الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
صراع من نوع آخر في سوريا.. انتقامات دولية
محمد محمود بشار

تحولت سوريا إلى ساحة صراع مباشر بين الدول التي تدخلت عسكرياً فيها، وكما يبدو على خارطة الحرب السورية فإن الدول الأكثر نفوذاً وسطوة هي امريكا وروسيا وتركيا وإيران، ولكن مايجري الآن في إدلب أربك أحفاد العثمانيين. انتقامات دولية


تداولت القنوات الإعلامية التركية صورا لجنودهم القتلى في معارك إدلب، وظهر المسؤولون الأتراك في مجالس عزاء قتلاهم وهم يهددون دمشق بالرد بالمثل. انتقامات دولية


كل هذه التطورات أثَّرت على نفوذ تركيا وسطوتها داخل الاراضي السورية، حيث أظهرت هذه المعركة أن الجنود الأتراك هم أهداف شبه ثابتة في مرمى نيران الجيش النظامي السوري، واستنجاد تركيا الأخير بحلف شمال الأطلسي و الولايات المتحدة الأمريكية، زعزع مكانتها أكثر عندما كان رد الحلفاء دبلوماسياً مطالبين بخفض التصعيد، الأمر الذي أدى بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مناشدة كبير الكرملين للتدخل وفض الاشتباك.


معارك إدلب غير بعيدة لا جغرافياً ولا زمانياً عن معارك رأس العين وتل أبيض التي جرت في أواسط شهر أكتوبر من العام الماضي، حين اجتاح الجيش التركي تلك المدينتين بضوء أخضر أمريكي، ولكن حسب حدود معينة حسب ما صرح به آنذاك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.


في تلك المعارك ظهر بشكل جلي، الجهاديون المتطرفون وهم يحملون السلاح بجانب الجيش التركي ويكبّرون على جثث الفتيات الكرديات اللواتي كنَّ يحاولن صدَّ الهجوم التركي على مدنهن وقراهن.


آنذاك تم لتركيا ما تريد، ولكن ظهرت أنقرة كراعية للمجموعات الجهادية المتطرفة بشكل علني أمام الرأي العام العالمي وتداولت القنوات الإعلامية الأمريكية والأوروبية صوراً تُظهر مسلحين من ذوي اللحى الطويلة والسراويل القصيرة وهم يمثلون بجثث المقاتلين الكرد اللذين حاربوا فيما مضى مع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في سوريا.


وقبل كل هذه المعارك، كانت تركيا قد دخلت في معركة استثنائية ضد الناتو وواشنطن عندما اشترت منظومة إس-400 الروسية ضاربة بعرض الحائط كل المخاوف الأمريكية و الغربية بشكل عام من التمدد الروسي.


قبل عدة أيامٍ من اشتداد المعارك في إدلب، تكلم "جيمس جيفري" مبعوث الرئيس الأمريكي، باللغة التركية في أنقرة وأكد على وقوفهم مع حليفهم التركي في شمال غرب سوريا، ولكن عملياً لم يكن هناك أي دعم أمريكي للتحرك التركي في إدلب، فوقع أردوغان مع جيشه في المصيدة السورية، التي تتحكم بها واشنطن وموسكو.


وما عملية درع الربيع العسكرية التركية في إدلب وريف حلب إلا تتمة لتلك الإرادة الدولية التي تسعى إلى استمرار الصراع في سوريا، ولكن يبدو من خلال الوقائع والمعطيات الموجودة على أرض المعركة بأنه يتم استنزاف الطرف التركي في معادلة يستحيل على أنقرة أن تحقق التوازن فيها مع الكرملين والبيت الأبيض.


باتت تركيا تدفع ضريبة حلم أردوغان في العودة الى السلطنة وقيادة هذا الجزء من العالم، والشعب السوري بدوره يدفع ضريبة مايجري بشكل عام.


سوريا الآن هي ليست سوريا اكتوبر 2019، حينما كان للجيش التركي الحرية في التحرك والاجتياح في مناطق معينة، سوريا الآن تحولت إلى ساحة انتقامات دولية، وكما كان يظهر في الدراما السورية في مسلسل باب الحارة (العكيد أبو شهاب) لفضّ أي اشتباك، والاجتماع في مضافة الزعيم لتصفية القلوب، فإن ترامب وبوتين لهما كلمة الفصل في الحارة السورية.


ليفانت - محمد محمود بشار


كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!