-
حقوق المرأة بين الفريضة والفرضيات
يوم عالمي مميز للمرأة بحضور واحتفال مهيبين أقامته المقاومة الإيرانية بالأمس 4 مارس/ شباط 2023 في بروكسل.. ونساء إيران والمقاومة الإيرانية يهرولن نحو بناء إيران شعبية ديمقراطية غير نووية.. حرة تقدمية قوامها العدل والمساواة، تلتزم بمبادئ حسن الجوار مؤمنة بالأمن والسلم العالميين
تأملات في مؤتمر تكريم المرأة في يوم المرأة العالمي المنعقد في الـرابع من مارس 2023 وكلنا أمل أن يكون الغد أفضل مع نهوض المرأة في إيران والشرق الأوسط، وفي المغرب العربي وموريتانيا التي نسعى فيها من أجل النهوض بالمجتمع كي نحرر المرأة من مما يقع عليها من حيف اجتماعي، ولدي حلم أنه بنهضة المرأة في موريتانيا سيكون الواقع أفضل والمستقبل أفضل، علماً بأن المرأة الموريتانية قد قطعت أشواطاً كبيرة نحو التطور لكنها ما تزال غير موفقة بحجم الطموح والآمال.
أَسَرتنا أجواء المؤتمر وأشعلت فينا الآمال، وجددت وأينعت بدواخلنا شجرة الإرادة التي أنبتناها من أجل المرأة والمجتمع والوطن ومحيطنا وانتماءاتنا، وما زلنا نناضل ونواكب خطى التقدم والتطور نحو الأفضل رغم الصعوبات التي مررنا بها، وأملنا أن تنهض المرأة وينهض المجتمع معنا من أجل بناء حياة حرة كريمة.
مؤتمر 4 مارس 2023 بقيادة السيدة مريم رجوي، المرأة المناضلة، مميز لأنه خالص للمرأة والمستقبل الحر الكريم للمرأة وزوجها وأبنائها وأهلها ومجتمعها ووطنها، ومميز لأن من أقامته جهة ثورية نضالية تقودها النساء، ومميز لأن حضوره والمشاركين فيه كانوا جميعاً من النساء اللائي حققن نجاحاً وتقدماً رائعاً في حياتهن ونضالهن الوطني والاجتماعي، ومهيباً في حضوره الكمي والنوعي من أوروبا وأميركا وكندا والشرق الأوسط وجميع دول العالم، هذا بالإضافة إلى تنوع حضوره فكراً وأجيالاً وهويات ورؤى، ومن الجمال المتجسد في هذه المناسبة التي تكرم المرأة النقاء الفكري المطروح بدءاً من الرعاة وانتهاء بالحاضرين والمشاركين.
قد يقول البعض إنه من الطبيعي عقد مؤتمر كهذا فقد اعتادت المقاومة الإيرانية على عقد هذا المؤتمر سنوياً، والحقيقة أنه لم يكن كما المعتاد فالظروف الدولية التي ينعقد فيها المؤتمر ليست طبيعية بل هي ظروف مصيرية يمر فيها العالم، فهناك ثورة عارمة مرتقية في إيران تقودها النساء، وحروبٌ ودمار وبربرية هنا وهناك، وتقلبات أرضية ومناخية تعصف بالبشرية، العالم يمر بأوقات عصيبة تتطلب حلولها النقاء قبل كل شيء وقد حضر النقاء في هذا المؤتمر وسبق الرؤى السياسية، وحضر العزم والإصرار القائمين على الاستعداد والتضحية من أجل صناعة غد مشرق يقوم على نهضة المرأة وحضورها الفاعل في بيتها ومحيطها ومجتمعاتها وأوطانها.
لقد تجلت في هذا المؤتمر الذي أقامته المقاومة الإيرانية معالم الخبرة والقدرة السياسية النضالية من تنظيم وإدارة وأدبيات ورؤى وخطابات بليغة ناضجة وحضور كامل للمرأة الإيرانية في مسيرتها النضالية داخل إيران متمثلاً بقيادتها للثورة أو خارج إيران بقيادتها للمعارضة ونجاحها في خلق استقطاب دولي نوعيٍ كبيرٍ مسانداً لها ومؤمنا بشرعيتها وحقوق شعبها في تغيير مصيره وبناء مستقبله، ومما عزز تلك القناعات الدولية بهذه المقاومة الإيرانية هو قوة حضورها على أرض الواقع داخل إيران وهو الحضور الذي أدام تأجج الانتفاضة الوطنية الإيرانية لأكثر من 6 أشهر على الرغم من ممارسة النظام الاستبدادي الحاكم ومؤسساته القمعية المتعددة لأبشع أنواع القمع والقتل في الشوارع والقتل الحكومي تحت مسمى الإعدام إضافة لعمليات الاعتقال والاختطافات الواسعة وحملات التعذيب والتنكيل داخل السجون.
من إيجابيات المؤتمرات الكبيرة المتعلقة بالمرأة على ندرتها كهذا المؤتمر أنها تسلط الأضواء على معاناة المرأة وتبرز قضاياها ومطلبها وتعرض رؤيتها وقدراتها للعلن مبينة الحقائق المغيبة عن البعض أو الأغلبية اللاهية، الحقائق التي لا تتطلب سوى شيئاً من اليقظة بأن قدرة المرأة وقوتها هي أساس قدرة المجتمع وقوته. وبمثال بسيط هل تنبت قدرة الرجال دون أمهاتهم؟ هل تنشأ وتتنامى قدرات الرجال دون زوجاتهم وشريكاتهم ومعاوناتهم أو معاونيهم؟ المرأة معدة الرجال والنساء على حد سواء، وبالتالي فإن المجتمعات تقوم بالأساس على قدرة المرأة.. نعم قدرة المرأة الأم والمرأة الزوجة والمرأة الأخت المعيلة والجدة المعيلة، فهناك أخوات يقمن بإعالة أُسرٍ كاملة، وهناك جدات مسنات بالعمر يقمن على كبر سنهن بإعالة أحفاد أيتام تربيهم وتُعدهم لتقدمهم كدعائم للمجتمع، والمرأة هي معلمة الأجيال من الرجال، وهي الطبيبة المؤتمنة، وهي المهندسة صانعة الحضارة ومداد الأمل في الحياة، والمرأة هي الشريكة في الرأي والرؤية والوجود والإنتاج والنهضة وليست كائنٌ خصم ينافس الرجل وهو ابنها وأخوها وزوجها في الوجود، وهنا لا يتطلب الأمر سوى القليل من المراجعات وإعمال سلطة العقل والمنطق ليس من أجل إنصاف المرأة فحسب بل من أجل إنضاج وجود الرجل وخلق مجتمع بشري أفضل يتحمل فيه الجيمع مسؤولياتهم بتفانٍ كبشر ويحيي الإنسان بداخلنا بعد أن أصبح مجرد شعار مكتوب على الورق أو شعار يردده سياسيو الأزمات لغاية في أنفسهم، وبالنهاية تناضل المرأة على المستوى الفردي من أجل أبنائها وأحفادها ومجتمعها، رجالاً ونساء، وهنا نعود إلى الحقيقة والتي هي أن حقوق المرأة في المجتمع فريضة علينا نساء ورجالاً، فريضة نؤديها حباً وكرامةً، أمانةً وإيماناً واحتراماً، وليست فرضيات نفترضها أو يفترضها البعض وغير ذلك فقد تصبح فرضيات على ناكر الحق الذي لا يؤديه إلا بالإكراه كبعض الأشخاص وبعض الأنظمة الاستبدادية التي لا تؤدي الحقوق إلا بقلعها.
لقد كان مؤتمر الأمس الذي أقامته المقاومة الإيرانية التي تقودها النساء خير دليل على أن نهضة المرأة نهضةٌ لمجتمعها ووطنها وما تؤمن به من قيم جميلة عادلة، وخير النضال هو نضال المرأة من أجل أهلها ومجتمعها ووطنها ومن أراد أن يرى ذلك بوضوح فليراه في نهضة المرأة في صفوف المقاومة الإيرانية، ومن خلال تضحياتها وتقدمها في طليعة الثوار المنتفضين في إيران على الرغم من كل ما تتعرض إليه من قتل وقمع وتنكيل واغتصابات.
ومما لا شك فيه أن نجاح الثورة الإيرانية هو نجاح لكل دول وشعوب الشرق الأوسط والمغرب العربي وأفريقيا، وكذلك فإن نجاح نهضة المرأة الإيرانية هو نجاح للمرأة في المنطقة وفي موريتانيا والعالم أجمع.. لكن على المرأة أن تنهض بذاتها وتشق طريقها نحو التقدم وعلى الرجل، أبيها وابنها وزوجها وأخيها، أن يبذل كل ما في وسعه من أجل إنجاح مسيرتها لإنجاح وجوده في الحياة، على المرأة أن تنهض مع مشروع حر ومسيرة حرة نقية من أجل حريتها وكرامتها، وأنا مع حقوق المرأة في كل مكان فأداء حق المرأة هو بداية أداء حقوق الإنسان.
الأم مدرسةٌ إن أعددتها.. أعددت شعبا طيب الأعراق.
ليفانت - مسعودة محمد لغظف
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!