-
الإخوان المسلمون وحزب الله.. وحدة الطريق والأسلوب والبناء
على مرّ العقود الماضية يمكن لأي متابع أو قارئ ملاحظة أوجه التقاطعات الكثيرة في الأيديولوجية والعقيدة التنظيمية والفكرية بين تنظيم الإخوان المسلمين وبين حزب الله اللبناني، وهذا مايفسر الكثير من أوجه التشابه بين التنظيمين وسلوكهما ومواقفهما المعلنة في كثير من القضايا، الفكرية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، بل يكاد أن يصل هذا التشابه الى حدّ التشابه المطلق بين التنظيمين.
ولو تمعنّا النظر في القضية الفكرية لكلا التنظيمين، واعتماد نفس الأسلوب في اتباع قضية تسيس الدين الإسلامي وجعله وسيلة لتحقيق أهداف وغايات مرحلية ومستقبلية، والاستفادة من هذا الكم العاطفي لحشد القواعد خلف كلا التنظيمين، لتمكين كلا التنظيمين من الولوج والدخول بقوة في الحياة السياسية والاقتصادية لأيّ مجتمع عن طريق زجّ الدين في القضايا السياسية وتسخيره لخدمة القضايا التي تخصّ التنظيمين، والوصول لحالة من التوافق بحيث يكون وجود هذا التنظيم مرتبط الى حد ما وكبير بوجود التنظيم الآخر، مع الاصطفاف الواضح في الضفة نفسها لمن يمعن النظر في القضية الفكرية لكلا التنظيمين.
والملاحظ أنّ كلا التنظيمين تأثرا بالحالة الباطنية والنفاق السياسي لأبعد الحدود، ورفع الشعارات الرنانة والسعي والعمل لتطبيق ماهو مخالف لهذه الشعارات، بحيث تصبح هذه الشعارات عباره عن النار التي تلتهم من يقترب منها، وتصبح الأتون الذي يلتهم كل مايحيط به،.فالسمة الباطنية هي أحد الركائز الذي يقوم عليه التنظيم السري للإخوان المسلمين، وبشكل مشابة لدى حزب الله، فكل شيء مجهول بالنسبة للقواعد في كلا التنظيمين، القيادات، مجالس الشورى، أو القيادة في التنظيم الآخر، الأهداف الحقيقية، المشروع العام لكلا التنظيمن، الذي تحرص كلتا القيادتين على إخفائه عن الجميع، وإضفاء صورة مغايره تماماً عن الواقع، فشعار الإسلام هو الحل الأمثل لدى الإخوان المسلمين، هو نفس شعار المقاومة الإسلامية لدى حزب الله، وفي كلتا الحالتين التنظيمين بعيدين كل البعد عن هذه الشعارات، وفق المراحل الزمنية السابقة التي أثبتت هذا الزيف الذي يلفّ الحليفين.
ويعتمد التنظيمين في العقيدة التنظيمية التي تصل للهرم، مسألة الخلايا العقدية السريّة، التي تختصّ بها تلك التنظيمات في بنائها الهرمي، بحيث يصبح الوصول إلى قمة الهرم يمر بشبكة معقدة من هذه الخلايا التي لاتنتهي إلا بالداعم الحقيقي الذي يقف خلف الاثنين، وهو بالتأكيد جهة واحده تسعى لتحقيق ما ترغب به من مصالح بالاعتماد على أتون الشحن والحقد والإقصاء والفساد الذي يقوده التنظيمين الحليفين في إقليمنا الشرق أوسطي.
إنّ الارتباط الوثيق بين كلا التنظيمين، وخصوصاً فيما يخصّ الهرم القيادي لكلا المنظومتين، واعتمادهما على مفهوم تكريس السلطة المطلقة لهرم القيادة، المتمثّل لدى حزب الله بالولي الفقيه وشخصية السيد وبشخصية المراقب العام لدى تنظيم الاخوان المسلمين، وإحاطة هذا النوع من القيادة بنوع من السريّة المشوبة بمفهوم التقديس، وجعل هذا الهرم في كلتا الحالتين هو محور لسياسة وعمل التنظيمين، إن دلّ على شيء يدل على أنّ الرحم واحد لكلا التنظيمين، وإن اختلفا ظاهراً في الأهداف المعلنة ولكن التوافق والتشابه كبير في الأسلوب والغايه والهدف.
إنّ مفهوم الإقصاء لدى الجماعتين في التعامل مع المحيط الاجتماعي والسياسي، هو مايميز التنظيمين، من خلال ممارسة هذه السياسة، وعدم قبول الآخر إلا وفق ماتقتضيه المصلحة الخاصة التي تتناقض مع المصالح الوطنية دوماً كون البنية التنظيمية والفكرية للتنظيمين هي قائمة أساساً على أفكار تتناقض مع المفاهيم الوطنية، لذلك نجد كلا التنظيمين في حالة صراع دائم، سياسي واقتصادي واجتماعي، مع محيطهما، أو ضمن الدول التي ينشطون بها.
إنّ المزيج الغريب لأساليب العمل السياسي والعسكري في كلا التنظيمين، الذي يشبه لحدّ كبير نظام وأسلوب العصابات المافيوية، عن طريق تحقيق الأهداف السياسية لكلا التنظيمين، بأسلوب الضغط العسكري وبناء قوة أو مجموعة من القوى، يرتبط قرارها برأس الهرم في كلا الجماعتين، بحيث يكون العمل والأسلوب العسكري هو وسيلة التنظيمين لتحقيق أهدافها بعيداً عن أيّ اعتبارات وطنية.
ويضاف إلى ذلك، التناغم الكبير في رؤية الجماعتين في كثير من القضايا، التي تتناسب مع رؤية المشغل والداعم لهذا الفكر والأسلوب من العمل، الذي غالباً ما يستخدمه المشغل لتحقيق مصالحه على حساب المصالح الوطنية للبيئة التي يتواجد بها حزب الله والإخوان المسلمين.
يعتبر التنظيمان المسألة الوطنية والديمقراطية هي المسأله الأكثر خطورة، التي تهدّد وجودهما، لذلك نجد أنّ التنظيمين في صراع دائم مع الديمقراطية ومفهوم الوطنية، ليشكلا خطراً وورماً سرطانياً في كل بيئة أو مجتمع يظهران بها.
الغاية تبرّر الوسيلة:
في عرف هذه التنظيمات لايوجد أي رادع أخلاقي أو إنساني لتحقيق الأهداف، ولايوجد أيّ مبدأ ثابت للتعامل لتحقيق الأهداف والقدرة الكبيرة للتنظيمين، للتحوّل والتماهي مع المواقف السياسية من أجل تحقيق غاية ومصلحة التنظيم، فهم راديكاليون إن اقتضى الأمر، وشموليون وإقصائيون، ويمكن أن ينخرطوا في أيّ عملية ديمقراطية لتشويهها أو النيل منها، إن كانت تشكل خطراً عليهم، أو المشاركه بها والاستئثار بمفاصلها، إن أمكنهم السيطرة عليها لتحقيق الهدف.
إنّ أشدّ ماعاناه المجتمع العربي، حالياً، هو هذه التنظيمات السرية التي تسعى لتدمير المجتمع والفرد، وشحن الصراعات على الدوام بالافكار والأدوات التي تجعل من استمرار الصراعات عنواناً لبقائها. ولايختلف اثنان عما فعله الإخوان المسلمون في المعارضة السورية، والمجتمع السوري، بشكل عام، وبشكل مشابه لمافعله النظام البائس في دمشق من جرائم تطال الفرد والمجتمع، ومن ناحية أخرى، ما قام به حزب الله من جرائم لاتعدّ ولاتحصى في لبنان والمحيط، واستئثاره ومحاولته فرض هيمنته على الأجواء السياسية في لبنان، وتدخله الإجرامي ضد الشعب السوري، واصطفافه مع النظام المجرم في دمشق، ومحاولته تدمير الاستقرار في المنطقه العربية، وجرّ المنطقة إلى أتون صراعات جديده خدمه للمشروع الفارسي، معتمد في ذلك على شريان الحياة بالنسبه له، وهو تنظيم الإخوان المسلمين، عبر تقويض المسألة القوميه العربية، والنيل منها خدمة للمشروع الفارسي، الذي بدأ خطره يتعاظم ويهدّد السلم والأمن العالميين، فضلاً عن تسببه بكوارث عظيمة في منطقه الشرق الأوسط، ليس أولها فلسطين، ولن تكون سوريا آخرها، مروراً بالعراق واليمن ولبنان.
إنّ تعميق الشعور الوطني لشعوب المنطقة، وفضح أسلوب وهدف وآليات عمل حزب الله والإخوان المسلمين، والتحذير من هذه الانتماءات، هو الكفيل بتجفيف منابع القوة لهذين التنظيمين، للوصول الى بر الأمان، في مجتمعنا العربي وفي بيئتنا الشرق أوسطية.
ليفانت – عبد العزيز مطر
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!