-
التغيير الجذري.. العلاج الوحيد لوباء الدکتاتورية في إيران
لأن کانت هناك ثمة رياح عاتية تهب على النظام الإيراني، لکن هذا النظام لم تنتابه مشاعر خوف کتلك التي انتابته بعد انتفاضة 28 ديسمبر2017، إذ لم تکن شبيهة بالرياح السابقة، بل مختلفة عنها حيث إنها لم تهدف إلى کسر أغصان أو حتى ساق الشجرة السوداء في طهران، بل وحتى هدفت إلى اجتثاثها.
مشاعر الخوف هذه في طهران، قد تزايدت بوتائر ملفتة للنظر وحتى تعاظمت أکثر من ذي قبل بعد انتفاضات نوفمبر 2019، ويناير 2020، ووصولاً إلى انتفاضة سبتمبر 2022، التي لمس ويلمس المراقبون والمحللون السياسيون آثارها وتداعياتها على النظام وهرولته غير المسبوقة باتجاه تحسين الأوضاع الاقتصادية وإجراء ثمة تغييرات ظاهرية في بنية النظام من أجل إيقاف هبوب رياح الانتفاضات والتي أوصلت شجرة الدکتاتورية إلى حالة يرثى لها بعد أن تضررت جذورها ولم يعد بإمکانها أن توصل أسباب الحياة والبقاء للجذع والأغصان.
الشعب الإيراني الذي لاقى أيما عصيبة وظلماً فاحشاً من دکتاتورية الشاه حتى ثار بوجهه أخيراً وأسقطه، لم يکن يعلم بأن الأقدار تخبئ له دکتاتورية أکثر سواداً وظلماً، وإنه وبعد أن قضى قرابة نصف قرن تحت نير دکتاتورية الشاه سيعود ليرزخ 44 عاماً تحت جور وظلم الدکتاتورية المتدثرة برداء الدين، وکما کان له مشوار صراع ومواجهة ضارية ودموية مع النظام الملکي، فإنه وجد نفسه في مواجهة أکثر ضراوة ودموية مع الدکتاتورية التي ابتدعها خميني تحت مسمى ولاية الفقيه.
التأثيرات والتداعيات النوعية لجميع هذه الانتفاضات وبصورة خاصة لانتفاضة سبتمبر 2022، کانت من القوة بحيث أجبرت الولي الفقيه على أن يعيد النظر في حساباته بصورة غير مسبوقة، ومع کل ما قد أعلنه وخطط له، فإنه يمد يده يمنة ويسرة باحثاً عن عون حتى ولو کان من الشيطان نفسه.
الأوضاع الحرجة والميٶوس منها للنظام الديني الاستبدادي، والتي تشير معظمها إلى قرب نهايته المحتومة، فإن مخابرات دولية بدأت تتحرك من أجل أن تضع لمساتها على مستقبل إيران وتجعله يسير وفق ما تريده ويتماشى مع مصالح بلدانها، وإن الدخول"المهول" لابن الشاه في الوقت بدل الضائع لمباراة سقوط النظام، لا يمکن أبداً فصلها وعزلها عن التحرك المشبوه لتلك المخابرات الدولية، بل يبدو وکأن النظام الإيراني ومخابرات دولية وابن الشاه يبذلون کل ما بوسعهم من أجل إبقاء وباء الدکتاتورية سارياً في إيران، وکما إن دکتاتورية الشاه جرى تبديلها بدکتاتورية دينية، فإن المخطط الدولي الجديد ـ القديم هو تبديل الدکتاتورية بالملکية، وکأن إيران کرة يتم تقاذفها بين هاتين الدکتاتوريتين.
الدرس الکبير المستخلص من الانتفاضات التي ذکرناها آنفاً، هو أن لا مستقبل للدکتاتورية في إيران مهما عملت وبذلت من جهود، والدکتاتورية في إيران والسعي الدولي المشبوه لإبقائها کوباء يعاني منه الشعب الإيراني، لکن وکما إنه وفي نهاية المطاف لکل وباء أجل أو دواء، فإن التغيير الجذري العلاج الوحيد لوباء الدکتاتورية في إيران، وإن هذا التغيير قادم ولايمکن الحيلولة دون قدومه.
ليفانت - مهدي عقبايي
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!