الوضع المظلم
الخميس ٠٧ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
خطة اللعبة ورسائل هيلاري كلينتون
ثروت الخرباوي 

لم تكشف رسائل هيلاري كلينتون التي تم الكشف عنها شيئا جديدا، فعمالة الإخوان للمخابرات الأمريكية واضحة وضوح الشمس، وتبعيتهم للحزب الديمقراطي الأمريكي غير خافية على أحد، وقد كان بريجينسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي في فترة حكم كارتر هو الذي وضع إطار خطة "تفكيك المنطقة العربية" وجعلها خاضعة للإدارة الأمريكية، وقد كانت رؤيته لتنفيذ خطته في الأمة العربية هي استخدام جماعة الإخوان إذ أنها الجماعة المؤهلة للقيام بهذا الدور العميل، وجدير بالذكر أن بريجينسكي كان أحد المفكرين الاستراتيجيين للحزب الديمقراطي، كما أنه كان الأستاذ الأكبر لمادة "السياسة الأمريكية الدولية" حيث كان يقوم بتدريس هذه المادة في أكبر الجامعات في أمريكا، وله كتابه الأشهر "خطة اللعبة" والذي وضع فيه رؤيته لكيفية استخدام "أدوات محلية" تابعة لدول مستهدفة، من أجل إخضاع تلك الدول لسيطرة أمريكا، وهي الخطة التي تم تنفيذها من حكومات الحزب الديمقراطي " جيمي كارتر ـ  بيل كلينتون ـ أوباما" وقد كان من أهداف "أوباما ـ هيلاري كلينتون" الاستمرار في تنفيذ تلك الخطة، ولذلك فإن هيلاري إنما كانت تسير باجتهاد في تنفيذ الخطة الأم ، خطة بريجينيسكي.


بعد أن قرأتُ رسائل هيلاري التي تم الكشف عنها وجدت أن أهم ما في هذه الرسائل هو رؤيتها للعلاقات الأمريكية الشرق أوسطية، وخاصة العربية منها، وكنت قبل ذلك قد قرأت بعضا من هذا الملف، ثم كتبت تحليلا ضمنته رؤيتي، وكان مما كتبته وقتئذ يدل على أننا نرى في كثير من الأحايين صورة، إلا أنها ليست الصورة الحقيقية، فخلفها وخلف الأضواء صورة حقيقية لا يستطيع أحد أن يراها إلا إذا تجاهل الصورة الوهمية وبحث خلفها، فلعلك لا تستطيع رؤية الحقيقة إذا اعتمدت على النظرة الأولى السطحية، أو إذا شدك الحماس وسيطرت عليك المشاعر، فالمشاعر الجانحة غير المنضبطة لا تترك مجالا للعقل ولا تدع فرصة للبصيرة، المشاعر الجياشة تغطي على كل شيئ، ساعتها لن تستطيع أن ترى إلا ما تحب، وستزيح من أمام عقلك ما لا تحب.


 ومن ركام آلاف الأوراق التي قرأتها تعرفت على شخصية خطيرة ظلت مختبأة خلف الأوراق، لم أره في الحقيقة ولكنني تتبعت آثاره، وشاهدت خطواته، وأيقنت أن هذا الشخص هو أخطر شخصة أمريكية في العصر الحديث بعد بريجينيسكي هذا الشخص هو "جون برينان" الرئيس السابق للمخابرات الأمريكية، وأحد تلاميذ بريجينسكي، هذا الرجل الذي ولد في منتصف الخمسينات من القرن الماضي وشغل مواقع متعددة في المخابرات الأمريكية، وكان يشغل في أحد الأوقات في بداية الثمانينات موقع مدير مكتب المخابرات الأمريكية في السفارة الأمريكية بالمملكة العربية السعودية، ثم شاع في الولايات المتحدة الأمريكية في أروقة البيت الأبيض أن برينان أسلم وحج البيت الحرام عندما كان في السعودية، ثم زار مصر ومكث بها فترة عام يدرس اللغة العربية وتعرف خلالها على بعض قيادات الإخوان! ليس هذا الكلام من عندياتي ولكن قائل هذا الكلام هو "جون غوادولو" وهو أمريكي خبير بالشؤون الإسلامية وعميل سابق في "أف.بي.آي" وقد تحدث في مقابلة إذاعية مصورة عبر "سكايب" لبرنامج "ترينتو راديو شو" عن جون برينان وتاريخه، وبعد هذا التقرير الذي أعده "غوادولو" عضو المخابرات السابق عن صديقه جون برينان خرجت الكثير من الصحف الأمريكية تتحدث عن تفصيلات أخرى عن هذا الرجل وصلته بالإخوان وجماعات التطرف، وكيف أنه كان صاحب الدور الأكبر في إنشاء "تنظيم القاعدة" ثم بعد ذلك أنشأ حركة داعش الإرهابية، وكان له أكبر الأدوار في جريمة العصر وهي "توصيل الإخوان لكرسي الحكم" في الدول التي قامت فيها ثورات الربيع وفي القلب منها مصر، بل انه كان المنسق العام لزيارات هيلاري كلينتون لمقر الإخوان في المقطم، وهو مندوبها الدائم لدى التنظيم الدولي للجماعة .


عندما دخل "جون برينان" إلى المخابرات الأمريكية وهو بعد شاب صغير تلقفه "بريجنسكي" إذ أيقن أن برينان تتوافر فيه الشروط اللازمة للتواصل مع الحركات الأصولية في منطقتنا، لذلك كانت أولى مهامه هي أن يتولى مكتب المخابرات الأمريكية في المملكة العربية السعودية، ومنها تسلل إلى قلب الجماعات المتطرفة بادعاء الإسلام، ثم جاء إلى مصر وتواصل مع خيرت الشاطر، وفي أمريكا استطاع التواصل مع محمد مرسي الذي كان يدرس للدكتوراه في جامعة كاليفورنيا.


استكمل "برينان" الخطة التي وضعها بريجينسكي، والتي تستهدف أن يتحول البشر في البلاد العربية إلى قطيع من الفلاحين الأجراء، أو العبيد، كل عملهم هو إعداد "مائدة الطعام" للسيد الصناعي الكبير، فكرة "ترييف العالم" وجعله سلة غذاء للدول الصناعية الكبرى، هي الفكرة التي استحوذت على عقل "الحزب الديمقراطي"، ولك بعد ذلك أن تقرأ ما حدث في المنطقة كلها منذ ما أطلقثوا عليه ثورات الربيع العربي، وما حدث في مصر في تلك الفترة، ولك أن تشاهد بكل وضوح الصورة المخفية التي أخفوها عن الجميع، ثم ظهرت الصورة الكاملة في رسائل هيلاري كلينتون الأخيرة .


 


ثروت الخرباوي 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!