الوضع المظلم
الجمعة ٠٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
مخيم الهول.. تراجيدية المختطفات الإيزيديات
نسرين محمود 

إن عدنا بالذاكرة إلى أحداث عام 2014 فستظهر جلياً أمام ضمائرنا فظائع داعش وما ارتكبوه من جرائم بحق الإنسانية عموماً، والإيزيدية خصوصاً، سنوات تمضي والذاكرة ما تزال تحتضن صوراً مرعبة لوحوش بشرية نهشت بأجساد فرائسها من إيزيدي شنكال (سنجار)، رجالاً ونساء، أطفالاً وشيوخاً، وحتى الحجر والأرض نهبوها. 


خرجوا كالغربان من دهاليز الظلام وسواد الأدمغة ليستبيحوا دماء الأبرياء من أبناء الطائفة الإيزيدية في شنكال، فقط لأنّهم مختلفون عقيدةً وديناً وسياسة وقومية، ليحفروا مستنقع إرهابهم في سوريا والعراق، ولكن هنا سنحاول إخراج قضية مهمة من هذا المستنقع العفن لعقول عناصر داعش، ومن رحم معاناة الإيزيدية سنظهر معاناة أسر المختطفات لدى تنظيم الدولة، ست سنوات مضت والفتاة الإيزيدية ما تزال رهينة وحبيسة قبضة داعش، سواء في المخيمات (مخيم الهول)، أو اللواتي ما يزلن متشتتات في بقايا مدن وقرى دولة الإرهاب (هجين– الميدان– أبو كمال– الباغوظ- شحفة– قورية– أم حسن… إلخ). 


إلى هذا اليوم ما تزال نساء شنكال متنقلات بين أسواق النخاسة والجواري، في وقتٍ كان الأجدر بالمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان وحكومتي بغداد وإقليم كردستان، الوقوف على جوانب هذه القضية وإيجاد الحلول لإنهاء مأساة الأم التي تنتظر معرفة مصير ابنتها، والأب الذي يعتصر قلبه ألماً لتعود ابنته إلى أحضان مجتمعها، فمن ذا الذي يقول إنّه من الطبيعي أن تجبر فتاة على الزواج أو تكون جارية متعة بين أيدي وبراثن وحوش دموية تريد إعادة الزمن إلى الوراء 14000 سنة.


نعم، وبكل تأكيد، إنّ المجتمع الدولي والحكومة العراقية والإدارة الذاتية أمام تحدٍّ كبير، عنوانها مصير أكثر من 2500 مختطفة إيزيدية، بحسب الإحصاءات الرسمية الصادرة من مكتب إنقاذ المختطفين، برعاية مكتب رئيس إقليم كردستان، ونقول للجميع ماذا بعد التضامن؟ وماذا بعد الإدانات والبيانات؟ وماذا بعد الألم؟


أسئلة برسم الإجابة من الجهات المعنية والمسوؤلة عن ملف هذه الفتيات اللواتي يعشن ظروفاً صعبة مما يمارس عليهن من ضغوط وإرهاب، كونهن تعرضن لغسل الدماغ وإجبارهن على اعتناق الديانة الإسلامية، والبعض منهن متزوجات الآن من مسلمين وقد أنجبن أطفالاً، وبهذا تتحول المشكلة من الصعبة إلى المعقدة والمزدوجة، حيث إنّ أسر هذه الضحايا مترددون في تقبّل فكرة أنّ بناتهنّ يحملن أطفالاً من مغتصبيهن، وخاصة أنّ هذا الطفل قد تربى على مدى سنوات على تربية الإرهاب والتشدّد، وأيضاً، مشكلة الفتاة التي كانت في مقتبل العمر وفي ريعان شبابها عندما تعرضت للخطف والسبي ستكون عاجزة الآن في معرفة طرق التواصل مع أهلها وأسرتها، فتتقطع بها السبل، لترضخ لأمر الواقع الذي تعرضت له. ومن جهة أخرى، خوف الفتيات المختطفات اللواتي تم احتجازهنّ في مخيم الهول ذي الصيت السيء بالنسبة لسيطرة نساء داعش على المخيم، وعدم قدرة القائمين على إدارة المخيم من فرض سيطرتها ومعرفة من هن الفتيات الإيزيديات لإنقاذهن، كون أنّ الفتيات الإيزيديات تعرضن للتهديد والوعيد وما زرعه عناصر داعش في أذهانهن بأنهنّ سوف يتعرضن للتصفية على يد أقاربهن، جاهلين مصيرهن في حالة التعريف عن أنفسهن. 


وأثناء التواصل وتبادل الحديث مع بعض المسؤولين الإيزيدين حول هذا الملف، وما عليهم فعله، أكد السيد “علي خانصوري” لنا بأنّ المجتمع الإيزيدي مدرك ما تعرضت له بناتهم من إرهاب ورعب وإجبار، وعلى العكس قد تم استقبال المتحررات بشكل يليق بحجم الكابوس الذي عاشوه خلال سنوات الأسر.


بالنظر لهذه القضية من زوايا أخرى، سنصطدم بجدار مرعب من العقلية المتخلفة وغياب للعدالة والإنصاف للضحايا الناجيات، حيث يعيشون في بلد كرامتها مهدورة والفقر والجهل يلف أفكارهم، في حين الأب والأم ما يزالان ينتظران خبر يؤكد لهم بأنّ ابنهم أو ابنتهم على قيد الحياة في مخيم الهول ومضارب داعش في إدلب والرقة ودير الزور والبادية والجزيرة، بمواجهة تجار المقايضات بالأموال مقابل خبر عن مفقود، على أمل اللقاء، فيبقى الأمل ملاذهم الوحيد، ويبقى تجار الحروب يديرون دفة الأحداث في البلاد. 


أنقذوا الإيزيديات المختطفات


نعم، هذا النداء الذي أطلقه النشطاء، لعل الضمائر تصحو لمن لديهم معلومات ممن اشتروا الفتيات الإيزيديات، من شعب سوريا والعراق، ويحاولون إيصال أي معلومة عن المختطفات للجهات المعنية، ولعل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان وحكومتي العراق وكردستان يتوصلون إلى حلول ومشاريع لإعادة دمج المحررات في المجتمع والوقوف أمام استحقاقاتها على ما يجب فعله، لإعادة المختطفات إلى ذويهم بأمان. 


ليفانت– نسرين محمود  

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!