-
شبح الحرب يلوح مجدداً في ليبيا.. لماذا يحشد الإخوان لصراع مسلّح؟
تطورات متلاحقة تشهدها الأزمة الليبية على مدار الأشهر الماضية، تعكس العودة إلى المربع الأول في مسار الحل السياسي الذي يشوبه المزيد من التعقيد والتشابك، في ضوء الصراع المحتدم بين حكومتي فتحي باشاغا وعبد الحميد الدبيبة، وما نتج عنه من تعقّد المشهد السياسي من جهة، وعودة المليشيات والمرتزقة إلى تكثيف نشاطهم من جهة أخرى، فيما تغذي جماعة الإخوان الصراع لحصد أكبر قدر من الامتيازات لصالحها على الأرض.
ووصف مراقبون ليبيون تحدّثوا لـ"ليفانت" الوضع في البلاد، بأنه يسير نحو "كارثة"، إذا ما تمت العودة إلى الصراع المسلّح بين المليشيات وعدم الخضوع لمؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والبدء على الفور بخارطة إصلاح تشمل الإعلان عن موعد محدد للانتخابات المؤجلة منذ ديسمبر الماضي.
ويرى المحلل العسكري الليبي، محمد الترهوني، أن الصراع الراهن بين حكومة تصريف الأعمال برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة الجديدة التي تم اختيارها من مجلس نواب الشعب، الذي يمثل السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد، برئاسة فتحي باشاغا، يعكس أزمة كبرى وتعقيداً في مسار الحل السياسي، متهماً حكومة الدبيبة بتجنيد بعض عناصر المليشيات المسلحة في محاولة لحسم الصراع على الأرض.
الانزلاق مجدداً لمربع الفوضى
وفي حديث لـ"ليفانت"، يقول "الترهوني" إن هناك عدة معلومات تحدّثوا عن حشد عناصر المليشيات والمرتزقة أيضاً من جانب قيادات تنظيم الإخوان الإرهابي، والجماعة الليبية المقاتلة بهدف إحداث حالة من الفوضى وزعزعة الاستقرار وتعطيل عملية تسليم السلطة من جانب حكومة الدبيبة إلى باشاغا وحكومته.
ويوضّح "الترهوني" أنّ الأزمة الليبية على صفيح ساخن في ضوء التطورات الراهنة التي تدفع نحو صراع مسلّح على الأرض وعودة لنشاط مكثّف من جانب المليشيات في حين تعود العملية السياسية إلى المربع صفر مرة جديدة، وسط مآلات وسيناريوهات جميعها "متشائم" بشأن الأزمة المتفاقمة في البلاد لسنوات.
لماذا يحشد الإخوان ضد باشاغا وحكومته؟
ومن جانبه يوضّح السياسي الليبي محمود الكزة، أن بوادر الانقسام في المشهد السياسي الليبي بدأت منذ قرار مجلس النواب الأخير القاضي بسحب الثقة من حكومة الدبيبة وتولي باشاغا تشكيل حكومة أخرى، تمت تسميتها بحكومة "الاستقرار"، مشيراً إلى أن تشكيلة حكومة باشاغا المنتظرة تضم 27 وزارة ومحاصصة إقليمية، وهنا مكمن الهجوم عليها الذي شنّ من أغلب جماعات الإخوان التي اتخذتها مأخذ العدو قبل بدء أعمالها.
وفي تصريح لـ"ليفانت"، أشار "الكزة" إلى أنّ هذا الهجوم من قبل أتباع الإخوان وقادة المليشيات لم يكن شاملاً هذه المرة لأن الانقسام طال الإخوان أنفسهم ما بين مؤيد ومعارض لحكومة باشاغا، مستدلاً بما جاء في حوارات بعض قادة الإخوان عبر تطبيق "كلوب هاوس"، حيث بارك بعضهم بحكومة باشاغا، في حين تحفظ الكثير منهم عن إبداء الرأي في الحكومة الجديدة.
عودة إلى المربع الأول
ويشير الكزة إلى أنّه "ما بين انقسام الإخوان وما يتبع من مليشيات ربما سيكون هناك منزلق سيؤدي إلى نتائج لا تحمد عُقباها، خاصة وأن الجيش والداخلية في المدن الغربية لليبيا لا دور لها، ضف إلى ذلك تمدّد وانتشار الجماعات الإرهابيّة التي كانت وما تزال الخطر الداهم في الداخل والخارج والتي تتحيّن الفرصة لتدمير كل مساعي السلام فيما لو أتيح ذلك".
ويتوقّع الكزة أن تؤدّي الإرهاصات الراهنة إلى العودة للمربع الأول، حيث ستكون حكومة باشاغا حكومة تصريف أعمال ستمارس سيادتها في إقليم برقة فقط، وسيكون مقرّها مدينة البيضاء، مع استمرار حكومة الدبيبة الرافضة لقرار البرلمان في مهامها، غرباً وجنوباً، وكل ذلك سيؤدي إلى انقسام آخر سوف يرهق المواطن والدول الإقليمية ودول الجوار التي تسعى لإحلال السلم في المنطقة.
مآلات قاتمة
وبحسب الباحث المصري المختصّ في الشأن الليبي بمركز الأهرام للدراسات، أحمد عليبة، فإنّ المشهد الليبي دخل في منعطف ضبابي، يغلب عليه طابع “التوتر” بشكل عام، والمؤكد أن مصير العملية السياسية، سواء في حدودها الضيقة أو الواسعة، دخلت نفقاً مجهولاً لن تتضح معالمه قبل حسم معضلة “تمكين” حكومة “باشاغا” كخطوة أولى باعتبارها الأوفر حظاً إذا ما قورنت بحكومة “الدبيبة”، لكنها لن تبدّد حالة “التوتر”، فالمعترك الفعلي في تمكين “خريطة الطريق” التي اعتمدها البرلمان، في 10 فبراير الجاري، والتي تواجه تحديات عديدة، مع زيادة الاستحقاقات المحملة عليها بإضافة عبء الاستفتاء على الدستور في ظل غياب توافق الحد الأدنى على تمرير هذا الاستحقاق. ووفقاً للخبرة الليبية لا يمكن وضع تصور مستقبلي اعتماداً على البدايات بقدر ما يتعين الانتظار إلى النهايات.
اقرأ المزيد: دبلوماسي مصري.. المصريون ليسوا رهائن في أوكرانيا
وأوضح عليبة، في دراسة نشرها موقع تريندز للاستشارات والبحوث تحت عنوان "دوامة الانتقال: حالة اللا استقرار متعدد المراحل" في ليبيا، أنه "على المدى المنظور ستختبر التحالفات الجديدة، ما بين الشرق والغرب، على وقع التعامل مع الملفات المؤجلة والحاسمة لعملية الانتقال السياسي، من حيث تقويض ظواهر الفوضى، خاصة المظاهر المدعومة من الخارج، أو شبكات المصالح المحلية، وتسود حالة من التفاؤل بأنّ الحكومة الجديدة قد تنجح في لعب دور في مواجهة هذه الظواهر".
اقرأ المزيد: الصين تلوم الناتو.. وروسيا تقول لا نريد إطاحة حكومة كييف
ويضيف: "انطلاقاً من سوابق “باشاغا” في هذا الصدد إبان حكومة الوفاق، لكنها سوابق لا يمكن البناء عليها أيضاً. فقد تغلغلت هذه الشبكات في العمق الليبي، إلى درجة باتت معها تمثل “الدولة العميقة” للحالة الليبية، بعد استئصال دولة النظام السابق. كذلك فإن التحالفات الجديدة لم تنضج بعد بالقدر الكافي، وبالتالي ما يزال من المبكر الحكم على مصيرها، وإذا ما كانت تحالفات تكتيكية ومؤقتة، أم يمكن البناء عليها في المستقبل".
ليفانت - رشا عمار
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!