-
طمس ملامح عفرين وسرقة آثارها.. مخطط أنقرة التتريكي تمهيداً لضمها في النهاية
- استباحة النبي هوري
- 16 ألف قطعة أثرية في متاحف تركيا.. والهدف محو تاريخ المنطقة وتتريكها
- أسماء تركية
تبدلت ملامح عفرين تدريجياً منذ الاجتياح التركي للمدينة في 2018، آثار المنطقة وتراثها وأشجارها، دُمرُت بفعل قصف أنقرة والتخريب الممنهج على يد ميليشياتها.
ويبدو أن تغيير معالم المدينة وطمس آثارها سياسة تتبعها تركيا لمحو التاريخ، وتصدير نفسها في المستقبل على أنها عنصر أصيل في المنطقة.
كان هدف تركيا العلني منذ أن أطلقت عملياتها 2016 شمال غربي سوريا، محاربة داعش، أما هدفها الخفي، فكان منع القوات الكردية من التوسع في المناطق الواقعة غربي نهر الفرات.
تقول منظمة حقوق الإنسان ـ عفرين، وهي منظمة حقوقية سورية في تقرير صدر لها خلال أغسطس/ آب الماضي 2021، إن أغلب المواقع الأثرية في عفرين مثل "معبد عين دارا، النبي هوري، كهف الدودرية، قبر مار مارون"، تعرضت للتدمير خلال الهجمات على المدينة، وأن معظم تلال المدينة الأثرية البالغة 75 تلاً أثرياً، تعرضت للحفر والتنقيب، بحثاً عن الآثار واللقى الأثرية.
وتوضح المنظمة أنه وحسب إحصاء لمديرية آثار عفرين فقد "تم تخريب وتدمير أكثر من (28) موقعاً أثرياً ومستودعاً، وأكثر من (15) مزاراً دينياً لمختلف المذاهب والأديان بالإضافة إلى تجريف العديد من المقابر وتحويل إحداها إلى سوق للماشية".
ما تزال أعمال الحفر والتنقيب مستمرّة رغم الاحتجاج الأممي على هذه الأفعال التخريبية لطمس معالم المدينة. انتشرَ في يونيو 2021 مقطع مصور يظهر الدمار الذي لحق بمزار “الشيخ جمال الدين” الكائن في محيط قرية كوكانيه فوقاني- ناحية موباتا/معبطلي، جراء أعمال الحفر والنبش التي نفذتها الفصائل الموالية لتركيا فيها، بهدف البحث عن دفائن وكنوز مزعومة.
اقرأ أيضاً: عفرين.. اشتباكات إثر مداهمة مصنع مخدرات تابع لـ”الحمزة”
وقتئذٍ، نقل موقع “عفرين بوست” المحلي عن مصادر لم يسمها، أن مسلحي فصيل الحمزات التي تحتل القرية، هم من قاموا بحفر مزار ” الشيخ جمال الدين” الخاص بالمسلمين، بهدف البحث عن كنوز أثرية، وذلك في الأشهر الأولى لسيطرة تركيا على المنطقة عام 2018.
تعرضت أغلب المزارات الدينية، الإسلامية منها والايزيدية والعلوية في عفرين، لأعمال حفر ونهب ونبش وتدمير على يد الفصائل وأبرزها “مزار حنان” التاريخي الذي يحظى بقدسية وتبريك لدى مختلف الطوائف والمذاهب الدينية في المنطقة.
في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وقعت عمليات سرقة وسلب ونهب ممنهجة لآثار “عفرين” مقابل مبالغ مالية ضخمة، حيثُ أطلقت الفصائل الموالية لتركيا يد منقبي الآثار في عفرين مقابل المال.
وعُثر على قطع أثرية في موقع النبي “هوري” التي تعود إلى عدة حضارات أقدمها من الفترة الهلنستية عام 280 ق.م جرى سرقتها، كما أن عمال التنقيب استخدموا آلات للحفر وأجهزة متطورة للكشف عن أماكن تلك القطع الأثرية.
كانت فصائل موالية لتركيا، قد سرقت آثار منطقة النبي هوري (سيروس) التابعة لعفرين بالقرب من الحدود السورية-التركية. وفق ما أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أفاد بقيام السلطات التركية والفصائل الموالية لها تحديداً فصيل صقور الشمال في 10 أغسطس/آب 2018 و6 أكتوبر/تشرين الأول 2018 و3 نوفمبر/تشرين الثاني، بحفريات تخريبية وعشوائية بالآليات الثقيلة (الجرافات)، ما أدى إلى تدمير الطبقات الأثرية دون توثيقها، إضافة إلى تدمير المواد الأثرية الهشة كالزجاج والخزف والفخار ولوحات الفسيفساء، وغيرها من الآثار.
استباحة النبي هوري
تعرف هذه المنطقة بأسماء (سيروس) و(قورش) و(النبي هوري).
واختفى أسد عفرين البازلتي، حيث أشار صلاح سينو، المتخصص بتوثيق التعديات على الآثار في الشمال السوري، في تصريحات صحفية سابقة إلى أنه واعتماداً على مقارنة صور جوية تعود لفترة ما قبل دخول القوات التركية للمدينة، مع صور جوية حديثة، يتضح أن الأسد البازلتي الكبير لم يعد موجوداً في الموقع.
وعند مقارنة الصورة الأولى التي اُلتقطت في 21 أغسطس/أب 2019، مع أخرى التقطت في 29 يناير/كانون الأول 2018، يظهر حجم التعديات وعمليات التجريف التي طالت الموقع ككل، إضافة إلى اختفاء الأسد البازلتي الكبير من مكانه على التل الأثري جنوب المعبد الحثي، وفق سينو.
ويعدّ معبد "عين دارة" من أهم التلال الأثرية في سوريا، وهو من الأوابد الفريدة في بلاد الشام التي جددت أو أعيد بناؤها أكثر من مرة.
يعود تاريخ اكتشاف "أسد البازلت" إلى عام 1956 عندما وجده راعي أغنام في موقع "عين دارة" بالصدفة، مما دفع العشرات من علماء الآثار وعلماء الحفريات للتوجه نحو مقاطعة عفرين من جميع أنحاء العالم من أجل البحث عن بقية المعالم التاريخية الموجودة في المنطقة والتي تعود إلى آلاف السنين، ويمثل أسد البازلت الحضارة الآرامية في سوريا حيث بناه الآراميون خلال الألف الأول قبل الميلاد.
إمعاناً في استباحة آثار عفرين، والاستهانة بقيمتها، نشر أحد العاملين في التنقيب عن الآثار خلال عام 2019 على صفحته الشخصية صوراً لثلاث لوحات فسيفسائية، كانت قد سُرقت من موقع "سيروس" (النبي هوري).
وكان مصير تلك اللوحات، مُلمَّحاً إليه من العبارة التي كتبها صاحب المنشور فوق الصور وتقول: "متحف العاصمة نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية" (وهي ترجمة آلية للنص الأصلي الذي كتبه بالإنكليزية) ويذكر فيه: "متحف الميتروبوليتان في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية".
حينها، كشفت مصادر أن أحد المرتزقة المعروف باسم محمد أسعد علوش دفع مبلغ وقدره 50 ألف دولار لمرتزقة تركيا للتنقيب عن الآثار في أكثر من منطقة بعفرين.
ينتشر في جغرافيا عفرين أكثر من (80) تلَّاً أثريــّا، منها (37) مُسجّلاً لدى المديرية العامة للأثار السورية بالقرار 244/ الصادر سنة 1981، وحوالي 45 تلاً غير مسجل تم إحصائه. تعود المواقع الأثرية العائدة للفترة الكلاسيكيّة (يوناني – روماني – بيزنطي)، والتي كانت أغلبها محتفظةً بأبنيتها من معابد و كنائس وفيلات و بيوت ومخازن مختلفة الوظيفة، وجسوراً ومدافن مختلفة، وتقع أغلبها في جبل “ليلون” بالكردية، وعددها حوالي الثلاثين موقعا كانت بحالة جيدة قبل الاحتلال، بحسب سينو.
16 ألف قطعة أثرية في متاحف تركيا.. والهدف محو تاريخ المنطقة وتتريكها
نًقلت آلاف القطع الأثرية وتمّ تهربيها وبيعها إلى تركيا، منذ اندلاع الحرب السورية قبل 10 سنوات. وفق مركز توثيق الانتهاكات، اهتمت تركيا بهذا الجانب وأنشأت فرقة خاصة لتنسيق عمليات نقل الآثار، وشرائها / سرقتها أو حتى مصادرتها، مستغلة حالة الفوضى والفقر وجشع التجار والمتعاملين معها من قادة الفصائل والجماعات المسلحة. عادة ما تعلن وسائل الإعلام التركية إنّ أجهزتها الأمنية صادرت قطع أثرية مهربة من سوريا عبر الحدود، وتقوم بنقلها لمتاحفها.
سرقت أنقرة حتى الآن ما لا يقل عن 16 ألف قطعة أثرية في سوريا أغلبها من آثار مدينة عفرين، حيث وُجد معظم تلك القطع في متاحف تركيا. بحسب تصريحات سابقة للرئيس المشترك لمديرية الآثار حميد ناصر، خلال عام 2019. كما تمّ تخريب 35 تلاً أثرياً، وتعرض 35 تلاً أثرياً للتنقيب والتخريب من أصل 92 تلاً أثرياً مُوزعاً في مختلف قرى ونواحي المقاطعة.
تشكل مثل هذه الأعمال انتهاكات للاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحماية التراث الثقافي الإنساني أثناء الحروب كميثاقي واشنطن وفينيسيا في 1935.
وأيضاً، اتفاقية 1965 واتفاقية لاهاي في 1954 وملحقها في 1999 والتي اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو” كمعيار لحماية التراث الثقافي العالمي إبان النزاعات المسلحة.
حيث تعتبر الاتفاقية التعدي على أية ممتلكات ثقافية لشعب ما تعدياً على الممتلكات الثقافية للبشرية جمعاء إضافة إلى اتفاقية اليونسكو في 1970 بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد و تصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة.
وصولاً إلى المبادرة الإماراتية – الفرنسية في 2016 والتي تبلورت عبر المؤتمر الدولي المنعقد أواخر ذلك العام في العاصمة الإماراتية أبو ظبي تحت عنوان “الحفاظ على التراث الثقافي المهدد بالخطر”، وتمخض عنها إنشاء صندوق دولي لحماية التراث الثقافي المهدد أثناء النزاعات المسلحة وإنشاء شبكة ملاذات دولية آمنة لحماية الممتلكات الثقافية المعرضة للخطر في ظل تلك النزاعات.
اقرأ أيضاً: زيتون عفرين.. من مصدر رزق لكابوس يلاحق همّه ملاكه الأصليين
تهدف تركيا عبر أذرعها لمحو تاريخ عفرين والمناطق التي تحتلها، وتصدير نفسها في المستقبل على أنها عنصر أصيل في المنطقة، ضمن مخطط التتريك تمهيداً لضمها نهائياً في المستقبل.
أسماء تركية
تعمل السلطات التركية بالتعاون مع الفصائل السورية المعارضة الموالية لها على نشر الثقافة واللغة التركية إلى جانب احتكار المشاريع الاقتصادية الرئيسية في المنطقة.
بالعودة لتقرير منظمة حقوق الإنسان ـ عفرين، الصادر خلال أغسطس/ آب الماضي 2021، تسعى تركيا منذ ثلاثة أعوام إلى "تغيير هوية عفرين ومعالمها وصبغها بالهوية التركية عبر تغيير أسماء الشوارع والميادين والمرافق العامة والمستشفيات ورفع العلم التركي فوق المدارس والمرافق العامة".
تورد المنظمة بعض الأدلة على ذلك ومنها تغيير أسماء الساحات الرئيسية في مركز المدينة، إذ أطلقت أسماء: "ساحة أتاتورك" "دوار غصن الزيتون"، كما غيرت أسماء بعض القرى غير فقرية "قسطل مقداد" تحولت إلى "سلجوق أوباسي"، وقرية "كرزيله" إلى "جعفر أوباسي".
وأشارت إلى أن تغيير أسماء الأماكن الاستراتيجية ترافق مع "وضع العلم التركي وصور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كل مكان وعلى لوحات الدلالة في كل قرية وناحية ومركز مدينة، فضلاً عن تعليم اللغة التركية في المدارس ووضع العلم التركي على ألبسة التلاميذ".
تشرف تركيا بشكل مباشر على المجالس المحلية التي تدير المناطق الواقعة بين جرابلس والباب وعفرين. تتبع هذه المجالس لما يسمى بـ "الحكومة السورية المؤقتة" التي تتخذ من تركيا مقراً لها، وتستلم رواتب موظفيها من الحكومة التركية، ويتبع مجلس عفرين إدارياً لمقاطعة أنطاكيا (هاتاي) التركية المجاورة.
اقرأ أيضاً: عفرين في ظل تركيا.. تفشّي للكورونا وتسيب مستفحل
يُشار إلى أن تركيا والفصائل الموالية لها، أطلقت في يناير/كانون الثاني 2018، عملية عسكرية في عفرين، واستمرت نحو شهرين، وانتهت بسيطرة الجيش التركي والفصائل السورية الموالية له على المنطقة. نزح إثرها ما يزيد عن 130 ألف مواطن كردي من عفرين والقرى المحيطة بها، وتمركزوا في مخيمات بمناطق الشهباء في ريف حلب على بعد عشرات الكيلومترات فقط من منازلهم.
وحلّ مكانهم في عفرين نازحو دوما والغوطة الشرقية وحمص وحماه وغيرها من سكان المناطق التي استعادتها الحكومة من الفصائل المعارضة الموالية لتركيا.
عبير صارم
ليفانت نيوز_ خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
قطر تغلق مكاتب حماس
- November 11, 2024
قطر تغلق مكاتب حماس
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!