الوضع المظلم
الجمعة ٢٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
بوتين على صفيح بارد
غسان المفلح

الكتابة عن الحدث الروسي الآن لا تتعلّق بنجاح المتظاهرين والشعب الروسي في إسقاط بوتين، لأنّ هذا ما يبدو أنّه صعب التحقق. آلاف المعتقلين وإصابات في صفوف المتظاهرين بسبب عنف رجال الشرطة الروسيّة، ثم اعتقال المعارض أليكس نفالين وزوجته. بارد


هذا المعارض الذي أصرّ على العودة لموسكو رغم تحفظات بعض الجهات الدولية وتحذيره بأنّ بوتين سوف يعتقله. هذا ما قام به بوتين في لحظة عودة نفالي إلى موسكو، حيث تم اعتقاله بلحظة نزوله من الطائرة. مئات نقاط التظاهر التي سجلت في جميع أنحاء روسيا، واجهها إعلام بوتين بأنّها تظاهرات غير مرخّصة، وأنّ المتظاهرين اعتدوا على رجال الشرطة. إضافة إلى أنّه حاول تصوير الأعداد بأنّها لا تتجاوز عدة آلاف. تماماً، نفس الصيغة التي يستخدمها أي ديكتاتور في مواجهة شعبه.


بعد هذا اليوم الحر في موسكو، أدانت أمريكا وبريطانيا وبعض دول أوروبا الغربية اعتقال المتظاهرين، وطالبوا بالإفراج عن المعتقلين فوراً. طبعاً لم نشهد أيّة إدانة من أي نظام شرق أوسطي. لم نسمع صوتاً للصين أيضاً. الصين التي سارعت بدعم الأسد منذ أول تظاهرة شهدتها سورية 2011، إضافة إلى إيران وتركيا. محور أستانا لم يدن الاعتقالات.


بوتين في سياق الإدارة الأمريكية الجديدة سيكون موضع ضغط، هذا ما ألمح إليه أكثر من مصدر أمريكي. بوتين الذي يدرك تماماً أنّ روسيا موجودة في بعض مناطق النزاع بفضل التشارك مع أمريكا الذي تم في عهد أوباما، عندما كان بايدن نائباً لأوباما، سوريا وأوكرانيا مثال.


من جهة أخرى، بوتين أخرج روسيا من ملف القضية الفلسطينية وبقي الوجود الروسي فيها شكلياً، لأنّ بوتين منذ تولّيه رئاسة روسيا وهو حريص كل الحرص على علاقة جيدة جداً مع إسرائيل. هذا طبعاً بفضل الحضور الأمريكي ورؤية بوتين لكيفيّة إدارة العالم، خاصة بعد تدخله العسكري الإجرامي في سوريا. إدارة بايدن تعني العودة إلى التعامل الأمريكي التقليدي مع روسيا بعد سقوط السوفييت، شريكاً صغيراً في بعض الملفات فقط، مع تحجيم في بقية مناطق العالم، خاصة في أوروبا، حيث يخضع لعقوبات أمريكية فرضها أوباما لإدارة هذا الضغط البارد، وترك روسيا شبه مجمدة تحته، خاصة بعدما تبعها عقوبات أوروبية.


يمكن للمرء العودة لأزمة الصواريخ التي كانت أمريكا تريد نشرها في بولندا، واعتراض بوتين على ذلك. من جهة أخرى، يمكننا أيضاً العودة لملابسات الاتفاق النووي مع إيران الذي عقدته إدارة أوباما وانسحبت منه إدارة ترامب، دون احتجاجات جديّة من قبل روسيا التي كانت طرفاً، حيث اكتشف بوتين أنّ الاتفاق كان الغاية منه علاقات أقوى مع أوروبا الغربية وأمريكا وليس مع روسيا، من قبل الملالي في طهران. ربما هذا الأمر هو ما أظهر التقارب بين بوتين وإدارة ترامب بعد انسحابها من الاتفاق، حيث أعاد الانسحاب حاجة إيران لروسيا. ليس من مصلحة بوتين أن يقوم باتفاق نووي مع إيران، وفقاً للصيغة القديمة. ربما هذا ما يمكننا اعتباره نقطة خلاف مع إدارة بايدن تحتاج لمزيد من الضغط على بوتين، فهل تستغل إدارة بايدن ما يجري في روسيا من أجل مزيد من الضغط على بوتين في بعض الملفات العالقة؟


طبعاً، هذا هو المرجّح.. لكن السؤال إلى أي حدّ؟ هذا ما تجيب عنه الأيام القادمة. كل هذا لا يعني أن تذهب إدارة بايدن لمواجهة ساخنة مع روسيا. الضغط الناعم بالنسبة لها كافياً. من ضمن هذا الضغط ربما يكون دعم التظاهرات في روسيا.


أما سوريا في عهد بوتين، استخدمت روسيا حق النقض 16 مرات منذ 2011 مارس، ثلاثة استخدامات ضد السماح للأمم المتحدة لتقديم مساعدات عبر الحدود دون إذن النظام السوري. الديكتاتور بوتين يدعم ديكتاتوراً آخر ومجرماً كالأسد. قتل بوتين ما لا يقلّ عن 6589 مدنياً، بينهم 2005 من الأطفال و969 من النساء، منذ 2015 سبتمبر 2015، توزيع حصيلة قتلى الضحايا على مستوى المحافظات، محافظة حلب الأكبر، يتبعها إدلب ثم دير الزور. بوتين قتل شعبي.


بوتين ينفق ثروة لدعم عائلة الأسد البلطجية. هجمات القوات الروسية لم تعد تقتصر على الغارات الجوية، بل امتدّت للمشاركة في العمليات البرية باستخدام المدفعية والدبابات وتجنيد الشركات الامنية والمرتزقة للقتال. تدخل بوتين العسكري دعماً للأسد المجرم يشكل وصمة عار عميقة ومخزية على تاريخ روسيا الحديث، يظهر بربرية بوتين، حيث إنّه قصف مناطق سكنية ودمر أحياء كاملة من الأرض دون أي رحمة. كما عبّر بوتين ومسؤوليه عن أهمية تجربة كافة أنواع أسلحته في قتل الشعب السوري، ماعدا السلاح النووي.


الأهم من كل هذا طبعاً العمل الدؤوب بين طهران وأنقرة من أجل شرذمة المعارضة السورية، من خلال أستانا وسوتشي، والتوافق في احتلال عفرين ورأس العين وتل أبيض مع تركيا، لأنّ طموح بوتين الأساسي أن يثمر كل ما قام به من تدمير وقتل بحق الشعب السوري إلى حل سياسي مستدام، وفقاً لرؤية بوتين، الذي يقف عاجزاً أمام الإصرار الأمريكي على إبقاء سوريا ساحة مواجهات محدودة على حساب دماء السوريين وحياتهم، ليكتشف بوتين بعد كل هذه الجريمة التي قام بها في سوريا أنّ أغلبية أوراق الحل في سوريا هي بيد أمريكا. لا أحد يعرف بالطبع ما هي الوعود التي قدّمها أوباما لبوتين عندما جرّه للتدخل المباشر في سوريا عام 2015.


بوتين الآن مع التظاهرات للشعب الروسي، وعودة بايدن رئيساً بعد أن كان نائباً لأوباما في تلك المرحلة، تجعله من جديد على صفيح بارد نفسه لا يعرف متى يسخن أو متى يُزال من تحته. بارد


ليفانت _ غسان المفلح  ليفانت

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!