الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • المصالحات والمشاريع السياسية في المنطقة..وقفة مع جبهة السلام والحرية

المصالحات والمشاريع السياسية في المنطقة..وقفة مع جبهة السلام والحرية
3

ليفانت نيوز- نور مارتيني



لم تعد ملامح المنطقة تشبه تلك التي كانتها في الأمس، فقد باتت التقسيمات أكثر وضوحاً، والتموضعات السياسية والعسكرية أشدّ رسوخاً، سيما في ظلّ التدخّل الأجنبي على كامل الأرض السورية، والذي جعل من السوريين، أياً كان انتماؤهم، لاعباً ثانوياً على أرضهم، ولكن ليس بين جمهورهم!


فالتغيير الديموغرافي الذي فرضه النظام من خلال آلة الحرب المجنونة، وداعموه الدوليين الذين لم يدّخروا جهداً لإذكاء نار الأحقاد في المنطقة، وتنمية النعرات الطائفية والإثنية من خلال شراء الولاءات.



على الضفة الأخرى، وفي صفوف المعارضة، لم يألُ داعمو معارضي الأسد جهداً في تمييع قضية السوريين العادلة، والاستثمار بها سياسياً للحصول على مكتسبات، وإن كان الثمن هو ضرب هذا الحراك، ومحاولة دفعه للانزلاق في هاوية الاقتتال الأهلي، وهو ما سعى السوريون على مدى قرابة الـ 10 سنوات لتفاديه.


في ظلّ هذه الظروف الشائكة، والمتغيّرات الدولية، ظهرت تشكيلات وتيارات سياسية عدّة، واندثرت تيارات أخرى بتغير المعطيات الدولية، وبفعل المدة الزمنية التي باتت عبئاً على الذاكرة السورية المتعبة؛ هذه التحوّلات السورية جعلت من بعض القضايا تلقى تهميشاً دولياً، ما يحتّم على كل الأطراف إعادة إحيائها في الذاكرة الجمعية للسوريين. جبهة السلام


آخر هذه الأجسام كان جبهة السلام والحرية، التي تزامنت ولادتها مع الظروف العصيبة في مختلف أنحاء سوريا، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية من جهة، وعودة داعش إلى الواجهة بعد أن أعلن عن دحرها سابقاً، فضلاً عن تداعيات التواجد الإيراني في المنطقة، ناهيك عن تحدي النفوذين الروسي والتركي المتصاعدين في المنطقة، والاتفاق النفطي الأمريكي؛ كلّ هذا يجعل المشهد السياسي غاية في التعقيد، ويفضي إلى تداخل وتشابك جميع الملفات.


وأعلن عن تأسيس “جبهة السلام والحرية، أواخر شهر تموز/ يوليو المنصرم، وهو تحالف سياسي يضم كلاً من المنظمة الآثورية الديمقراطية، المجلس الوطني الكردي في سوريا، تيار الغد السوري والمجلس العربي في الجزيرة والفرات.


وجاء في بيان تأسيس الجبهة،  أنّها “تدعم الحل السياسي في سوريا، وفق قرارات الشرعية الدولية وأهمها قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، وبيان جنيف1، بما يحقّق تطلعات شعبنا في تحقيق الانتقال الديمقراطي إلى نظام يحترم حقوق الإنسان، ويضمن سيادة القانون والتداول السلمي للسلطة مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية”.


لماذا جبهة السلام والحرية؟


قد يتساءل البعض حول جدوى ظهور الجبهة، في هذا التوقيت بالذات، ومع تصاعد الأحداث في المنطقة، سيما وأن الكثير من السوريين لم يعودوا معنيين بوعود التيارات السياسية، بعد مرور قرابة العقد على المأساة السورية. جبهة السلام


حول دوافع تشكيل الجبهة، تقول الصحفية مزن مرشد، عضو المكتب السياسي والناطقة الاعلامية باسم التيار، والذي هو أحد مكونات جبهة السلام والحرية: ” نحن نطمح لمستقبل سوريا ككل، وليس لمنطقة محددة” وحول سبب التركيز على شرق الفرات تقول “مرشد”: “إن كنا نهتم اليوم بمنطقة شرق الفرات، فهذا لخصوصيتها في الوضع الراهن، وما يتم عليها من صراعات مصالح. نريد للمنطقة كما نريد لكل سوريا أن تكون بيد إدارة سورية ترعى مصالح جميع أبنائها، ومن جميع القوميات أو الطوائف أو المشارب أو الإثنيات”.


من جهته، يرى واصف الزاب، القيادي في جبهة السلام والحرية، أنّ “منطقة عمل الجبهة ليست محصور بهذه المنطقة رغم أهميتها، لأننا سوريون ومكونات الجبهة موجودة في كل الهيئات والتكوينات المعارضة(الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة – هيئة المفاوضات- اللجنة الدستورية* ولذلك يشمل نطاق عمل الجبهة المساحة السورية”. 

ويتابع القيادي في تيار الغد السوري: “إلا أن منطقة الجزيرة والفرات تحظى باهتمام كبير من الجبهة لاعتبارات عديدة؛ منها ما هو متعلق بالجبهة، ومنها ما هو متعلق بالمنطقة لأهميتها الجيو سياسية، رغم أن النظام لا يعتبرها بأدبياته جزءاً من سورية المفيدة، حسب مصطلحات مؤيدي النظام، لكنها تحتل بالاهمية في ضميرنا ما تحظى به كل مدينة وبلدة وقرية في سورية”، وأردف: “لذلك نحن نعتبرها جزءاً لا يتجزأ من سورية، وأي حالة خاصة لأي منطقة من سورية، يجب أن لا تمس بوحدة سورية أرضاً وشعباً، وهذا واضح في مبادئنا”. جبهة السلام


في السياق ذاته، أكّد منسق عام الأمانة العامة لتيار الغد السوري،السيد تليد صائب، أن “المشاريع التي تريد رسم مستقبل سوريا وليس المنطقة الشرقية، فحسب كثيرة جداً و متنوعة، كما أتفق معك أن السوريين فقدوا الى حد كبير جداً أي دور لهم في رسم هذا المستقبل، بعد التدخلات الدولية العربية والاقليمية والدولية، التي باتت تتدخل في رسم واقع ومستقبل سوريا، وتتصارع على الأرض السورية، ويدفع ثمنها الشعب السوري دماً أو جوعاً أو تشرداً أو قهراً…” وتابع: صائب”في تيار الغد السوري حملنا الهم و الوجع السوري لأننا جزء من سوريا كلها، ومشروعنا لكل سوريا ولكل السوريين، ورغم أن الاتفاق بين مكونات من المنطقة الشرقية إلا أن المشروع (جبهة السلام والحرية) لكل السوريين، وبالتأكيد نعمل ليكون شاملااً جامعاً لمكونات الشعب السوري ولكل جغرافيته، ويمكن من خلال العنوان العريض الذي اجتمعت عليه الأطراف الحالية التي أسست و شكلت الجبهة أن نعرف ما الذي نصبو اليه و نبحث عنه لأجل سوريا.

وأردف “صائب”: “رئيس التيار الشيخ أحمد الجربا قال في كلمته في المؤتمر، أننا لا نريد أن نكون صندوق بريد للدول الأخرى، و بالتأكيد نحن نريد أن نكون أصحاب رسالة محبة ووئام لا صندوق يحمل في داخله الموت والخراب”.


المصالحات والملفات العالقة..هل تنجح الجبهة في إنقاذ ما خرّبه الاقتتال؟


استغرق موضوع المصالحة الكردية الداخلية وقتاً وجداً كبيرين، وهو بدوره جعل موضوع المصالحة الشاملة أكثر صعوبة، سيما في ظلّ الإصرار التركي على إقصاء بعض الجهات بذريعة ارتباطها بحزب العمال الكردستاني، المصنّف في تركيا على أنّه حزب إرهابي، ومع التقدّم الحاصل في الملف، والنتائج المرضية التي تمّ التوصل إليها، يرى “واصف الزاب” أنّه “بالنسبة للمصالحة الكردية الكردية هذا شان يسأل عنه الأطراف الأساسية المشاركة فيه، وفي العموم نحن مع نقاشات تشمل جميع المكونات المجتمعية والسياسية، ضمن الثوابت التي يحملها كل السوريين عندما خرجوا بثورتهم، وضمن نوايا تسعى لقوة البلد وتحقيق أهداف شعبه”.


فيما اعتبر السيد “تليد صائب”، أنّه “بالتأكيد فإن المصالحة الكوردية الكوردية في الشرق السوري مرحب بها بشدة أيضاً، وعملنا ومستعدّون للعمل بكل قوة على إنجاح هذه التفاهمات والوصول للمصالحة الأكيدة من خلال علاقتنا الجيدة بالطرفين، فنحن محكومون بسبب الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك بالوصول إلى المصالحة الشاملة ونبذ خلافاتنا التي سعت أطراف كثيرة لتأجيجها، لإبقاء حالة الصراع في سوريا عموماً وفي المنطقة خصوصاً”، وأردف قائلاً: “كل تفاهمات ومصالحات بين مكون واحد من مكونات الشعب السوري، أو بين عدة مكونات وفي كل سوريا وليس في المنطقة الشرقية وحدها هي أمر مرحب به وبشدة من قبلنا، ندعمه بكل ما نستطيع , ونمد له يدنا بكل قوة حسب قدراتنا، نحن نرى أن لا غنى أبداً عن العيش المشترك لكل السوريين،  وأن الفسيفساء السورية التي عاشت قروناً متآلفة متجانسة لترى فرقاً فيما بينها يمكن أن تعود للعيش المشترك مرةً أخرى، بكل تأكيد”.  جبهة السلام


وفيما يتعلّق بالمكوّن العربي، يرى “صائب”، أنّه “في المنطقة الشرقية، حيث المكوّن العربي أكثر من غيره من الانقسامات، رغم أن الجميع عموماً و بنسبة كبيرة جداً من عرقٍ واحد، و من دين واحد وتجمعهم جغرافيا واحدة؛ هذه الانقسامات ليست جديدة على المنطقة , بدأها الفرنسيون إبّان الاحتلال الفرنسي لسوريا وإن بشكل خجول، لكن النظام عمل عليها بكل قوته لأنه يدرك أن بقاءه بضعف الجميع، و يفرقهم، و باذكاء نيران الخلافات بينهم، سواء بين عشائر المنطقة أو حتى بين أبناء العشيرة الواحدة وربما بين الأسرة الواحدة ايضاً”ـ وتابع: “حاولنا وما نزال جمع و توحيد أبناء المنطقة كلهم (عربا” وكورداً _ مسيحيون ومسلمون) على كلمة واحدة، وعلى موقف واحد، لأجل مصلحة واحدة هي مصلحة الانسان السوري ومصلحة الوطن السوري، ولو نظرنا بشفافية و بعيداً عن دائرة المصالح الشخصية الضيقة لوجدنا أن اختلافاتنا وخلافاتنا هي أصغر من أن تمنع توحدنا، واكثر ضرراً علينا أولاً وعلى سوريتنا و أهلنا فيها ثانياُ و أخيراً، المهم أن نضع الوطن نصب أعيننا، وندير ظهرنا لكل محاولات الآخرين (نظام وقوى خارجية) ونمنعها من نشر الفتن بيننا”، لافتاً إلى أنّه “بالتالي فإن تذليل هذه المعوقات للوصول الى مصالحة شاملة ليس بالأمر العسير ولا المستحيل، وربما سيكون قريباً جداً “. جبهة السلام


مزن مرشد من جهتها رأت أن “المصالحة الشاملة تحتاج الى تطلعات مشتركة لدى الجميع، ونحن ننظر للجميع بعين المساواة، ولا نتوقع سوء النوايا في التطلعات من أحد. كل يريد مصلحة المنطقة بحسب وجهة نظره، وكل جهة تعمل بمحبة وكل يحب البلد بطريقته، فالمصالحة تحتاج لإرادة الجميع وتحتاج للحوار الفاعل والبناء، ونحن لسنا على عداء مع أحد كي نقول بأننا سنصالح، بالعكس نحن في حالة صلح مع الجميع، لكننا بحاجة لوضع هذه الرؤية التصالحية في أبجديات العمل المشترك، وهذا لا يتم الا بحوار الأطراف ووضع خارطة طريق للعمل المشترك، وتحديد الأولويات وحل كافة المسائل العالقة”.


ترتبط المنطقة الشرقية في سوريا بملفات عدة، حاولنا في ليفانت نيوز، أن نقف عند عوامل تشكيل جبهة السلام والحرية، والرؤى التي انطلقت منها، وأهمّ الملفات التي ترمي إلى بحثها، غير أن الحديث يطول حول هذه الملفات المعقدة وتأثيرها على المنطقة، علّها تفتح الباب لإجابات على الكثير من الأسئلة التي ننتظرها كسوريين.

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!