الوضع المظلم
السبت ٠٩ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • الأسلحة الغربية وأوكرانيا.. شقلبة لحرب موسكو السريعة لأخرى طويلة

الأسلحة الغربية وأوكرانيا.. شقلبة لحرب موسكو السريعة لأخرى طويلة
أوكرانيا وروسيا \ ليفانت نيوز

أربعة وخمسون يوماً من العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، البلد التي كان يخطط بوتين لتنفيذ عملية عسكرية قصيرة فيها، تنتهي بانقلاب أوكراني من مناصري موسكو في كييف، على الرئيس فلاديمير زيلينسكي، ثم عودة الأمور إلى الهدوء، عقب التيقن من وضع أوكرانيا تحت الجناح الروسي، وضمان أن الناتو لن يتمدد ليصبح جاراً قريباً لقصر الكرملين.

بيد أن آمال الرئيس الروسي وخططه، التي تحدث عنها في بث حي ومباشر شاهده العالم، بين رجالات الأمن القومي الروسي، في الواحد والعشرين من فبراير، قبيل بدء الغزو العسكري لأوكرانيا، قد باءت بالفشل وخابت، فالمقاومة الأوكرانية لا تزال مستمرة إلى الآن، مكبدةً الروس خسائر فادحة، آخرها الطراد موسكفا، الذي تضاربت الروايات حول أسباب غرقه، وهو ما يعني أن احتمالية صدق الرواية الأوكرانية التي تزعم تسببهم بغرقه، واردة إلى حد بعيد.

التسليح لا يتوقف

منذ الرابع والعشرين من فبراير الماضي، موعد بدء الغزو الروسي، يتدفق السلاح الغربي إلى الأراضي الأوكرانية، وهو ما يمكن أن يعلل سبب إخفاق الروس في نيل مرادهم سريعاً، فتقدهم العسكري الحالي، وأياً كان حجمه، كان يمكن أن يكون بأضعاف، لولا ذلك السلاح المتدفق من كل حدب وصوب.

اقرأ أيضاً: نائب قائد اللواء الثامن بالجيش الروسي.. يقتل في أوكرانيا

فخلال أبريل الجاري فقط، كشفت وزارة الدفاع الأميركية في الثاني منه، عن تخصيصها 300 مليون دولار إضافية على شكل "مساعدة أمنية" لأوكرانيا بغية تمكين قدراتها الدفاعية، وذكر الناطق باسم الوزارة جون كيربي ضمن بيان، إن "هذا القرار يؤكد التزام الولايات المتحدة الراسخ بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، دعماً لجهودها البطولية لصد الحرب" التي شنتها موسكو.

كما أوضح حينها، أن "الولايات المتحدة التزمت الآن، بأكثر من 2,3 مليار دولار من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، منذ تولي إدارة بايدن السلطة، بما في ذلك أكثر من 1,6 مليار دولار من المساعدات العسكرية منذ الهجوم غير المبرر من جانب روسيا".

المقاومة تؤتي أكلها في كييف

وبالتوازي، مع تدفق السلاح وتمكن الأوكرانيين من المقاومة، كشفت غانا ماليار، مساعدة وزير الدفاع الأوكراني في الثاني من أبريل، أن الأوكرانيين استعادوا السيطرة على منطقة كييف بكاملها، بعد انسحاب القوات الروسية من مدن رئيسية قرب العاصمة، وذكرت إن "إيربين وبوتشا وغوستوميل ومنطقة كييف بكاملها حررت من الغزاة"، علماً أن كل تلك المدن، شهدت فعلاً معارك طاحنة منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير.

ووقتها، كشف الاوكرانيون دفن قرابة 300 شخص "في مقابر جماعية" في بوتشا، وفق ما ذكر رئيس بلديتها أناتولي فيدوروك، الذي نوه لذلك بالقول: "في بوتشا، قمنا بدفن 280 شخصاً في مقابر جماعية لأن ذلك كان مستحيلاً في المقابر الثلاث التابعة للبلدية كونها على مرمى من قصف الجنود الروس".

اقرأ أيضاً: أوكرانيا تطلب مساعدة مالية بقيمة 50 مليار دولار من G7 

تلك النتائج الإيجابية للقوات الأوكرانية، رفعت من معنويات حلفائها، لتجدد إعلانات تسليح الأوكرانيين، إذ أفادت صحيفة "تايمز" البريطانية في الثالث من أبريل، بأن لندن تعتزم إرسال أسلحة إلى أوكرانيا تشمل صواريخ مضادة للسفن، من أجل "الدفاع عن مدينة أوديسا"، ونقلت الصحيفة عن مسؤول بريطاني رفيع قوله: "الأوكرانيون طلبوا المساعدة عبر إمدادهم بأسلحة فتاكة من أجل منطقة البحر الأسود، لدينا قائمة بما يحتاجونه، ونحاول قدر الإمكان تقديمها إليهم"، كما أوضحت أن لندن، تعتزم إرسال صواريخ مضادة للسفن تستخدمها البحرية الملكية البريطانية، وهي مزودة بأجهزة استشعار يمكنها استهداف السفن المتمركزة قبالة سواحل أوكرانيا.

بالتوازي، كشف البنتاغون بأن حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية بقيمة 800 مليون دولار قد بدأت تصل إلى أوكرانيا، وفي بيان له كشف رئيس المكتب الإعلامي لوزارة الدفاع الأمريكية جون كيربي، أن الولايات المتحدة قريبة من إتمام إرسال حزمة إضافية من المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا تقدر بـ 200 مليون دولار.

أسلحة نوعية لأوكرانيا

في حين شدد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، في الخامس من أبريل، على أنه سيجري نقل طائرات مسيرة إلى أوكرانيا في أقرب وقت، لافتاً إلى أن واشنطن تقوم ببعث مساعدات إضافية بقيمة مليار دولار، وأردف أن الولايات المتحدة سترسل نوعاً مختلفاً من الطائرة بدون طيار Switchblade التي لها رأس حربي مضاد للدروع، وفق ما أوردت وكالة "رويترز"، موضحاً كذلك، خلال جلسة استماع للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب أن Switchblade 300 و600 ستتحركان بأسرع ما يمكن.

اقرأ أيضاً: أوكرانيا.. تواصل موجات اللجوء نحو بولندا وألمانيا

وفي إطار استفزاز موسكو، وجعلها تشعر بقلة حيلتها في أوكرانيا، عدّ أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي في السابع من أبريل، أن روسيا لم تترك العاصمة الأوكرانية كييف أو ضواحيها بإرادة حرة، بيد أنها دفعت ذلك دفعاً للخروج من قبل الأوكرانيين باستعمال أنظمة دفاعية قدمتها واشنطن، ذاكراً إن التركيز في الوقت الراهن، ينصب على التأكد من إمداد أوكرانيا بأنظمة دفاعية يمكنها استخدامها الآن وبفعالية، مضيفاً أن بلاده تدرس كذلك تزويد أوكرانيا بأنظمة أخرى وصفها بأنها "أكبر وأكثر تعقيداً".

تهرب روسي من الإقرار بالفشل

بينما زعم المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو من أصدر أمراً بسحب قوات الجيش الروسي من مقاطعة كييف لتهيئة ظروف مواتية للمفاوضات كبادرة حسن نية، وأضاف بيسكوف في حوار مع قناة "LCI" الفرنسية، متحدثاً عن انسحاب القوات الروسية من منطقة كييف، أن هذه كانت بادرة حسن نية لتهيئة ظروف مواتية للمفاوضات مع كييف، يمكن خلالها اتخاذ قرارات جادة.

اقرأ أيضاً: زيلينسكي يدعو ماكرون إلى زيارة أوكرانيا.. سيتأكد بنفسه من "جرائم الإبادة"

وقال بيسكوف: "من أجل خلق ظروف مواتية للمفاوضات، أردنا أن نقدم بادرة حسن نية، يمكننا اتخاذ قرارات جادة خلال المفاوضات، لذلك أمر الرئيس (فلاديمير) بوتين قواتنا بمغادرة المنطقة (منطقة كييف)"، وهو ما شكك به كثير من المتابعين، باعتبار أن موسكو لا ترحم في هجومها، وتفعل كل ما تستطيع للتقدم والسيطرة.

السلاح إلى أوكرانيا.. تأكيد أمريكي وامتعاض روسي

ومع مواصلة الحرب، وتحجيم التقدم الروسي على الأرض، بجانب تكبيد جيش بوتين خسائر جمة في العتاد والأرواح، قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، في العاشر من أبريل، إن الولايات المتحدة ملتزمة بتزويد أوكرانيا "بالأسلحة التي تحتاجها" للدفاع عن نفسها ضد روسيا، وإن إدارة بايدن سترسل المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا لمنع روسيا من الاستيلاء على المزيد من الأراضي واستهداف المدنيين، في هجمات وصفتها واشنطن بأنها جرائم حرب.

وتابع لشبكة إيه.بي.سي نيوز: "سنزود أوكرانيا بالأسلحة التي تحتاجها لصد الروس ومنعهم من الاستيلاء على المزيد من المدن والبلدات التي يرتكبون فيها هذه الجرائم"، وفي حديثه لاحقا على قناة إن.بي.سي نيوز، قال سوليفان إن الولايات المتحدة "تعمل على مدار الساعة لتسليم أسلحتنا.. وتنظم وتنسق تسليم أسلحة من العديد من البلدان الأخرى".

اقرأ أيضاً: أوكرانيا تعرض مقطع فيديو لحليف بوتين المحتجز.. بادلوني

تصريحات اثارات امتعاض موسكو، التي بدأت تشعر بأن سجاد الحسم العسكري السريع، سحب عملياً من تحتها دون أن تشعر، لتبعث وزارة الخارجية الروسية في الخامس عشر من أبريل، مذكرات احتجاج إلى الدول التي تقدم المساعدات العسكرية لأوكرانيا وتزودها بالأسلحة، حيث قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في حديث لوكالة "نوفوستي" الروسية: "نعم، أرسلناها"، وذلك رداً على طلب التعليق على تقرير صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بهذا الصدد، وأضافت أن المذكرة تم توجيهها إلى جميع الدول التي تزود أوكرانيا بالسلاح.

وعليه، يبدو أن حلفاء أوكرانيا الغربيين، شقلبوا فعلياً خطط موسكو التي كانت ترمي للقضاء على حكم زيلينسكي في وقت قياسي، عبر استهداف رأس النظام، وترك الجسد ليفقد القوة والحياة بشكل آلي، لكن الآن، تظهر روسيا وكأنها قد غاصت في رمالٍ متحركة، وإنها تغوص أكثر، كلما تحركت أكثر، فيما الوقت يحتسب عليها، لا لها.

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!