الوضع المظلم
السبت ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
خيار حزب الله.. الانتحار أم الاستقرار؟
أحمد مطر

أحمد مطر - كاتب لبناني


الواقع السياسي في لبنان وطبيعة الأوضاع الراهنة والسائدة فيه، ماهي إلا تعبير واضح على أن مايحصل خارج مفهوم ومنطق الدولة.

الواقع اليوم أن البلد يمر بمرحلة هي أخطر من أزمة الفراغ الرئاسي أو أزمات تشكيل الحكومات، التي لطالما تصل بعد عناء طويل وللأسف تبدأ متعثرة وتقع في حال من الإرباك ريثما يتحول إلى شلل بعد فترة قصيرة من تسلمها دفة القيادة، حيث يستحضرالبعض منها جملة من المواقف والتي تصل أحيانا إلى مرحلة تهدد الكيان والمواثيق، إلى جانب القيام بمحاولات لتكريس اعراف جديدة خارج منطق الدستور والمطالبة بحقوق لطوائفهم خارج مواد الدستور ايضاً.




مع انطلاق الاحتجاجات في لبنان والعراق بتوقيت شبه متزامن، تفصل بينها أيام، ظهرت مقارنات ومقاربات بين عناوين الاحتجاجات اللبنانية والعراقية، ومطالب المحتجين بالتغيير التي تحمل شَبَهاً في نواحٍ عدة سواء أكان الحكم أو الاقتصاد أو انعدام فرص العمل وغيرها من مشكلات يرزح مواطنو البلدين تحت وطأتها، حيث أجلى الحراكان الصورة القاتمة لأوضاع العراق ولبنان، في وقت بات معلوماً النفوذ البارز لطهران في بلدي التحركات المتزامنة، التي تواجه انتقاداً واستهدافاً من حلفاء إيران المحليين في البلدين، وهو ما يعكس قلق إيران من استبدال الحلفاء بقيادات جديدة بعيدة عن الأجندات الخارجية، وإن تحقق هذا السيناريو. فهل حقاً ستخسر طهران نفوذها بالإطاحة بحلفائها في المنطقة؟ ويرى عدد من الخبراء أن نفوذ إيران تعزز في العراق ولبنان رغم الاحتجاجات الصاخبة ضد الطبقة السياسية التي يوالي بعضها طهران في البلدين، ومطالبة جزء من الشارع بتنحيها بسبب فشلها في تحقيق اصلاحات ومحاربة الفساد. ويشير البعض إلى مخاطرة ايران بالعلاقات التي نسجتها طوال 16 عاماً في العراق حيث ينظر جزء كبير من الشارع إليها كمهندسة نظام فاسد يطالب بإسقاطه. وفي لبنان الذي يشهد موجة احتجاجات مطلبية أيضاً يبرز اسم إيران خصوصاً لوجود حليفها حزب الله اللبناني كجزء لا يتجزء من الحكومة وعلى غرار العراق فإن الاستياء الاجتماعي مسألة ملحة في لبنان حيث خرجت التظاهرات في 17 تشرين الأول/أكتوبر ضد الفقر والفساد ونقص الخدمات العامة، والتي طغت على القضايا الجيوسياسية المعتادة التي تظهر فيها إيران وحلفاؤها وبينهم حزب الله. الأمر اللافت هو أن الاحتجاجات توسعت لتكتسب معاقل الحزب الشيعي، ما وضع حزب الله في موقف محرج.




ونحن نشاهد اليوم المظاهرات في لبنان، وكيف يدفع حزب الله بأنصاره إلى قمع المظاهرات التي تطالب بإنقاذ الاقتصاد وتوفير الحياة الكريمة للمواطن والقضاء على الفساد. بينما كان الأحرى والمتوقع ممن يرفع شعار المقاومة والسيادة الوطنية أن يكون في مقدمة صفوف المطالبين بالإصلاح الاقتصادي ولو كان على يد تكنوقراط مستقلين يوفرون الظروف والشروط السياسية لوصول الدعم الدولي لإنقاذ لبنان من محنته، فلبنان المفلس لا يمكنه أن يوفر الدعم للمقاومة، واعتماد المقاومة على التمويل الخارجي لا يمكن أن يوفر السيادة ولا الكرامة الوطنية. فجميع حركات التحرر والمقاومة على مدى التاريخ كانت وطنية وبتمويل وطني




فما هو مستقبل حزب الله في لبنان؟

ورداً على سؤال حول مستقبل حزب الله المفترض أن يكون الكلام واضحاً أن الحزب بزعامة السيد حسن نصر الله عليه أن يختار بين عدة أمور:

أن يكون لبنانياً أو إيرانياً.




أن يكون مع الاستقرار الإقليمي أو المواجهة العسكرية الدامية.

أن يختار بين مشروع الثورة أو الدولة.

وحده حسن نصر الله، دون غيره من حلفاء إيران في المنطقة يمتلك مكانة خاصة وقناة اتصال مباشرة مع المرشد الأعلى في إيران.

هذا الارتباط جعل من نصر الله شريكاً في تشكيل فكر وقرار المرشد فيما يختص بالوضع الإقليمي ومنهج وأسلوب الهدنة أو التصعيد بين إيران والعالم العربي.

ما يحدث في اليمن، وسوريا، والعراق، وغزة، وأفريقيا وفنزويلا من أدوار إيرانية، ليس بعيداً عن مساهمة ونصائح وأفكار الأمين العام لحزب الله اللبناني.




وينظر الحرس الثوري الإيراني، وبالذات قاسم سليماني قائد فيلق القدس وصاحب ملف تحويل الثورة إلى مواجهات عسكرية في المنطقة، إلى نصر الله على أنه رفيق له، وإلى حزب الله على أنه حليف على جبهات القتال.




قراءة نصر الله لما يعرف بفائض القوة في سوريا، تحتاج إلى إعادة نظر، فالدور الروسي كان جوهرياً في الحسم الميداني، والآن في الإقرار بالوجود الأمني والعسكري على الساحة السورية.




أمام حزب الله خيارات:

المساهمة المستمرة في التصعيد والمواجهات العسكرية في المنطقة.

أو الاكتفاء بدوره السابق في مرحلة ما قبل الدور الإقليمي والتركيز على الساحة اللبنانية.

أو تحويل حزبه إلى حزب سياسي بامتياز والمساهمة بما له من علاقات قوية ومصداقية لدى المرشد الأعلى الإيراني في تسويق فكرة التسوية الإقليمية بدلاً من مواجهة الحرب بالوكالة الباهظة الكلفة التي ستأكل الأخضر واليابس، ولن ترحم أحداً من أنصار أو أعداء.

وحزب الله بحاجة إلى مراجعة استراتيجية لمبادئ الحركة، وطبيعة الدور، وخيارات المستقبل.

باختصار شديد، أمام العقل السياسي لحزب الله خيار استراتيجي صريح وواضح دعم الاستقرار أو تسويق الانتحار.

العلامات

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!