الوضع المظلم
السبت ٢٧ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • اغتيال سليماني يكسر غرور إيران فــــما “قبله” ليس كما “بعده”

اغتيال سليماني يكسر غرور إيران فــــما “قبله” ليس كما “بعده”
سليماني


تدّعي إيران بأنّها لا تعادي أيّاً من الدول المحيطة بها، وبشكل خاص في الخليج العربي، محاولةً إبراز خطاب مطمئن للشعوب العربية بأنّها تعادي الحكومات فقط، لكن الحقيقة يمكن استنتاجها من تعامل سلطات طهران الفوقي والعنصري مع الأقليات التي تعيش على أرضها التاريخية، ومنها إقليم الأهواز ذو الكثافة السكانية العربية، أو غيرها من الأقليات.


وبجانب سياسات التفريس الخاصة المتبعة في كل المناطق ذات الغالبية العربية أو الكرُدية أو غيرها في إيران، تواصل طهران تهديد محيطها بالمزيد والمزيد من الأسلحة المُعلن عنها حديثاً، بجانب القواعد العسكرية والمناورات، التي لا تبعث إلا رسالة الموت لجيرانها، مهما حاولت أن تبرر طهران ذلك باستعداء أمريكا وإسرائيل، فلا أمريكا ولا إسرائيل هوجمتا حتى عندما قتلوا قاسم سليماني، لكن لبنان وسوريا واليمن والعراق، كلها دول انكوت بنار التوسّع الفارسي المستتر بالطائفية.


تهديدات جوفاء لأمريكا


ورغم ترديد أنصار ولاية الفقيه لشعار “الموت لأمريكا” و”الموت لإسرائيل” في كل وقت وحين، لكن تلك الشعارات تبقى أقوالاً لا أكثر، فقد فشلت طهران منذ بداية العام الجاري، في برهان قدرتها على ردّ الصفعة التي لطمتها أمريكا باغتيال قاسم سليماني، وظل الحال على ما هو عليه من تهديد ووعيد وشعارات جوفاء لذرّ الرماد في عيون أتباعها، ومنعهم من رؤية حقيقة عجزها عن مواجهة واشنطن أو حتى إسرائيل.


وضمن مسلسل التهديدات تلك، زعم الحرس الثوري الإيراني في التاسع عشر من سبتمبر الماضي، أنّه نظّم مخططاً للاستيلاء على قواعد للجيش الأمريكي في المنطقة، وسيجري تطبيقها في حال اندلاع حرب، فيما أطلق قائد “الحرس الثوري”، المدعو حسين سلامي، تهديداته مدّعياً أنّ كل القوات الأمريكية في المنطقة في أي حرب محتملة، ستكون تحت رصد إيران ورصاصها، مردفاً أنّ طهران تملك “آلاف الألوية العسكرية على الأرض، قادرة على احتلال وحرق كافة المصالح والقواعد الأمريكية في المنطقة”.


اقرأ أيضاً: العـقـوبات الأمـريـكـيـة لا تـعـرف كـبـيـراً.. وتـضـع الـعـصـي بــعـجـلـة الاقـتـصـاد الـصــيـنـي


وتابع سلامي بأنّ الضربات الصاروخيّة التي شنّتها طهران على قاعدة “عين الأسد” التي يستعملها الجيش الأمريكي في العراق، في شهر يناير الماضي، لم تأتِ بهدف الانتقام من اغتيال الولايات المتّحدة لقائد “فيلق القدس”، قاسم سليماني، بل لإثبات أنّ طهران دولة “لا تخشى أمريكا” (على حدّ قوله)، منبّهاً من أنّ الثأر لسليماني “ذو نطاق واسع”، مردفاً: “النظام السياسي الأمريكي ينبغي أن يدفع الثمن”.


وبذلك أقرّ سلامي أنّ هدف سلطاته يتلخّص فقط في القدرة على إعادة جزء من صورتها الفوقية التي رسمها أصحاب العمائم السوداء في قلوب أتباعهم، إذ حطّم مقتل سليماني كل هالة الخوف التي رسمتها طهران حول قدراتها العسكرية، عندما فشلت في حماية أحد أعتى جنرالاتها، وهو الذي كان له الدور الأبرز في إعداد مليشيات تابعة لطهران وولاية الفقيد ضمن مجموعة دول عربية.


الأخطبوط الإيراني وأذرعه


ولأنّ أذرع طهران أضحت كأذرع الأخطبوط، فلا بدَّ من نقل تجاربه العنفية إلى حيث تصل تلك الأذرع، وهو ما يمكن الاستدلال عليه من حديث الناطق باسم القوات الإيرانية، أبي الفضل شكارجي، في الثاني والعشرين من سبتمبر، عندما قال إنّ إيران نقلت تجربتها التكنولوجية في المجال الدفاعي إلى اليمن ليتمكّن اليمنيون من صناعة الصواريخ والطائرات المسيّرة بأنفسهم.


إذ اعترف شكارجي بفعلتهم تلك، فقال: “نحن لا نرسل الصواريخ إلى اليمن لكنهم باتوا يصنعونها بأنفسهم ليطلقوها على رؤوس أعدائهم”، وهو بطبيعة الحال لا يرسل تلك التقنية لكل اليمنيين بل إلى مليشيا الحوثي تحديداً، ولا يقصد بالأعداء أي عدو خارجي، بل يقصد به الرياض، التي تتقاسم مع اليمن الحدود والتاريخ والجغرافية والانتماء، إلا من شاء اختلاق انتمائه الخاص إلى ولاية الفقيه.


اقرأ أيضاً: لهيب كورونا يحرق أوراق ترامب في مُواجهة بايدن


فمنذ اغتيال سليماني، أضحى الشغل الشاغل لإيران رفع معنويات ميليشياتها في الداخل والخارج، وذلك عبر الإعلانات المتوالية عن أنواع وصنوف جديدة من الأسلحة، ومنها في الثالث والعشرين من سبتمبر، عندما ذكر الحرس الثوري، أنّ قواته البحرية تسلّمت 188 طائرة مسيرة محلية الصنع، إذ قال وقتها، قائد الحرس الثوري حسين سلامي، إنّ “القوات البحرية في الحرس الثوري تتزود بطائرات مسيرة قادرة على حمل وإطلاق الصواريخ.. لن نتوقف عن تعزيز قدراتنا العسكرية وزيادة مدى أسلحتنا وعمق ملاحتنا في مياه الخليج”.


ترسانة عسكرية خشية الهجوم


كذلك، أفصح الحرس الثوري، في الرابع والعشرين من سبتمبر، عن إنشاء قاعدة عسكرية بحرية جديدة شرق مضيق هرمز، مطلقاً عليها مسمى “قاعدة الشهيد مجيد راهبر” في محافظة سيريك ضمن الجهة الشرقية لمضيق هرمز، وقال إنّ مساحتها تبلغ 31 هكتاراً، إذ زعم قائد الحرس الثوري، اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، أنّ “القاعدة ستسهم في تعزيز ورفع مستوى العمليات البحرية الإيراني في مجالات الدفاع والهجوم والرصد بمنطقة الخليج”، وأنّ الغاية منها “الإشراف التام على دخول وخروج القطع البحرية القادمة من خارج المنطقة في مضيق هرمز والخليج وبحر عمان”.


وفي الخامس والعشرين من سبتمبر، عرضت القوة الجوية الفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني منصّة لإطلاق صاروخين من نوع “رعد-500″، وأشارت القوة الإيرانية إلى أنّ “الصاروخ يعمل بالوقود الصلب، ومصنّع محلياً بتقنيات متقدّمة، واستخدمت في غلافه ألياف الكربون ومحرك زهير الجديد بهيكل من المواد المركبة غير الفلزية”، وزعمت أنّ هذا “يساهم في الحدّ من قدرة الرادارات على اكتشافه، مما يجعله قادراً على تجاوز منظومات الدفاع الصاروخية بسهولة”.


 


وأيضاً، في الخامس من أكتوبر الجاري، أعلن قائد المنطقة الثانية لبحرية الحرس الثوري الإيراني، الأدميرال رمضان زيرراهي، عن انضمام سفن حربية عابرة للمحيطات إلى بحرية الحرس الثوري، قبل شهر مارس القادم، وادّعى زيرراهي “جاهزية بحرية الحرس الثوري بشكل كامل وحيازتها على أحدث المهارات والتدريبات القتالية”، وأنّه “في حال ارتكاب الأعداء لأي حماقة، فإنّهم سيواجهون ردّاً حاسماً من بحرية الحرس الثوري”.


وبالنتيجة، لا يمكن إخراج كل الإعلانات الإيرانية المتتابعة عن الأسلحة والترسانة العسكرية من نطاق محاولاتها لإعادة فرض هيبتها التي كسرت بمقتل سليماني، فالرجل لم يكن يمثّل شخصه، بقدر ما كان يمثل هالة الخوف المدافعة عن ولاية الفقيه في طهران، لكن واقع الحال يقول إنّ خسارة إيران لن يكون بالمقدور استعادتها بسهولة، فالمنطقة تتوجّه إلى تحالفات جديدة مرتكزة على مواجهتها أساساً، ولعل اغتيال سليماني كان مفتاحها، والأكيد أنّ ما قبل مقتل سليماني ليس كما بعده.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة







 



النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!