الوضع المظلم
الجمعة ٢٠ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • عقب 90 عاماً.. انفضاح الإخوان المسلمين كأدوات للعثمانيّة الجديدة (الجزء الثاني)

عقب 90 عاماً.. انفضاح الإخوان المسلمين كأدوات للعثمانيّة الجديدة (الجزء الثاني)
الإخوان المسلمين










 





















 




 





اليمن: ساحة صراع جديدة لمناكفة السعودية


وعقب انفضاح الدور الإخواني في سوريا ومصر وليبيا والسودان وغيرها، يبدو أنّ الخافي أعظم، وهو ما تشير إليه الأحداث المتتالية، والتي بدأت تلوّح إلى نيّة أنقرة في التدخل باليمن أيضاً، لتغدو ساحة صراع جديدة لها، بغية تحقيق مصالحها التوسعيّة، وزيادة استحكامها بالأطراف المناوئة لمساعي إعادة العثمانيّة الجديدة، وإن كانت السودان خاصرة مصر، فإن اليمن خاصرة السعودية، وعليه، لا يبدو أنّ الأطراف الإقليمية في طهران وأنقرة قد أغفلتا ذلك عن أذهانها، وهو ما أشارت إليه صحيفة “أحوال تركية”، في الخامس عشر من مارس، عندما قالت إنّ الدور التركي في اليمن يشهد تصاعداً لافتاً، في أعقاب التقارب بين أنقرة وطهران وبروز خلافات بين تركيا والسعودية، وذلك بحسب ما أعلنت مصادر سياسية يمنية، والتي لفتت إلى بروز العديد من المؤشرات على رغبة أنقرة في استخدام الملف اليمني لابتزاز دول التحالف العربي، ولعب دور مشابه لما تقوم به في كل من سوريا وليبيا عبر الجماعات الإسلامية المتشددة مثل جماعة الإخوان وتنظيم القاعدة.


وأشارت المصادر إلى دخول تركيا الساحة اليمنية في إطار التحالف غير المعلن بين إيران وقطر وتيار نافذ داخل سلطنة عمان، مستغلة نفوذها المتزايد في فرع التنظيم الدولي للإخوان في اليمن الذي يمثّله حزب الإصلاح المسيطر على مفاصل الحكومة الشرعية في اليمن، وفي هذا السياق نشرت صحيفة العرب اللندنية الواسعة الانتشار، تقريراً أفادت فيه، نقلاً عن مصادر خاصة، بأنّ تركيا أرسلت العشرات من ضباط الاستخبارات تحت لافتة “هيئة الإغاثة الإنسانيّة” التركية ووصل بعضهم إلى مأرب وشبوة عن طريق منفذ “شحن” الحدودي في محافظة المهرة، بعد أن حصلوا على تسهيلات من وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري ومحافظ المهرة السابق راجح باكريت، مشيرةً إلى أنّ الزيارات التي يقوم بها الضباط الأتراك لبعض المحافظات التي يهيمن عليها إخوان اليمن، تتناغم مع تصريحات أطلقها بعض المسؤولين في “الشرعية” الموالين لقطر، والذين عبّروا صراحة عن انحيازهم لصالح إنشاء تحالف جديد في اليمن مناهض للتحالف العربي بقيادة السعودية، والتلويح بتمكين أنقرة من بعض القطاعات الاقتصادية الحيوية مثل الموانئ والمطارات والنفط والغاز.


مخاوف أمريكية من التحالفات الإخوانيّة


ومن المؤكد أنّ النوايا التوسعيّة التركية القائمة على استغلال العاطفة الدينية، بغية السعي نحو بناء حلف طائفي في المنطقة، تقوده هي وتيار الإخوان المسلمين، لا يتعارض وحسب مع مصالح شعوب المنطقة التي تغدو معها عرضة لعمليات استعمار جديد كما هو الحال في ليبيا وشمال سوريا، بذريعة قيادة الأمة تارة ورفع المظلوميّة المدّعاة تارة أخرى، وإنما يتعارض كذلك مع مصالح القوى الدولية، التي خلقت نظاماً معيناً في المنطقة على مدار سنوات طويلة، يحقق مصالحها بالدرجة الأولى، وهو ما أشارت إليه، في الثالث والعشرين من يناير الماضي، مجلة ناشيونال إنترست، والتي حذّرت الإدارة الأمريكية من خطورة التحالف القطري_التركي على مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مشيرة في تقرير لها إلى أنّ العلاقة الوثيقة بين البلدين وتحركاتهما لتشكيل محور متطرّف وداعم لكيانات إرهابيّة وتنظيمات مسلحة تستوجب تدخل أمريكي عاجل.


وقالت المجلة الأمريكية إنّ تركيا وقطر أصبحتا “إخوة” في متابعة المشاريع المشتركة في التمويل غير المشروع وتقوية الأفكار المتطرفة لذا تحتاج واشنطن إلى العمل على إيجاد طرق استجابة متعددة الجوانب لإجبار أنقرة والدوحة على التوقف عن هذه الأفعال، وأضافت في تقريرها  الذي أعدّه بإيكان إرديمير البرلماني التركي السابق، والمدير الأول لبرنامج تركيا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وفارشا كودوفايور الباحثة بالمركز، إنّ التحركات القطرية_التركية ساهمت في انتشار العنف الطائفي في الشرق الأوسط بخلاف انتشار الإرهاب وحالة كبيرة من الفوضى، موضحة أنّ هذا التحالف يقابله كتلة مضادة من كلّ من المملكة العربية السعودية والإمارات، وقالت “ناشيونيال إنترست” إنّ القاسم المشترك الذي يجمع قطر وتركيا هو دعمهما لأيديلوجية جماعة الإخوان الإرهابيّة، حيث يمتلك حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تاريخاً طويلاً من العلاقات الوطيدة مع جماعة الإخوان، أما قطر فهي من أبرز ممولي التنظيم الدولي للجماعة الإرهابيّة ومن رعاة أنشطتها المتطرفة.


 


وتابع التقرير، إنّه وعلى الرغم من أنّ تركيا وقطر حلفاء شكليين للولايات المتحدة، ويستضيفان بالفعل قواعد أمريكية، إلا أنّ الواقع يؤكد أنّهما يعملان جنباً إلى جنب لتعزيز أجندة متطرفة مزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، واستشهد التقرير بالعملية التركية الأخيرة لتركيا في شمال سوريا أكتوبر 2019، موضّحة أنّ قطر كانت واحدة من الجهات الفاعلة القليلة إلى جانب باكستان التي دعمت الحملة الغادرة رغم الإدانات الدولية الممتدة لهذا العدوان، كذلك فإنّه عندما قاطعت دول الرباعي العربي إمارة قطر، كانت تركيا أول من دعم النظام القطري بشحنات تحتوي سلع غذائيّة ومؤن، بخلاف مظاهر أخرى من الدعم.


غياب الخطوات العمليّة لدرء خطر التنظيم


ويبدو أنّ الإدارة الأمريكية كانت قد استشعرت ذلك الخطر قبل ذلك بفترة، حيث قالت في الثامن عشر من يناير الماضي، إنّ إدراج جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب أصبح وشيكاً، وهو الأمر الذي تسبب في حالة من الارتباك داخل صفوف التنظيم، حيث أشار مراقبون أنّه على الرغم من كون إدراج جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب خطوة تأخرت كثيراً، إلا أنّها ستعصف ببقايا التنظيم، وسيقلص مساحة تواجده في العالم، كما أنّه سيشجع دولاً أخرى على اتّخاذ قرارات مماثلة تضيّق على الجماعة، ويجفف منابع التمويل، وقد أشار موقع “العين” الإخباري في تقرير له، نقلاً عن المفكر الإسلامي ثروت الخرباوي، قوله إنّ القرار الأمريكي ستكون له تداعيات كبيرة على وضع التنظيم خاصة في ظلّ تساقط أوراقه بتونس بفشل حركة “النهضة”، بالإضافة إلى الضغط البرلماني لسحب الثقة من رئيسه راشد الغنوشي، فضلاً عن التوتر الذي يعيشه النظام التركي في تركيا، وهو ما يجعل قرار واشنطن ضربة قاصمة للتنظيم.


من جهته، قال الباحث المتخصّص في حركة الإسلام السياسي، منير أديب، إنّ مشكلة الولايات المتحدة في استراتيجية مواجهة الإرهاب، تكمن في أنّ ذلك يتم بشكل انتقائي بمعنى أنّه في الوقت الذي تحارب بعض التنظيمات الإرهابية مثل “داعش”، لا تعلن عن قرار حاسم بشأن الإخوان، مشيراً أنّ جماعة الإخوان وفرت البيئة لكافة التنظيمات الإرهابية التي خرجت بعدها، مثل تنظيم جماعة التكفير، والهجرة الذي أسّسه الإخواني شكري مصطفى، وهو أحد المتهمين مع سيد قطب، الابن الروحي لتنظيم الإخوان المسلمين في قضية تنظيم ١٩٦٥، فيما ذكر الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير الشؤون الأمريكية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنّ موضوع إدراج الإخوان كجماعة إرهابية مطروح منذ إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، مشيراً إلى أنّ مجلس النواب الأمريكي شهد 16 محاولة لتصنيف الإخوان منظمة إرهابية، ولكن لم تتبلور في أي قرار رسمي عن الإدارة الأمريكية حتّى الآن.


وعليه، يبقى الرهان على موقف دولي موحد من التنظيم، يعقد العزم على استئصاله من جذوره، وجعله في خبر كان، وهو ما يستوجب تضافر دولي للجهود، كون التنظيم نفسه دولي ولا يقتصر على دولة، وهو ما يتيح له المجال لتغيير جلده بما يتناسب مع الظروف الحاكمة في كل بلد يملك فيه تنظيماً إن كان بشكل سري أو علني.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة












النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!