الوضع المظلم
الأحد ١٠ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
هيمنة ائتلافيّة تعطّل هيئة المفاوضات السوريّة
بسام سفر

تشهد ساحة فعل المعارضة السورية حراكاً سياسياً تنظيمياً يظهر على السطح فيه ما كان مخفياً منذ ما يقارب السنة والنصف، ومن عدم تحقيق أي اجتماع لللجنة التفاوضية السورية، بكافة مكوناتها، الائتلاف بما فيه الفصائل العسكرية، والمستقلين المحسوبين عليه، وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغير الديمقراطي، ومنصّتي موسكو والقاهرة. المفاوضات السوريّة


ويعود سبب ذلك إلى محاولة الائتلاف الاستمرار بالانفراد بهيئة المفاوضات وقراراتها التي يهمن ويسيطر عليها رغم وجود المنصّات الثلاث، لأنّ التصويت العددي يمنحه القدرة على تمرير أي قرار يريده، لذلك لا يريد أي تغير في بنية وتركيب هيئة التفاوض، فهي بوضعها الحالي، ووضع الائتلاف الحالي، يساهم في استمرار السيطرة والهيمنة على قراراتها، فهو استطاع تمرير انتخاب أنس العبدة رئيساً لهيئة التفاوض ضمن الأكثرية لديه بدون اعتراف المنصات الثلاث به، وانتخاب نصر الحريري للائتلاف في عملية تبادل للكراسي والمنافع، وكذلك استطاع فصل مهند دليقان، وقبول نضال الحسن بالدستورية، وتليد صائب في الهيئة التفاوضية، وكلاهما مكان السيد قاسم الخطيب الذي فصلته منصّة القاهرة.


إنّ هذه الأفعال والقرارات الفردية للائتلاف دون مشاركة باقي المنصات، وهي التي قدّمت أكثر من مبادرة لحل المشاكل القائمة، برفض كل المبادرات التي تحاول التقدّم خطوات على طريق الحل، مما دفع المنصّات الثلاث "موسكو، القاهرة، هيئة التنسيق الوطنية" إلى توجيه رسالة إلى سعادة المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا، السيد غير بيدرسن، بتاريخ 13/1/2021، وجاء فيها أنّ "الأطراف الثلاثة تذكركم بداية بأنّ الطرف المعطل الذي يسيطر الآن على هيئة التفاوض السورية، ويعقد اجتماعات لها طوال سنة كاملة دون حضور هيئة التنسيق الوطنية ومنصّة موسكو ومنصّة القاهرة، (أي خلافاً للقرار 2254)، وهو الطرف ذاته الذي كان قد رفض فيما مضى بيان جنيف، ويمارس الآن كل ما يمكنه ضد اللجنة الدستورية وضد نجاحها، ويعلن موتها مرة كل أسبوع.. ونذكركم أيضاً، أنّه نتيجة لعدم حماية الأمم المتحدة لاستقلالية عمل اللجنة الدستورية، قام الطرف المعطل ضمن الهيئة بإبعاد الزميل دليفان من اللجنة المصغرة التي عقدت حتى ثلاث اجتماعات بغياب منصة موسكو للمعارضة المنصوص على حضورها في 2254.


والجديد أنّ ذات الطرف المعطل قد مرّر باجتماع لهيئة التفاوض السورية، لم تحضره أي من الأطراف الموفقة على هذه الرسالة، قراراً بإنهاء عضوية الأستاذ قاسم الخطيب في كل من اللجنة الدستورية وهيئة التفاوض السورية وبشكل غير قانوني" (مرفقاً بهذه الرسالة ملحقاً حول أسباب عدم شرعية هذا الإجرام). وأضافت الرسالة، أنّ "هذا الإجراء غير الشرعي ليس مرفوضاً من جهتناً فحسب، بل وسيهدّد وحدة اللجنة الدستورية.


سبق أن سمحت الأمم المتحدة بقمع رأي (الأقلية) عبر الخضوع لإرادة الطرف المعطّل، بإبعاد منصّة موسكو للمعارضة السورية عن اللجنة الدستورية المصغرة، وتكرار هذه السابقة مرة ثانية سيجعلها قانوناً، وسيجعل الأطراف التي تتعرّض للقمع تحمل مسؤولية هذا القمع للأمم المتحدة بالذات، وليس للطرف المعطل ضمن هيئة التفاوض. المفاوضات السوريّة


ولذلك ندعوكم لعدم قبول أي قرار استبدال قبل الوصول إلى توافق ضمن مكونات هيئة التفاوض السورية، وكذلك للدفع عبر جهودكم الحميدة نحو التوافق ضمن هيئة التفاوض السورية".


وأرسلت هذه الرسالة إلى الخارجية السعودية والخارجية المصرية والخارجية الروسية، ما دفع بالخارجية السعودية إلى إرسال رسالتين جوابيتين، الأولى تبلغها اعتبار اجتماعات الائتلاف والموالين والقرارات الصادرة عن هذه الاجتماعات غير شرعية للهيئة ومخالفاتها القانونية والنظامية للقرار.


والرسالة الثانية، تفيد بأنّه "على ضوء استمرار تعطيل هيئة التفاوض السورية، فقد تقرّر تعليق عمل موظفي الهيئة مع نهاية الشهر الجاري (يناير 2021)، وذلك لحين استئناف الهيئة أعمالها"، وطلبت الخارجية من الهيئة الاطلاع واتخاذ ما يلزم حيال ذلك.


ويضاف إلى ذلك، أنّ الائتلاف ومن معه يخضعون للقرارات التركية، إذ كلنا يذكر كيف رفض نصر الحريري، عندما كان رئيس هيئة التفاوض، مؤتمر المستقلين الذي عقد في نهاية العام 2019 في الرياض، واستبدال المستقلين التابعين للائتلاف بمستقلين جدد، نتيجة الموقف التركي الذي يريد استمرار هيمنته وسيطرته على هيئة المفاوضات عبر الكتلة الائتلافية، إذ أنّه استمرّ في اغتصاب قرارات هيئة التفاوض من خلال هذه الكتلة، ما دفع المستقلة الدكتورة بسمة القضماني إلى تقديم استقالتها من هيئة التفاوض، نتيجة سلوك الائتلاف المستمر في عملية اغتصاب القرار، وكان مؤتمر المستقلين، الذي عقد في الرياض، قد انتخب ثمانية مستقلين جدد لكي يحلّوا مكان المستقلين القدامى لدى الائتلاف، ورغم كل محاولات التواصل إلى تسوية تنظيمية معه، طرحت كل الممكنات لإيجاد حلول من (6-2) إلى (5-3) إلى (4-4)، مع زيادة نسبة التصويت لكي ينجح أي قرار، تصبح 60 بالمئة، إلا أنّ الائتلاف، ومن خلفه تركيا، ما زالا يرفضان أياً من الحلول المقدمة من المنصات الثلاث في اجتماعات المنسقين (التي يحضرها ممثل عن كل من أطراف كتل هيئة التفاوض).


إنّ هذا التشبث الشديد بالهيمنة والسيطرة والاستفراد بالقرار لن يدفع نحو حل (سياسي- تنظيمي)، وإنما سوف يدفع نحو مزيد من الاستعصاء القاتم بفعل الحيازة التي لن تفيد في استمرارية عمل هيئة التفاوض التي أصبحت موجودة بالاسم، بينما هي بفعل السيطرة والهيمنة هي الائتلاف ذاته، بعيداً عن التسميات الشكلية غير الفاعلة، والتي لا يقوم على التشاركية في القرار وتحمل المسؤولية، وإنما على مبدأ (أنا ومن بعدي الطوفان)، وها قد وصلت حالة المعارضة إلى بداية الطوفان، إذ لم تتدخل الأمم المتحدة والدول الراعية لإعادة تركيبة المعارضة بحيث يتيح إمكانية المشاركة بطريقة أفضل، إذ من المفترض دخول مكونات سورية مغيبة عن منصّة هيئة التفاوض، مثل توسيع حضور المكون الكردي الذي يتمتّع بوزن وحضور جيد، ولعل الحوار (الكردي- الكردي) يفضي إلى نتائج إيجابية، يفتح الباب المغلق الذي فرضه تمترس الائتلاف بالهيمنة والسيطرة، عبر عملية زيادة وزن المكونات الأخرى السورية لكي تتسع هيئة التفاوض، وتكون معبرة عن السوريين وليس استمرارية السيطرة الإخوانية من خلال الائتلاف ومواليه. المفاوضات السوريّة


كل ما تقدم يوضّح أنّ اللجنة الدستورية وضعها ينوس في ظل غياب منصة موسكو، وممثلها مهند دليقان عن اللجنة الدستورية المصغرة، وكذلك الآن غياب منصّة القاهرة وممثليها من جمال سليمان عن الجولة الرابعة، وقاسم الخطيب الذي تغيره منها، بحسب قرارها الأخير.


فالرسالة التي وجّهت إلى المبعوث الأممي، غير بيدرسن، لكي يوقف قرار الكتلة الائتلافية نحو استمرارية عمل منصّتي موسكو والقاهرة في اللجنة الدستورية المصغرة، بحيث لا يتاح لوفد النظام الاحتجاج على عدم وجود ممثلي كتل المعارضة ويوقف مشاركته في اللجنة الدستورية المصغرة، خصيصاً أنّ النظام يتّجه نحو إجراء انتخاب رئاسية جديدة تتيح لبشار الأسد الاستمرار في فترة رئاسية جديدة، مدتها سبع سنوات.


أخيراً، إنّ كل ما يجري يوضّح حاجة المعارضة الرسمية (المعترف بها أممياً)، وغيرها من المنصّات والمعارضات إلى مؤتمر معارضة جديد، يعيد بناء هذه المعارضة لكي تحقق حضوراً متوازناً لتمثيل السوريين، الذي قدّموا الغالي والنفيس للوصول إلى حل سياسي برعاية أممية وفق القرار 2254, بيان جنيف 2012، فهل تستطيع القوى الفاعلة تحقيق ما هو مطلوب لكي لا تبقى الهيمنة والسيطرة (إخوانية، ائتلافية، تركية)؟ كل ذلك متوقف على الدور الأممي والدول الراعية الدولية والإقليمية والعربية لكي تفسح المجال للتعبيرات السياسية السورية الالتحاق بركب الحل السياسي الأممي. المفاوضات السوريّة



بسام سفر


ليفانت- بسام سفر ليفانت

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!