الوضع المظلم
السبت ٢٧ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • الإخوان المسلمون وشراكة النظام بالدم السوري.. لعشر سنوات

الإخوان المسلمون وشراكة النظام بالدم السوري.. لعشر سنوات
الإخوان والنظام

تمر في الخامس عشر من آذار الجاري، الذكرى العاشرة على بدء أعمال الحراك الثوري السوري في العام 2011، والتي لم تتمكن رغم مرور عقد من الزمان عليها، من تحقيق أي من آمال وطموحات السوريين الساعين لحياة كريمة، فالأخيرة فقط تكفي السوريين اليوم، بعد أن قلّص المتواطئون عليهم آمالهم في الحرية السياسية إلى مجرد العيش وفق أدنى مقومات الحياة، وبالتأكيد إنّ أطرافاً كثيرة اشتركت في المقتلة السورية، وكانت السنوات العشر الماضية، كفيلة بإماطة اللثام عن وجوههم، وكشف عورتهم، رغم ما كانوا يدّعونه من مُناصرة للسوريين في حراكهم، وعلى رأسهم تنظيمات الإسلام السياسي، بشقّيها العسكري والسياسي.


الإخوان والحراك السوري


فمنذ بدء الحراك الثوري السوري، ادّعى الإخوان المسلمون (بفرعهم السوري) أنّهم ليسوا قائدين له، لكنهم لم يكلوا ولم يملوا، وهم يحاولون السيطرة عليه، عبر جمعيات وتنظيمات إغاثية وطبية أو إنسانية، مستخدمة شعارات براقة وأسماء لا توحي لا من قريب ولا من بعيد بأنّها إخوانية، بجانب السعي للسيطرة على التنسيقات الشبابية في مختلف المناطق السورية، تمويلاً وإمداداً بالمعدّات، لقاء ضمان ولائها.


اقرأ أيضاً: كُلّ مَن يُعارض أردوغان (إرهابي).. مُثقفاً أكان أم أمياً


واستطاع التنظيم في نهاية المطاف الوصول إلى سيطرة شبه كاملة على الحراك الثوري، تمثل ذلك في تبني شعارات طائفية ومذهبية، والتبرير للمسلحين المتطرفين، بحجة أنّهم يناصرون الشعب السوري، مُقدمين بذلك خير مساعدة للنظام على الفتك بالسوريين بذريعة مُحاربة الإرهاب، لتصل الأمور إلى ما هي عليه اليوم.


تركيا تنقل مئات المرتزقة إلى ليبيا


تسليم الراية لتركيا


كان الظن في البدء أنّ التنظيم يسعى إلى مُقارعة النظام بغية السيطرة على الحكم في سوريا ليس إلا، وهي قد تكون مُبررة بالنسبة إلى فريق يدّعي أنّه "سياسي"، لكنه مُستتر بالدين، من قاعدة أنّ كل الأطراف السورية يحق لها أن تتسلم السلطة، وهو ما دفع الحراك السوري إلى تجنب مواجهة الإخوان المسلمين، لكن السنوات العشرة المنصرمة، أكدت أنّ غاية الإخوان تتجاوز الحكم في سوريا.


فالأخير، ليس إلا بوابة لمشروع أكبر، يلعب التنظيم فيه دور الأداة، إذ تجلّت تبعية التنظيم بشكل أو آخر، وبدراية وتصميم من قياداته، إلى ما يعرف بمشروع "العثمانية الجديدة"، التي لا يستحي النظام التركي من الإشارة الضمنية إليه في خطابات رئيسه الشعبوية، خاصة عندما يكون متقدماً في الميدان عسكرياً، وما السيطرة التي كان مُخططاً لها، إلا بوابة لاستعادة العثمانية، فالسيطرة على الحكم في دمشق من الأتراك عبر أدواتهم الإخوانية، كانت حكماً ستضع العالم العربي في مأزق تاريخي.


اقرأ أيضاً: أنقرة تفشل في تقمّص دور الضحيّة.. وتستذئب مجدّداً بالمتوسط


مأزق تجلّى فشله في مصر، بسيطرة الرئيس عبد الفتاح السيسي على الحكم من الإخواني محمد مرسي في العام 2014، ولولا ذلك، لكنّا اليوم ربما أمام واقع عثماني حقيقي، كما هو الحال في جزء من سوريا، وجزء من ليبيا، وجزء من قطر، وما الخريطة التي عرضتها إحدى القنوات التركية قبل فترة للنفوذ العثمانية المتوقع في العام 2050، إلا إبراز عملي لما يجول في العقل الباطن التركي، الساعي إلى إعادة ما يعتبرها "أمجاداً"، وهي ذات ما تعتبرها شعوب الشرق الأوسط احتلالاً مقيتاً، كلفهم مئات السنوات من الجهل والجوع والتخلف والموت والدمار.


منح النظام طوق النجأة


وبأوامر تركية، عملت تنظيمات الإسلام السياسي بجناحيها (العسكري والسياسي)، على عرقلة الحل في سوريا، من خلال تبني شعارات مرتفعة، أبرزها "عدم الحوار مع القتلة"، في إشارة إلى النظام السوري، بجانب استجلاب الإرهابيين والمتشددين من شتّى أصقاع المعمورة، وهو ما حول سوريا إلى ما يشبه "مكب نفايات بشرية"، تخلصت عبره دول العالم من متطرفيها، الذي دخلوا لسوريا عبر البوابة التركية في مجملهم.


اقرأ أيضاً: تركيا وبايدن.. مُحاولات عاثرة لإصلاح ما أفسده أردوغان


وأيضاً بأوامر تركية، سيطر الإخوان على الجهات السياسية التي تعتبر ممثلة للمعارضة، وعلى رأسها ما يعرف بـ"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة"، والتي هيمنت على المشهد منذ سنوات، لكنها ونتيجة لتبني مسلحين متطرفين، واعتبارها ممثلة لما يعرف بـ"الجيش الوطني السوري"، وهو تشكيل عسكري جامع لكل المسلحين الممولين من أنقرة، ممن يعملون دون أدنى اعتراض على تنفيذ كل الاجندات التركية في سوريا.. فَقَد (أي الائتلاف) الدعم والتعاطف الدولي الذي كانت تحظى به المعارضة سابقاً.


تبرير الغزو والاحتلال


ولعلّ أهم وأبرز الأحداث خلال السنوات العشر الماضية، كان تبرير تنظيمات الإسلام السياسي لتركيا غزو الأراضي السورية واحتلالها عسكرياً، برفقة ومصاحبة مسلحي ما يعرف بـ"الجيش الوطني السوري"، إذ كشف نموذج "درع الفرات" ما كانت تخططه له أنقرة مستقبلاً في سوريا، فبعد انتشار الإرهاب الداعشي لسنوات في سوريا، وعلى الحدود التركية، لم تحرك أنقرة ساكناً، إلا عندما بدأت قوات سوريا الديمقراطية التي يعتبر الأكراد السوريون عامودها الفقري.


اقرأ أيضاً: زيارة الحريري لـ أربيل.. نار تكوي وجدان الكُرد السوريين


فعقب تحرير "قسد" لمدينة منبج، في منتصف أغسطس من العام 2016، بدأت أنقرة تستشيط غضباً، لإدركها بقرب انتهاء حلمها بالتمدّد في الأراضي السورية، مع تمكن السوريين، كرداً وعرباً، ومن مختلف المكونات من إيجاد جسم عسكري يكون بديلاً عما تخطط له أنقرة، من تدخل عسكري مباشر عبر جيشها، بذريعة محاربة الإرهاب، ولم تمر فترة أسبوعين حتى بدأت تركيا، نهاية أغسطس، من ذات العام، برفقة مسلحيها بالهجوم على مدينة جرابلس، ضمن ما عرف بعملية "درع الفرات"، التي تذّرعت بمحاربة داعش، لكنها كانت حجة مفضوحة، بأنّها خطة تركية بديلة لمنع قسد من التمدد، والسيطرة على كامل الشريط الحدودي، ووصل منطقة عفرين (التي كانت تحت السيطرة الكُردية) مع منبج، وبالتالي قطع الطريق أمام الدواعش الداخلين من تركيا إلى سوريا.


حتى لو غزا دمشق


والأنكى أنّ تنظيمات الإسلام السياسي باركت العمليات التركية، في مناطق أخرى فيما بعد، من ضمنها (عفرين العام 2018، ورأس العين وتل أبيض العام 2019، وإدلب)، تارة بتكرار الاتهامات التركية لـ قسد، وتارة بذريعة منع النظام من قتل السوريين، وفي كل حالات، لم ولن يعجز الإخوان المسلمون عن تبرير مساندتهم لجيش غريب يغزو بلادهم، ويدنّسها بآلياته ومصفحاته، ليس في المناطق الحدودية فقط، بل حتى لو هاجم الجيش التركي العاصمة السورية دمشق.


كل تلك المعطيات، والإصرار التركي-الإخواني على الحل العسكري، قبل التدخل العسكري الروسي في العام 2015، لصالح النظام، أوصل سوريا إلى ما هي عليه اليوم، فلا النظام بجبروته استطاع أن يقضي على من يصفهم بالإرهابيين، ولا الطرف المقابل المدعي تمثيله للمعارضة استطاع إنهاء النظام، لا بل خسر الجانبان غالبية ما كانا يتمتعان به من تأييد ودعم أنصارهما، فيما ما يزال السوريون يجولون في ذات دوامة الأمل ببلد أفضل، لكنه حكماً لن يكون على يد أي من هاذين الطرفين.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!