الذي علق منير عضويته في أكتوبر، إلى جانب خمسة أعضاء بارزين، بعد اتهامهم بالفساد، ليرفض حسين والخمسة الآخرون قرار منير، ويصدروا بياناً يفصلون فيه منير الذي يشرف من لندن على الشبكة الدولية للحركة، ويملك علاقات جيدة مع الحكومات الأجنبية، بينما يقيم حسين في اسطنبول، ويدير موقع الحركة على الإنترنت وحساباتها المصرفية ولديه مفاتيح قناتها التلفزيونية.


اقرأ أيضاً: بايدن وبوتين.. والتطبيع المعتمد على تطابق المصالح القصوى

وتنوه الصحيفة البريطانية إلى أن الخلاف العلني وغير العادي الذي استعملت فيه حملة تشهير من الطرفين، أدخل الحركة في اضطراب، في وقت يكافح فيه "الإسلاميون السنة" في العالم العربي، حيث أخرجتهم الانتخابات من العراق وحكومة المغرب، وفي تونس، والسودان من السلطة، خاصة أن قطر وتركيا التي منحت الملجأ لهؤلاء، لديهما أولوياتهما، وكلاهما يسعى للتصالح مع دول معادية للإسلاميين مثل مصر، والإمارات.


محاولات إقصاء الإخواني الآخر


الصراع الذي تطرقت إليه "ذي إيكونوميست"، كانت لـ"ليفانت نيوز" قد تطرقت له سابقاً، بتقريين منفصلين في أكتوبر الماضي، ففي الحادي عشر من ذلك الشهر، ذكرت مصادر مطلعة لـ"ليفانت"، إن حالة الصراع بين قيادات التنظيم الإرهابي في لندن وتركيا، قد وصلت ذروتها على مدار الأشهر السابقة، بينما يحاول كل منهما إقصاء الآخر وحسم الصراع لصالحه بالسيطرة على المراكز التنفيذية الفاعلة داخل التنظيم وكذلك مصادر التمويل، خاصة أن مجموعة تركيا التي يتزعمها القيادي السابق في مكتب الإرشاد محمود حسين قد شكلت لجنة داخلية لعزل إبراهيم منير من منصبه، لكن الأخير استبق قرار اللجنة بالإعلان عن إزاحته و5 أخرين من مناصبهم.


اقرأ أيضاً: المناخ يُخيّر البشرية.. الاستجابة الحقيقية أو الفناء الجماعي

وذكرت مصادر ليفانت حينها، إن إبراهيم منير هو أحد القيادات التاريخية في الجماعة الإرهابية، لكن لديه استراتيجيته الخاصة بشأن محاولة إعادة التنظيم المأزوم للمشهد السياسي في الدول العربية، ومواجهة التحديات التي تلاحقه، وبالرغم من اتفاق الطرفين في الهدف، إلا أن رغبة كل منهما في السيطرة على التنظيم قد ابتلعت أي محاولة للتفاهم أو الصلح بينهما، ووفق مصادر "ليفانت"، لن ينتهي الصراع بين جبهتي التنظيم الإرهابي إلا بنهاية أحدهما دون استسلام، ولا تستبعد المصادر أن تنفذ مجموعة تركيا عملية اغتيال منير الذي يقيم في لندن منذ عقود، وهى استراتيجية ليست بغريبة أو مستجدة على نهج الإخوان، التي اعتادت تصفية الخصوم بالقتل.


سحب البساط من تحت أقدام إخوان مصر


وأوضح وقتها، الكاتب المصري المختص بالإسلام السياسي "منير أديب" لـ"ليفانت نيوز"، أن اللائحة العامة لا تشترط أن يكون المرشد من داخل مصر، ولكن العرف السائد على مدار نحو 90 عاماً أن يكون المرشد إخوانياً، ويشير في الوقت ذاته إلى أن الإخوان يمرون بلحظات ضعف قد تدفع قيادات من التنظيم الدولي للسيطرة على مكتب الإرشاد، وكذلك منصب المرشد العام، ونزع السيطرة من إخوان مصر بشكل شبه نهائي.


اقرأ أيضاً: لأن العسكرة وحدها لا تشيد أمةً قوية.. الانكسارات التركية تتوالى

وأضاف الكاتب المصري إن الخلاف يبدو سياسي تنظيمي، لكن في الحقيقة، طرفاه يرون في بعضهما خطراً على الجماعة، وهو ما يؤدي إلى انهيار التنظيم نهائياً، مشيراً إلى أن كل الاحتمالات مطروحة للرد على قرار منير، وقد يتم إقالته وسحب الثقة منه، خاصة أنه قد فتح المجال أمام قيادات التنظيم غير المصرية لتولى منصب المرشد العام.


فضائح التنظيم التاريخية


وعادت "ليفانت نيوز" في العشرين من أكتوبر الماضي، للتطرق إلى تاريخ التنظيم الحافل بوقائع الفساد التاريخية بين أبرز قياداتها، وأكدت في تقرير، أن الوقائع تلك لا يمكن قراءة الوضع الحالي للتنظيم بمعزل عنها، ولعل أبرزها أزمة الفساد الأخلاقي والمالي بين مؤسس التنظيم، حسن البنا، ومدير مكتبه، أحمد السكري، في عام 1947، انتهت بفصل الأخير عن منصبه، وبعدها بأقل من عامين شهدت الجماعة أكبر فضيحة أخلاقية في تاريخها، بعد أن أثبتت لجنة التحقيق الداخلية، تورّط عبد الحكيم عابدين، صهر حسن البنا، بوقائع تحرّش واعتداء جنسي على عدد من الأخوات في اجتماعات تنظيمية.


بجانب أزمات أخرى كانت فاصلة في تاريخ التنظيم الذي لوّث تاريخه بالفساد والإرهاب، كان أبرزها الخلاف التاريخي بين حسن البنا أيضاً ومؤسس الجناح المسلح في التنظيم، عبد الرحمن السندي، والذي انتهى بمقتل البنا، وكذلك الصراع بين المرشد الثاني، حسن الهضيبي، ومجموعة النظام الخاص ثم بين الأول والشيخ محمد الغزالي، انتهت بعزل الثاني والتشهير بسمعته.


اقرأ أيضاً: رغم السنين الثمان.. السوريون يواصلون استذكار رزان واتهام “جيش الإسلام”

وذكر التقرير أنه على امتداد التاريخ السيء للجماعة، تبدو الواقعة الأقرب للخلاف الراهن، فيما حدث بين محمود عزت الذي كان قائماً بأعمال المرشد منذ عام 2014، وحتى تم القبض عليه من جانب السلطات المصرية في 2020، من جهة، ومجموعة الكماليون (نسبة إلى محمد كمال)، قائد الخلايا المسلحة، الذي نصب نفسه مرشداً عاماً على التنظيم، وانشق مع كتلة كبيرة من شباب الإخوان في عام 2016، وتمرد على عزت وجماعته، قبل أن يقتل في مواجهة نارية مع الأمن المصري مع مجموعته المسلحة عام 2018.


الحكم أولا.. أياً كان الثمن


وفيما يتصارع التنظيم اليوم بين أقطابه، يبدو فيها كل طرف متمسكاً بموقعه، جاهزاً للقتال حتى الرمق الأخير في سبيل الحفاظ على كرسي الزعامة، فإن شعوب الدول الشرق أوسطية والشمال أفريقية، التي شهدت ما يعرف بـ"الربيع العربي"، وعايشت تحوله إلى خريف ومن ثم شتاء قارص، يدركون أن التنظيم له الدور الأول في الدمار الذي حل بدولهم.


اقرأ أيضاً: أصفهان.. عندما تكمم طهران الحناجر العطشى

فالتنظيم فعل ذلك من خلال الارتهان للقوى الإقليمية التوسعية، المستغلة للمطالبات المشروعة للشعوب، والتسلق على دماء شبابها، وتغييب عقولهم، وبالتالي لا يجد المتابعون غرابة فيما وصل له التنظيم، لإدراك الغالبية أن الحكم هو الهدف الأول للتنظيم، أياً كان ثمنه، دماراً في سوريا، وشرذمة في ليبيا، ومحاولاتً للنيل من الاستقرار في تونس ومصر والسودان.


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!