الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
حين أفلس النّظام وكسر حصّالته
نزار غالب فليحان

على مدى أكثر من إحدى عشر عاماً عُزل النظام الحاكم في سوريا عربياً وإقليمياً ودولياً جراء قمعه الوحشي لانتفاضة الشعب السوري التي التحقت بثورات الربيع العربي، منتصف آذار العام 2011.

تلك العزلة شكلت للنظام ومريديه عقدة كان يحاول تجاوزها من خلال زيارة برلماني هنا أو وكالة أنباء هناك، مبعوث أممي تارة أو عضو في حزب لم يسمع به أحد تارة أخرى، وكان أن اعترف النظام باستقلال دويلتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عن جورجيا مكرهاً بضغط من روسيا وطمعاً بأن يضيف إلى هذه الأخيرة وإيران والصين كيانين جديدين يتواصل معهما، وحده عمر البشير، الرئيس السوداني المخلوع، والذي كان مطلوباً للعدالة الدولية وتحت شعار "الغريق لا يخشى البلل" تجرأ على كسر طوق العزلة عن النظام، لكن تلك القفزة غير الموفقة كانت فألاً سيئاً على الرجل فما لبث أن سقط.

ظل النظام على هذه الحال إلى أن بدأت نوايا بعض العرب تتضح -بل تُفْضَح- ليعلن تباعاً عن وجود أكثر من علاقة معه حَدَّ فتح حدود وإعادة تفعيل سفارة وزيارة مسؤولين سياسيين وآخرين أمنيين، والسعي نحو إعادته عضواً في جامعة الدول العربية، لكن ذلك كله كان ومازال يصطدم بإرادة دولية، وعلى الأخص أوربية، ترفض إعادة تدوير النظام، الأمر الذي حَدَّ من -أو ربما أجَّلَ نوعاً ما- اندفاع بعض العرب نحو النظام، وقد شكل ذلك من جديد ضغطاً مضاعفاً على النظام الذي لطالما ادعى وتغنى بأنه قد انتصر وسوف يعود إلى الأضواء بأسرع وقت ممكن.

إلى هنا كان رأس النظام قد استنفد كل أدوات تلميعه وحرق كل مناديله وأفرغ بنك أبواقه من أي رصيد، فأفلس من كل حيلة، ما دفعه -أو بترتيبات من مستشارين (خلاقين)- إلى ابتكار وسائل خالَ أنها جماهيرية وأنها سوف تُكْسبُه جرعة هيام إضافية من مناصريه الذين بدؤوا أخيراً بالتململ والحنق، فكان أن كسر حَصَّالتَهُ ليعثر في قعرها على الثنائي وائل وسلاف فالتقاهما والتقط معهما الصور ورسم معهما الابتسامات في حركة أرادها إنجازاً له، فإذا بها تأتي وبالاً عليه، حيث رآها مريدوه أنفسهم غبية منفرة في وقت يتضور فيه من تبقى من الشعب السوري جوعاً ويتهافتون على دوائر الهجرة للحصول على جواز سفر يمكنهم من الهرب من الوطن، وفي لحظة شُغِلَ فيها السوريون برفع النظام ما يسمى الدعم عن قوتِهِ المعدوم أصلاً.

لقد بات النظام كياناً مريضاً فوق قارب مليء بالثقوب أضاع كل مجاديفه، ولعل آخر مجدافْ لقاء وائل وسلاف.

 

ليفانت - نزار غالب فليحان

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!