-
ابن نائب رئيس الائتلاف لا يعرف ما يجري في سوريا؟!
لا أنكر أنّي لم أكن قد سمعت مسبقاً باليوتيوبر السوري أنس مروة، ذي السبعة ملايين متابع على اليوتيوب، وحتى أنّ أباه نائب رئيس الائتلاف لم يكن عالقاً في ذهني سابقاً، رغم مروره مروراً عابراً أمام ناظري في الفضائيات العربية، ولكنه الآن قد علق، ولكن بأيّ صورة؟ فأغلب المنتقدين لحفلة معرفة جنس المولود على برج خليفة في دبي ينطلقون من نقطة أنّ أباه عضو في الائتلاف، ولولا ذلك لم أثار الموضوع كل هذا اللغط.
بكل الأحوال، من حق الإنسان أن يفعل ما يشاء ويصرف أمواله أين وكيفما يشاء، لطالما أنّها كسبه ولم يسرقها من أحد، ولكن النظرة إلى الموضوع من زاوية موسعة ترينا أنّ والد أنس، عضو هيئة التفاوض الحالي، لطالما تباكى من خلال الفضائيات على المخيمات السورية وأحوال الناس فيها، فماذا سيقول ساكنو الخيام التي لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، وهم يرون أنّ ابن من يدافع عنهم يدفع 95 ألف دولار كي يكشف جنس الجنين في بطن أمه اليوتيوبر أيضاً، والتي تشارك زوجها في نشر تفاصيل حياتهم اليومية؟.. كشف أتى باللون الأزرق للدلالة على أنّ الجنين ذكر، ولو جاء باللون الوردي لكان إشارة على أنّ المولودة أنثى.
وكل هذه العملية تأتي عبر استخدام الإسقاطات الضوئية على برج خليفة لمدة ثلاث دقائق فقط، ولكن المبلغ المدفوع كان يمكن أن يبني عدة مدارس أو مراكز صحية أو حتى يأمن وقود التدفئة لعدة مخيمات، في الشمال السوري المنكوب.
يُقال أنّ اليوتيوبر لم يدفع هذا المبلغ، إنما هي دعوة وجهت له من إدارة البرج دون أن يدفع المال، فيما تكاليف كل هذه الفعالية بلغت حوالي 350 ألف دولار، لا ندري من دفعها كلها، خصوصاً أنّ الحفل ضم نخبة كبيرة من صانعي المحتوى العرب.. محتوى وأيُّ محتوى؟ ولكنه على كل حال يتنوع بين المكياج والأزياء والألعاب والرحلات والطبخ.
في المقارنة بين أنس والطباخ التركي بوراك، كتب الصحفي نضال معلوف على صفحته في الفيسبوك: “هناك طباخ شهير في تركيا، اسمه “بوراك” (burak) مشهور جداً على السوشيال ميديا، ينشر تقريباً يومياً مقاطع مصورة عن عمله، تحظى بملايين المتابعات ولديه ٢٥ مليون متابع على تيك توك، سر نجاحه البساطة والاجتهاد.. وعندما يريد أن يصرف مزيداً من الأموال على الإعلان، فإنّه يختار طريق فعل الخير.
لا شك بأنّه يستفيد من هذا النوع من الأعمال، ولكن في نفس الوقت لا يبدّد مبالغ ضخمة على فقاعة ضوء تتلاشى في ثلاث دقائق.. أعتقد بأنّه مثال جيد لكي نتعلّم منه”.
حقيقة بعد هذه الفعالية، دخلت إلى قناة الزوجين فما وجدت شخصياً شيئاً يثير الاهتمام، ولكنها ظاهرة عالمية، بدأت مع تلفزيون الواقع في الولايات الأمريكية المتحدة وأوروبا، الذي يبث التفاصيل اليومية كاملة للمشاركين، وينشر الخصوصيات التي تثير معرفتها اهتمام المشاهدين.
ومنها انتقلت إلى عالمنا العربي، كستار أكاديمي وقسمة ونصيب وغيرهم، ثم بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح تلفزيون الواقع أكثر سهولة مع اليوتيوبرز الذين يشاركون الناس كل أحوالهم، فمنهم من حقق جماهيرية كبيرة عبر هذا الموضوع، وبالتالي أرباحاً مالية ضخمة، يقال أنّ عدد التي المشاهدات فاقت حتى الآن 11 مليون التي حظي بها فيديو تحديد الجنس، وستدرّ على صاحبها مبلغاً يقارب الـ11 ألف دولار، من إدارة يوتيوب التي تدفع لمن يحظون بنسب مشاهدة كبيرة، مقابل بثّ الإعلانات داخل فيديوهاتهم، وبالتالي هي ليست فقط للترفيه، بل هي صناعة تدرّ أموالاً طائلة على الناجحين بها.
هذا السبب الذي جعل الكثير من الناس يلهثون وراءها ويكشفون كل خصوصياتهم أمام الكاميرا، ويفتعلون المشاكل والمشاجرات حتى يزيدوا من متابعيهم.
ولكن هذا المحتوى لا يدعو فقط للتسطيح والابتذال، بل يشجع الناس خصوصاً الشباب على أن يركضوا مشمرين في هذا المضمار فرادى وزرافات، دون أي اعتبار للقيم والمبادئ والقضايا الكبرى، ويبتعدوا عن كل ما يدعو للتفكير بمعمق بمشاكلنا وحلولها، فكل فيديوهات ابن نائب رئيس الائتلاف ال220 ذات مئات ملايين المشاهدات لا تشير من قريب ولا بعيد للوجع السوري، وكأنّ أنس مروة قد وُلد في جزر الكناري، لا يعرف ماذا يجري في مسقط رأسه، ولم يسمع الابن أباه ولا مرة وهو يتباكى على السوريين في المخيمات وفي سجون النظام.
ليفانت – مصطفى عباس
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!