-
ماذا تبقى من الاقتصاد لنا كسوريين؟!
صديقي (هاينز) لم يصدق أبداً إن إحدى الصور التي طبعتها من الانترنت حقيقية، والتي تظهر اصطفاف البشر في انتظار "جرة الغاز" تقيهم و عائلاتهم شر برد الشتاء، مبرراً أن الوسائل الإعلامية الألمانية لم تعد تورد في نشراتها أخباراً عن سوريا إلا بشكل مقتضب غير كافي للحديث عن الكارثة الإنسانية والاقتصادية التي تصيب سوريا حالياً.
كل واحد يورو يساوي قيمة 1100 ليرة سورية، كان هذا السعر الأخير لقيمة العملة السورية عند كتابة هذه المقالة، و على الأرجح بحسب المعطيات والتحليلات سوف تنخفض الليرة السورية بشكل أسرع في ضوء التقلبات والصراعات الجديدة وتغييرات في قواعد اللعبة بين كبرى القوى الدولية التي جعلت من سوريا و العراق مسرحاً لتلك النزاعات.
التضخم سوف يقصم ظهر الدولة السورية :
التضخم هو مفهوم يُستخدم للإشارة إلى الحالة الاقتصاديّة، والتي تتأثر بارتفاع أسعار السلع والخدمات، مع حدوث انخفاض في القدرة الشرائيّة المرتبطة بسعر صرف العملة، والتي تؤثر في قطاع الأعمال؛ وتحديداً في الشركات الصناعيّة والخدميّة.
ضعف القدرة الشرائية للشعب هي ليست حالة طارئة و لن تزول قريباً وهذا يفضي إلى التضخم المفرط الذي يحدث عند الانتقال من قطاع اقتصادي حالي، إلى قطاع اقتصادي جديد، وقد يحدث أحياناً نتيجة للحروب؛ لذلك يُعتبر من أصعب أنواع التضخّم، وأكثرها سلبيّة على المجتمعات.
الدورة الاقتصادية الحالية في سوريا قامت على احتكار مفاتيح الاقتصاد من قبل المتنفذين و العملاء لبعض الدول في مجالات حيوية كالخدمات والسياحة والنفط والاتصالات عصب الاقتصاد الحديث لأي دولة، وجعل تدوير الأرباح لها أشبه بالكيان الموازي للدولة.
البنك المركزي لا حول ولا قوة :
تؤمن الحكومة السورية بقدرتها المطلقة على التحكم في أسعار الليرة و كبح هبوطها، ولكن يبدو أن أحداً لم يخبر الحكومة العزيزة، أن الميزان التجاري للبلاد يميل فيه لصالح كفة الاستيراد، فكلما كان حجم الواردات كبير ، كلما زاد العجز التجاري وبالتالي خسارة العملة لقيمتها السوقية لأن طلب ازداد على العملة الأجنبية طرداً مع ازدياد مختلف المستوردات الأساسية التي تمس معيشة المواطن بشكل مطلق كالقمح والوقود والأدوية ومختلف السلع الغذائية .
في هذه الحالة يتدخل البنك المركزي عن طريق ضخ الليرة السورية في الأسواق دون أن تكون لها رصيد مقابل من العملات الصعبة و الذهب، أي أنها مجرد أوراق لا قيمة لها يدفع البنك المركزي تكاليفها عن طريق منح عقود شبه مجانية للدول التي تولت مهام طباعة الليرة السورية.
إهمال البنية التحتية أكبر مصائب الاقتصاد:
البنية التحتية في سوريا المنهكة أصلا وصلت إلى مشارف النهاية، و لم تعد قادرة على الصمود أمام التقلبات الاقتصادية العنيفة والمتسارعة بسبب الاقتتال في سوريا، فالبنية التحتية هي أساس الاستقرار الاقتصادي والداعمة الأساسية لاقتصاد متين يواكب كل التطورات .
لم تعد المستشفيات والمدراس والجامعات وبعض الجمعيات الفلاحية كافية للاستقرار الاقتصادي، فالبنية التحتية السليمة هي التي تجذب المستثمرين ودفعهم لتوظيف إمكانياتهم المالية فيها حتى تحقق الدولة الربح والرخاء للجميع.
أخيراً، علينا معرفة الفرق بين الدولة والحكومة، فالدولة هي ملك الجميع بما فيها من اقتصادها وتجارتها وبنيتها التحتية، وعلينا أن لا نتجاهل الانحدار المخيف للاقتصاد السوري، لإن الإعمار سيكون مستحيلاً إذا ما انهارت البنية التحتية و البشرية للبلد.
لا أمل يلوح بالأفق طالما نار الحرب تستعر في البلاد وطالما تسعى الدول لاقتسام ما تبقى لنا من البلاد، و الشعب ما زال هدفه الجزر و نسي من يركب الحمار.
عماد شريتح - صحفي سوري
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!