الوضع المظلم
الجمعة ٢٧ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • كردستان العراق بين نار الاتفاقية الأمنية وانعدام الموقف الحاسم من بغداد

كردستان العراق بين نار الاتفاقية الأمنية وانعدام الموقف الحاسم من بغداد
العراق - أرشيف

يتعرض إقليم كردستان العراق بموجب التفاهمات الأمنية بين العراق وتركيا والتي وقعتها حكومة المالكي السابقة مع الجانب التركي لقصف يومي على القرى والمناطق الحدودية بحجة وجود معسكرات لحزب العمال الكردستاني التركي من دون أي موقف حاسم من جانب الحكومة العراقية لردع التجاوزات التركية على السيادة العراقية.

وفي العشرين من هذا الشهر تعرض منتجع برخ إلى قصف مفاجئ من قبل الجيش التركي أدى إلى سقوط 25 سائحاً من وسط وجنوب العراق بين قتيل وجريح، لنشهد ولأول مرة ردات ومواقف رسمية من الحكومة العراقية وعلى جميع الصعد تدين الممارسات والتواجد التركي في شمال العراق لتعود الساحة السياسية العراقية للبحث عن أسباب التجاوزات التركية، وهل الاتفاقية الأمنية الموقعة مع الجانب التركي والتي تسمح للجيش التركي من دخول الأراضي العراقية لمسافة 20 كيلومتراً لملاحقة حزب العمال الكردستاني هي السبب في الوصول إلى هذا الشكل من العلاقات بين البلدين؟

وقد أكدت الحكومة العراقية أنه سيتم اتخاذ أعلى مستويات الرد الدبلوماسي بدءاً من اللجوء إلى مجلس الأمن. بدوره دعا رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إلى تشكيل لجنة تحقيق برئاسة وزير الخارجية، فؤاد حسين، وعضوية عدد من القادة الأمنيين بهدف الوقوف على تفاصيل دقيقة حول الطرف المعني بالاستهداف.

وفي تغريدة على تويتر، ندد الرئيس العراقي، برهم صالح، بالقصف التركي، وقال أيضاً أنه يشكل انتهاكاً لسيادة العراق وتهديداً للأمن القومي العراقي.

وقد خرجت مظاهرات عديدة في العاصمة بغداد ومدن الجنوب تندد بالقصف التركي بعد وصول جثامين الضحايا وقام البعض بإنزال العلم التركي من مبنى السفارة التركية في بغداد، وقد وصل الاحتجاج إلى مستوى حرق مبنى القنصلية التركية في مدينة النجف لتقم السفارة التركية إلى وقف منع تأشيرات الدخول للمواطنين العراقيين الراغبين بالزيارة التركية، وأيضاً تم الإعلان عن حملات لمقاطعة البضائع التركية وإغلاق المعابر الحدودية.

تفاجأت تركيا هذه المرة بردة الفعل الغاضبة من الحكومة العراقية والشارع العراقي وحاولت التنصل من مسؤوليتها عن القصف، فقد صرّح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن استهداف هؤلاء السياح كان من قبل عناصر حزب العمال الكردستاني.

وفي مقابلة مع وزير الدفاع العراقي، جمعة عناد سعدون، أكد فيه بأن تركيا استغلت ظاهرة وجود داعش في الاستيلاء على الأراضي العراقية وأنشأت العديد من القواعد العسكرية، وأن القضية في الأساس مسألة داخلية تركية، وأضاف أننا طالبنا الجانب التركي لتشكيل غرفتين للتنسيق والمتابعة في كل من ديار بكر والموصل لعدم تكرار مثل هذه التجاوزات إلا أننا لن نتلقى الرد إلى الآن من الجانب التركي.

اقرأ المزيد: بلينكن يعلن استئناف التواصل مع نظيره الروسي لافروف

وفي البرلمان العراقي، دعا بعض النواب لإرسال الجيش العراقي إلى كردستان لمجابهة الجيش التركي إلا أن هذه الدعوة قد لاقت استغراباً في الشارع السياسي الكردي متسائلة فيما إذا كانت الحكومة العراقية ونواب الإطار التنسيقي وميلشياتهم جادين بهذه الدعوة فلماذا لا يتم تنفيذ اتفاقية سنجار الموقعة بين الحكومة المركزية وحكومة كردستان بهدف إخراج عناصر حزب العمال الكردستاني pkk من المدينة وعودة النازحين إلى دورهم.

وفي جلسة طارئة لمجلس الأمن نتيجة الشكوى العراقية، والتي عقدت يوم أمس، دعت الممثلة الخاصة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، السيدة جينين هينيس – بلاسخارت إلى وقف مثل هذه الهجمات وحذرت من أن ذلك يزيد من إضعاف دولة العراق.

وأوضحت لمجلس الأمن تسلسل الأحداث، وقالت إنه في وقت مبكر من بعد ظهر يوم 20 تموز/ يوليو، أصابت خمس مقذوفات مدفعية منتجعاً سياحياً معروفاً وكما هو متوقع في هذا الوقت من العام فقد كان يعجّ بالزوار، بما في ذلك الأطفال.

وأضافت أن الجولة الأولى أصابت تلّاً غير مأهول يطل على المنتجع لكن الضربات التالية أصابت مركز المنتجع فقتلت تسعة مدنيين، بينهم ثلاثة أطفال، منهم رضيعة تبلغ من العمر عاماً واحداً.

وقالت إن هذا الهجوم يظهر تجاهلاً صادماً للحياة المدنية وللمعايير المقبولة عالمياً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي تسعى إلى حماية المدنيين.

وشددت في ختام كلمتها على أن العراق يرفض فكرة أنه يمكن التعامل معه كساحة للمنافسات الخارجية والإقليمية، كساحة ينتهك فيها الجيران وأي جهة فاعلة أخرى في هذا الشأن بشكل روتيني ودون عقاب سيادته وسلامته الإقليمية.

ودعت إلى وقف مثل تلك الهجمات، وقالت لا يؤدي العدوان فقط إلى زيادة التوترات الوطنية والإقليمية بشكل طائش بل يتسبب أيضاً كما رأينا في مآسٍ إنسانية خطيرة.

من جهته أعرب وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، في مداخلته عن إدانة بلده العراق بأشد العبارات هذا العدوان الصارخ الذي ارتكبه الجيش التركي بحق الأبرياء المدنيين والممتلكات المدنية. واعتبر ذلك الهجوم بمثابة عدوان عسكري على سيادة العراق وأمنه وسلامة أراضيه وإخلالاً وتهديداً للسلم والأمن الإقليمي والدولي.

اقرأ المزيد: وزيرا خارجية السعودية وتركيا يبحثان العلاقات الثنائية

وأشار إلى أن اللجنة التي شكلها العراق جمعت أدلة من موقع الهجوم تضمنت شظايا مقذوفات المدفعية الثقيلة من عيار 155 ملم والتي يستخدمها الجيش التركي في المنطقة المحيطة بالمصيف، وأكد أن اللجنة ستقوم بمهمة وضع الخطوط العامة لإدارة هذه الأزمة. وقال: "نحذر من استمرار السلوك العدواني للجيش التركي الذي قد يدفع الأمور إلى ما لا يُحمد عقباه وسط حالة من الغضب الشعبي العارم الذي يجتاح العراق من الجنوب إلى الشمال في كوردستان العراق".

كما ندد بقرار البرلمان التركي، في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، القاضي بتمديد وجود قواته في العراق لمدة سنتين. وطالب المجلس بتشكيل فريق دولي مستقل للتحقيق وتوجيه إدانة قوية تجاه هذا العدوان وإدراج بند الحالة بين العراق وتركيا على أجندة أعمال مجلس الأمن وإلزام الحكومة التركية بدفع التعويضات الناجمة عن الخسائر التي لحقت بالمدنيين العزل.

يبدو أن التصعيد التركي الأخير والقصف المتكرر على المنطقة الحدودية قد أضاف توتراً جديداً في العلاقات بين البلدين، المتأزمة أصلاً نتيجة انخفاض الموارد المائية والانحسار الكبير لنهري دجلة والفرات. فهل ستكون الحكومة العراقية القادمة بعد تكليف السيد محمد شياع السوداني من قبل الإطار التنسيقي بتشكيل حكومة قادرة في إعادة أو إلغاء الاتفاقية اليمنية الموقعة بين البلدين وإعادة العلاقات إلى طبيعتها؟ هذا ما سيكشف في القادم من الأيام.

ليفانت - دلفين محمد

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!