-
الكارثة المضاعفة التي تنتظرنا: كورونا السوري!
بينما تتهافت الحكومات في كل مكان في العالم لاتخاذ اجراءات سريعة لحماية مواطنيها من الوباء المحدق بالجميع، كان رأس النظام السوري يرفض منعنا التصريح عن أي اصابات في صفوف السوريين. كورونا السوري
ولا يخفى على أيّ متابع كم الفصائل الإيرانية المقاتلة دعماً لبقاء النظام في سوريا، والحجيج الشيعي القادم من هناك لزيارة المقامات الشيعية في محيط دمشق، وعدد السوريين الذاهبين إلى هناك في الوفود العسكرية والمدنية إلى قم وطهران وكثير من المدن الايرانية، التي تعدّ اليوم ثاني بؤرة انتشار عالمية لوباء كورونا بعد إيطاليا.
بقي النفي الحكومي إلى أن هددت منظمة الصحة العالمية بمعرفتها لوجود إصابات في دول شرق أوسطية ترفض الإفصاح عن وجود حالات لديها، وهي إشارة أكثر من مبطنة إلى سوريا.
تزامن الأمر مع إصدار أوامر حكومية بإغلاق المدارس والجامعات، لتزويدها بالماء والمعقمات، أجل، فكثير من المدارس والجامعات في سوريا لم يصلها الماء بعد.
وانتهت سلسلة الأوامر الحكومية الكارثية بعفو عام حمل الرقم ٦ للعام ٢٠٢٠، صمم للعفو عن مهربي المخدرات والقتلة ومرتكبي جرائم ومخالفات السير، مستثنياً عمداً تهماً جاهزة لمعارضيه ومعتقلي الثورة مثل: "الخيانة والتجسس والصلات غير المشروعة بالعدو ومعاونته لفوز قواته وشلّ الدفاع الوطني والإضرار بالمنشآت والمواصلات وتسريب وثائق تخصّ الدولة".
يقع الشعب السوري حالياً تحت حكم الأسد في بؤر ثلاث جاهزة لاحتضان الوباء حدّ التفشّي التام والقضاء على الشعب السوري أينما وجد.
تقع البؤرة الأولى في معتقلات النظام، حيث يعيش المعتقلون لتهم سياسية وتهم التظاهر تحت ظروف أكثر من سيئة، سواء وجدوا في منفردات أو في جماعيات، يتكدسون في بيئات قذرة تنتشر فيها الأمراض, لن يكون الكورونا فيها سوى أمر اعدام ميداني.
ويحتلّ سوريو الخيام في مخيمات النزوح في شمال سوريا المرتبة الثانية حيث يفتقدون لمنازل يعزلون أنفسهم فيها، يتواجد ما ندر من طعام وسوائل تنظيف، يفتقرون للرعاية الصحية بعد أن قصف النظام والروس كل المستشفيات في هذه المناطق، وسيكون كورونا بمثابة قنبلة أخرى تلقى عليهم بقدرة تدميرية عالية.
ولا ننسى من بقي من أهلنا في مناطق سيطرة النظام حيث يقبع ثمانون بالمائة منهم تحت خط الفقر، ويكاد يكون الحصول على الطعام مشقة يومية يعانون منها، مع نقص كبير في الخدمات الأساسية كتوفر الغاز والكهرباء، وغلاء المواد الأساسية ومنها مواد التنظيف والتعقيم. كورونا السوري
لقد عملت دول العالم على تطوير خدماتها، منذ عشرات السنوات، وبالضبط منذ انتهاء الحرب الباردة، وتسابقت لخدمة مجتمعاتها المحلية، فيما عمل نظام الأسد على حكم البلاد بالحديد والنار، مهمشاُ التعليم والثقافة، بل وبانياً مزيداً ومزيداً من السجون المحصنة ليضع فيها معظم المتنورين من معلميه وأساتذة جامعاته ومثقفيه وأطبائه.
لقد جعل نظام الأسد من تأمين مستلزمات الحياة الأساسية هاجساً لكل سوري، وحلما، فأصبح الاستحمام حينما يريد الانسان نعيماً سواء كنت داخل السجن، أم كنت داخل حدود مملكة الخوف الأسدية التي لا تعدو كونها سجناً من أحقر سجون الكون.
والحالة هذه، فإنني لا أستغرب انتشار نظرية المؤامرة في تأويلات عديد من السوريين، فقد تربينا على هذا النهج، فمرة نقول إن الصين اخترعت الفيروس لضرب الاقتصاد الإمبريالي، ومرة نقول إن فرنسا اخترعته لتبيع العالم دواء، ومرة ثالثة نقنع أنفسنا والعالم بأنه داء أمريكي بثته بين صفوف الصينيين لضرب اقتصادهم.
وبدل الاشتغال على علم الأوبئة ولقاح للفيروس وعلاج لمصابيه، أعتقد بأننا نحتاج مصلاً يعالجنا من خرافاتنا ولقاحاً يحصننا ضد نظرية المؤامرة التي تفتك بعقولنا، قبل أن يفتك بنا الفيروس حيثما كنا.
وكما كانت رسالة الثوار السوريين رسالة عدالة وكرامة، وقضية معتقلين ونازحين، فإنها كذلك حق في المعرفة، في وجه نظام متعنّت يعطي العالم دروساً في كيفية مواجهة الفيروس وهو عاجز عن تأمين الماء لمواطنيه. كورونا السوري
من حقّ المعتقلين والنازحين أن يحميهم العالم من هذا النظام القاتل المجهل لأفراد شعبه، من حقنا أن نكون في وطن، لا مزرعة، وعلينا أن نعلي الصوت بأن السوريين خاصة يواجهون كارثة مضاعفة مع هذا الوباء.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!