-
الإخوان المسلمون مطيّة التزمين
تزمين الثورة السورية، وبالتالي تزمين الوضعية السورية حتى تتعفن. خلاصة هذا العفن بدأت مع تأسيس الائتلاف ووصلت إلى هيئة التفاوض، ثم أخيراً اللجنة الدستورية. لا أستثني أحداً. الطريف بالموضوع أن هنالك شخصيات ثابتة في هذه اللوحة لم تتغير رغم تغيّر أطرافها، تحت ما يسمى تجديد هياكل هذه المعارضة. أعتقد أنّ المتابع لهذا الملف يعرف هذه الشخصيات جيداً، التي كان وما يزال لها فعل أخطبوطي.
أذرع في كثير من نشاطات المعارضة والمجتمع المدني والإغاثي، تجدها في هيئة التفاوض مثلاً أو الائتلاف وهيئات أخرى. هذه الشخصيات عومها سلوكها في أن تجد دوماً تبريراً للخطوات الدولية وتتساوق معها، والخطوات الدولية بالمقابل عملت على تعويمها. هذه الخطوات أتت بزعامة أمريكا ومعها بريطانيا وفرنسا وتركيا ودول خليجية، وبالمقابل روسيا وإيران والأسد أيضاً دخلوا إلى هذا الملف التعفيني عبر بوابة أستانا، المرضي عنه أمريكياً لأنه يناسب الرؤية الأمريكية لتعفين الوضع السوري.
بوابتان دخلهما الائتلاف، بوابة هيئة التفاوض من جهة، وبوابة أستانا من جهة أخرى. عشر سنوات ونيّف هذه الهياكل والشخصيات مستمرة كما الأسد. لا أريد تناول ما يعرف بالشخصيات المستقلة أو التي تدّعي تمثيل هياكل خلبية لا يتجاوز عدد أفرادها العشرات، كي لا ينزلق الأمر إلى مهاترات شخصية كما أسلفت. عموماً هم يعرفون أنفسهم جيداً، ما أريد التعرّض له هنا هو دور الإخوان في لوحة السورنة هذه، كما أسميتها منذ عشر سنوات تقريباً، نسبة للصوملة والعرقنة واللبننة والبلقنة. تتحول سوريا على جرح نازف في إصرار الإدارة الأمريكية على حماية القاتل المتعدد الأسماء. القاتل ليس للسوريين فقط، بل حتى لأحلامهم في وطن حر كريم. تأسس ذلك بناء على معطيات كثيرة، لكن أهمها أولاً استمرار القتل الأسدي والروسي والإيراني للسوريين. الثاني رفع الراية السوداء في مناطق حررها الجيش الحر وإلغاء هذا الجيش من قائمة الدعم الأمريكي. الثالث تهجير ملايين السوريين واقتلاعهم من بيوتهم.
بات لدينا قضية لاجئين ومن هم يتعيشون عليها، كما لدينا قضايا المعتقلين والمفقودين في سجون الأسدية. نصف سكان سوريا لاجئون ونازحون، والباقي يقفون على الطوابير من أجل ربطة خبز. نصف البلدات والقرى والمدن السورية تدمرت. خلال هذا العقد الذي مضى على انطلاق ثورة السوريين آذار 2011. من يلاحظ أن أغلب شخصيات المعارضة التقليدية تقريباً نحيت من أجل تعويم خيار التعفين أو السورنة. بقي تنظيم الإخوان المسلمين هو اللبنة الوحيدة التي يحوم حولها أو تحوم حولها كل هذه الشخصيات. الإخوان شاركوا في تأسيس كل ما سبق ذكره من هياكل هذا التزمين، لم يأخذوا موقفاً واحداً يقول: كفى، وافقوا على الائتلاف ثم وافقوا على هيئة التفاوض مع هيئة التنسيق ثم مع المنصات المعروفة، ثم مع اللجنة الدستورية وقبلها أستانا. ما تزال شخصيات هذا التنظيم ثابتة في كل هذه الهياكل التي غطت على الألعاب الدولية والأمريكية منها خاصة.
بما يخص الدور التركي أعود وأكرر، وزن تركيا في هذا الملف كوزنها في الملف السوري عموماً. تحدّده أمريكا. لكن أمريكا هي الراعية لهذا التعفين الذي دفع ويدفع ثمنه الشعب السوري. ربما من باب المجازفة يمكننا القول إن أمريكا عهدت تركيا بملف الإخوان كي يضعوا موافقتهم على كل ما سلف من خطوات، لهذا ببساطة قلت إن الاخوان كتنظيم كانوا مطية لهذا التعفين في الوضعية السورية. بغير ذلك كان يمكن لهم أن يعلنوا موقفاً برفض كل هذه الهياكل التي يعرفون أنها هياكل للعبة الوقت الأمريكي في مزيد من قتل السوريين. أما آن لهم أن يتركوا هذا الموقع؟ لكن يبدو أنهم مرتاحون لهذه الوضعية. يحتاج هذا الملف لكثير من البحث. دون النظر للحضور الدولي الكثيف هذا لا يمكن فهم دور المعارضة السورية.
ليفانت - غسان المفلح
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!