-
الرياض وواشنطن.. وتقرير جمال خاشقجي
العلاقة بين المملكة العربية السعودية واليسار الأمريكي هي علاقة تحكمها التوتر، ووصلت إلى أوج ذروة التوتر في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، والتي وصلت فيها العلاقة بين الرياض وواشنطن أقصى درجات البرود والفتور، بخاصة بعد أن تصادمت توجهات إدارة أوباما بتوجهات الرياض، فعندما كانت إدارة أوباما تمل معها مشروع "التمكين الإخواني،" كانت الرياض تكثّف دعمها السياسي والاقتصادي لثورة الـ30 في مصر، والتي أسقطت حكم الإخوان.
واستمرت هذه الحالة المتصاعدة من الفتور في العلاقة بين البلدين عندما سعت إدارة باراك أوباما إلى توقيع "الاتفاق النووي" مع إيران، والذي وضعت فيه الولايات المتحدة إيران طرفاً رئيساً في الترتيبات الإقليمية، وهي كانت خطوة هدفها الرئيس هو إطلاق اليد الإيرانية لتزاحم المملكة العربية السعودية على دورها الإقليمي، ولكن جاءت إدارة دونالد ترامب لتعيد ترتيب الأمور وفق مايخدم "محور الاعتدال في المنطقة" والذي تتزعمه المملكة العربية السعودية.
عندما نتحدّث عن إدارة الرئيس جو بايدن نجد أنها امتداد لعهد الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، من حيث توجهاتها السياسية، والتي تجنح إلى مسألة انتهاج "لغة التهدئة" مع إيران، وتجنح أيضاً إلى "إعطاء دور لإيران في الترتيبات الإقليمية"، ولعلّ زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، إلى إيران، وتناول بحث الملف اليمني، إنما يعكس ولادة حالة من المتغيرات في السياسة الدولية بما يتوافق مع التوجهات الأمريكية لإدارة جو بايدن باتجاه إعطاء دور لإيران في حلّ أزمات المنطقة بدلاً من العمل على استبعادها، واعتبارها "كجزء من المشكلة لأزمات المنطقة"، وبالتالي "لايمكن أن تكون جزءاً من الحل".
وتجنح إدارة جو بايدن، كما هي عادة اليسار الأمريكي، إلى العمل على توظيف مسألة حقوق الإنسان، والتحدّث عن القيم الديمقراطية الأمريكية، في سياق دعم توجهاتها السياسية تجاه منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي لا يمكن النظر للتقرير الأمريكي بخصوص قضية "جمال خاشقجي" بعيداً عن مسألة التوظيف السياسي من اليسار الأمريكي لخلق أو فرض "واقع جديد" يتناسب مع توجهاتها السياسية، وبالتالي تريد واشنطن من خلال هذا التقرير المزيف والمسيّس أن تمارس ضغوطاً على الرياض باتجاه القبول بالمتغيرات السياسية الإقليمية والعمل على القبول بلغة التهدئة مع إيران واعتبارها شريكاً في "مسألة الترتيبات الإقليمية، وبخاصة فيما يتعلق باليمن"، ولعلّ المتابع لتوجهات إدارة بايدن تجاه الملف اليمني يجد أنّها تتعارض مع التوجهات السعودية، فإدارة بايدن تنتهج سياسة "فرض الأمر الواقع"، بالقبول بالجماعة الحوثية كطرف في المرحلة اليمنية الجديدة، وبالتالي سعت لإلغاء الخطوة التي اتخذها ترامب بتصنيفهم "جماعة إرهابية".
الأمر الأخر الذي تهدف إليه الإدارة اليسارية الأمريكية في عهد جو بايدن، من إعادة الحديث عن قضية جمال خاشقجي والعمل على إخراجها من سياقها الطبيعي "كقضية جنائية"، إلى العمل على تسييسها، هو استخدامها "ورقة ضغط" لعرقلة المشروع الذي تقوده الرياض، والذي صرّح به ولي العهد، وقال بأنّ معركته الرئيسية هو أن "تكون منطقة الشرق الأوسط أوروبا الجديدة"، وهذه الحالة الاستقرارية التي تدفع لها الرياض لا شك أنّها تتعارض كلياً مع توجهات اليسار الأمريكي الذي يجنح دائماً إلى الحالة الفوضوية والتحالف مع جماعات الإسلام السياسي والعمل على تمكينهم من السلطة.
ليفانت -خالد الزعتر
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!